لكل السوريين

لقي حتفه بين أعمدة تدمر.. من هو حارس المدينة التاريخية الذي أعدمه داعش؟

حمص/ بسام الحمد  

ربما أكثر الأخبار خلال الحرب صدمةً، “مقتل مدير آثار مدينة تدمر السورية خالد الأسعد”، غير أن الفاجعة فجيعتين، الأولى بوفاة عالم أثار فريد، والثانية بالوحشية التي قتل بها رجل ثمانيني.

صباح 18 آب 2015 انتشرت على وسائل التواصل صورة صادمة لجثة مقطوعة الرأس معلقة على أحد أعمدة الإنارة في طريق رئيسي بمدينة تدمر السورية، (واحدة من أهم الممالك السورية القديمة التي ازدهرت بشكل خاص في عهد ملكتها زنوبيا تبعد 215 كيلو متر شمال مدينة دمشق).

أسفل الجثة لوحة ورقية بيضاء عليها بقع من دم، وعليها لائحة الاتهام التي بسببها قتل الرجل صاحب الـ 81 حولا، وكأن القدر أراد أن تكون تلك الورقة البيضاء الملطخة بالدماء شاهدة على واحدة من أفظع جرائم تنظيم “داعش” الإرهابي.

خالد الأسعد الذي ولد في العام 1934 تعرفه أعمدة تدمر، وحجارتها تميز رائحته، وتماثيلها تنام بين يديه، وزنوبيا أعطته أسرارها، يملك رصيد ضخم من الأبحاث والكتب والمراجع التي توثق تاريخ هذه المدينة الأعجوبة (تدمر) التي تشبه متحفا في الهواء الطلق.

قتل خالد الأسعد، بوحشية تبدو عادية على التنظيم الإرهابي، وتهمته أنه يعمل “مدير لأصنام تدمر الأثرية” إلى جانب باقي التهم التي سجلتها لوحة الدم “موالاة النظام السوري، زار إيران مهنئا بانتصار ثورة الخميني، متواطئ مع المخابرات السورية وعلى علاقة مع مدير المكتب الأمني في القصر الرئاسي العميد حسام سكر”.

عمل مع عدة بعثات أثرية أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية وغيرها خلال سنوات عمله الطويلة، ونال عِدة أوسمة محلية وأجنبية. وكان يتحدث عدة لغات أجنبية بالإضافة لإتقانه اللغة الآرامية (لغة سورية الطبيعية قبل آلاف السنيين) وكان له حوالي 40 مؤلفاً عن الآثار في تدمر وسوريا والعالم.

عمل في العام 1963 رئيس دائرة الحفريات في المديرية العامة للآثار والمتاحف في وزارة الثقافة، ومنذ 1963-2003 مدير آثار ومتاحف تدمر في المديرية العامة للآثار والمتاحف.

كان رئيساً أو مشاركاً في بعثات التنقيب والترميم العاملة بتدمر وبعثات أجنبية ووطنية ومشتركة، كالمشروع الإنمائي التدمري خلال الفترة بين 1962-1966، حيث اكتشف القسم الأكبر من الشارع الطويل وساحة المصلبة (التترابيل) وبعض المدافن والمغائر والمقبرة البيزنطية في حديقة متحف تدمر واكتشاف مدفن بريكي بن أمريشا (عضو مجلس الشيوخ التدمري).

وكان مدير البعثة الوطنية للتنقيب والترميم في تدمر وباديتها، ومدير الجانب السوري في جميع البعثات السورية والأجنبية المشتركة العاملة في تدمر (السويسرية – الأمريكية – البولونية – الفرنسية – الألمانية).

في عام 1988 عثر على منحوتة حسناء تدمر الرائعة الجمال، وكذلك مدفن أسرة بولحا بن نبو شوري، ومدفن أسرة زبد عته، ومدفن بورفا وبولحا، ومدفن طيبول؛ كما أشرف على ترميم بيت الضيافة عام 1991م.

وكان له الشرف مع البعثة الوطنية الدائمة للتنقيب والترميم في تدمر بإعادة بناء أكثر من 400 عمود كاملاً من أروقة الشارع الطويل ومعبد بعلشمين ومعبد اللات وأعمدة ومنصة وادراج المسرح، وكذلك الأعمدة التذكارية الخمسة المعروفة، إضافة لإعادة بناء المصلبة وأعمدتها الستة عشرة الغرانيتية لمدخل حمامات زنوبيا، ومحراب بعلشمين، وجدران وواجهات السور الشمالي للمدينة، وترميم أجزاء كبيرة من أسوار وقاعات وأبراج، وممرات القلعة العربية (قلعة فخر الدين) وتركيب جسر معدني فوق خندقها وافتتاحها للزوار؛ ثم ترميم السوار الخارجية والأبراج في قصر الحير الشرقي بطول 3000 متراً بارتفاع وسطي 3 أمتار وإعادة بناء 20 عمود مع تيجانها في الجامع (جامع هشام)، إضافة لبناء بيت الضيافة في الموقع عام 1966م، وقام بربط الموقع بطريق اسفلتي معبدة عام 2000م.

للأسعد حوالي 40 مؤلفا عن الآثار في سوريا والعالم، عمل مع عدة بعثات أثرية أمريكية و فرنسية و ألمانية و إيطالية وغيرها خلال سنوات عمله الطويلة ونال عدة أوسمة محلية و أجنبية.

فيما لم يُعثر على جثمانه حتى الآن، ولا يزال نجله يبحث عن بصيص أمل، بالعثور عليه عن طريق تطابق الحمض النووي DNA.