لكل السوريين

من ذاكـــرة التاريخ ملاحـم خـالدة

الملحمة قصيدة قصصية طويلة تدور أحداثها غالباً حول بطولات فائقة لأشخاص غير عاديين، وتتناول حكايات نشأة شعب ما منذ بداية تاريخه، أو قائع ذات دلالة على هوية أمة من الأمم.

وهي مصطلح أطلق للمرة الأولى على ملحمتي الإلياذة والأوديسة، ثم أطلق على أعمال أخرى،

والشعر الملحمي من الأجناس الأدبية القديمة، وقد عرفه اليونانيّون القدماء وكان وسيلتهم في تسجيل الأحداث التاريخية التي مرت عليهم.

وغالباً ما تركز الملحمة على القيم المطلقة كالشجاعة والشرف والمروءة والتضحية من أجل الآخرين والدفاع عنهم ضد الشدائد، وتنتقل من جيل إلى آخر عن طريق المدوّنات المكتوبة على ألواح طينية، أو حسب أساليب الكتابة المتّبعة في كل عصر.

وأبطال الملحمة من البشر الذين يحظون بأهمية تاريخية بالغة، وتتمازج أعمالهم أحياناً، مع أعمال بعض الكائنات الأخرى مثل الآلهة والشياطين والوحوش.

أحداث الأوديسة

تنقسم ملحمة الأوديسة إلى أربعة وعشرين جزءاً، سرد فيها الشاعر هوميروس رحلات تيه الملك أوديسيوس ومغامراته وعودته إلى موطنه.

ولا تدور أحداثها حول قصة واحدة، وإنما تضمنت مجموعة من القصص في عدة أناشيد، وهي نوع من أنواع القصص الشعبية، حيث تحتوي على قصص قصيرة حول العودة إلى الوطن، وتقدمها على شكل ومضات روائية.

وركزت الملحمة على الملك اوديسيوس، ورحلة عودته التي استغرقت عشر سنوات ليصل إيثاكه التي غادرها قبل عشرين عاماً ليشارك في حملة ملوك اليونان وجيوشهم وأبطالهم في مواجهة طروادة.

وأثناء غيابه أعلن نبأ موته، وكان على زوجته الوفية بنلوبه وابنه تلماخوس أن يتعاملوا مع مجموعة الخطّاب الطامعين بها الملك للوصول إلى العرش والثروة.

امتدت أحداث الملحمة على عشر سنوات من التيه، لكنها لم تسرد الأحداث وفق تتابعها الزمني، بل ضغطت زمن السرد إلى حده الأدنى.

فالمدة الزمنية بين توديع أوديسيوس الحورية كاليبسو التي احتجزته سبع سنوات في جزيرتها بعد أن تحطمت سفينته، حتى وصل إلى إيثاكه لا تتجاوز أربعين يوماً.

أما المدة التي تسبق هذه الأحداث وما تخللها من مغامرات عجيبة، فعرضتها الملحمة بشكل غير مباشر، من خلال استعادة أوديسيوس للأحداث وقصِّها على الملك ألكينوس وابنته في بلاد الفاياكيين الواقعة بين اليونان وإيطالية، ومن خلال أغاني بائع متجول.