لكل السوريين

نعومة الأظافر تتحطم في اسوق إدلب.. الاطفال بين لقمة العيش والاعمال الشاقة

بعد انتهاء العام الدراسي لعام 2023، يتوجه الألاف من الاطفال السوريين إلى اسواق العمل، على الرغم من صغر سنهم إلا انهم اليوم اصبحوا مجبرين على العمل تحت كل هذا الضغط العالي، وتحمل اعباء الحياة وحمل مصاريف اهاليهم.

في جولة لمراسل “السوري” داخل أسواق إدلب، يؤكد زيادة عدد الاطفال بشكل فضيع بعد أغلاق المدارس، فقد توزع الاطفال بين محال تصليح السيارات او غسيلها او تصليح الاطارات، ومن المعلوم ان مثل هذه الاعمال تعتبر شاقة على اطفال بهذا العمر.

فيما انقسم الاخرون بين الحلاقين والمطاعم والمحلات التجارية، فقد اصبح الكثير منهم مجبر على الانفاق على نفسه او على ذويه اذ كان بوسعه، فقد يفضل الاهالي عمل الاطفال على الدراسة، لكن حبهم للتعليم هو من يجعلهم يواصلون في تعليمهم حتى اليوم.

وفي حديثنا مع أحد الاطفال والبالغ من العمر 10 سنوات، الطفل خالد الذي يعمل بتصليح الاطارات، يقول للسوري: “أول عن آخر دراستي ما راح تنفعني واخرتي راح افتحلي شي محل اشتغل فيه وأمن في مستقبلي ومستقبل اهلي”.

وأضاف: “اليوم انا في الصف الرابع وأريد مواصلة التعليم، مع انو اهلي كل يوم يقولوا اترك المدرسة وتعلم مصلحة، وأهل الجامعات شو ستفادو منها، لكن حبي للتعليم يدفعني للموصلة وانا راح اضل اشتغل واتعلم لبين ما أكبر وأحمل شهادة.

أما حسين البالغ 13 عام الذي يعمل صانع على يد احد الحدادين المعروفين في إدلب؛ قال: “أعمل منذ الصباح الباكر، بأكثر من ثمان ساعات يومياً، بأجر لا يتجاوز ال30 ليرة تركية أي ما يعادل دولارً واحدً، لكن هدفي الوحيد هو تعلم المصلحة”.

ويقول حسين؛ “على الرغم من فقدي احد اصابع يدي اثناء العمل، إلا أن حلمي الوحيد هو امتلاك محل وان اكون من امهر الحدادين في اسواق ادلب، وأن استطيع شراء كل حاجيات البيت ومستلزماته، إضافة إلى ان اجمع المال من أجل ارسال امي إلى الحج”.

ويعتبر العمل بمهنتي الحدادة و النجارة من اصعب الاعمال التي يقوم بها الاطفال في عموم سوريا، لخطورتها على حياتهم وعدم تحمل بنيتهم الجسدية لضغط العمل أو أشعة الشمس الحارة.

ويقول احد الاطباء والباحث في شؤون الطفل، أن وجود الأطفال في بيئة عمل غير مناسبة ولاسيما المهن الصناعية، والحدادة، وأعمال البناء الشاقة، تعرضهم إلى مخاطر جسدية وأضرار نفسية، وتزيد من نسبة تعرضهم إلى العنف، والإصابات الجسدية والاستغلال من قبل أصحاب العمل، إذ يفضل كثير منهم الأطفال الصغار بسبب أجرتهم الزهيدة، ونشاطهم وخفة حركتهم وبالتالي يتم استغلالهم في أعمال غير مناسبة لهم.

كما يؤدي العمل في سن مبكرة إلى حرمانهم من حقهم في التعليم، ويعد سبب رئيسي لتسربهم من المدارس، إذ كلما زادت نسبة الأطفال العاملين، زادت نسبة التسرب من المدارس، حسب ما تؤكده منظمة اليونيسيف في تقريرها الصادر عام 2019، وقدرت عدد الأطفال المتسربين في سوريا حوالي مليوني طفل، أي أكثر من ثلث الأطفال السوريين هم خارج المدرسة، ويواجه 1.3 مليون طفل خطر التسرب المدرسي.

إذ أن جميع الأطفال الذين انخرطوا في سوق العمل، قد تركوا التعليم، وذلك نتيجة تردي الأوضاع المعيشية لذويهم، واضطرارهم إلى العمل من أجل مساعدتهم في تأمين مستلزمات الحياة اليومية، وسط الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها المنطقة عموماً.

وكشفت سنوات الحرب الماضية عن نسب كبيرة من توجه الأطفال إلى سوق العمل سواء في مناطق سيطرة النظام، أو في الشمال السوري، وذلك بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية لغالبية المواطنين، وفقدان المعيل، ما جعل الحمل على الأطفال كبيراً جداً.