تقرير/ مرجانة إسماعيل
يعيش القطاع الصحي في سوريا وضعاً كارثياً، حيث تعاني المستشفيات الحكومية في دمشق من انهيار متسارع في الخدمات الطبية، وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات.
المشكلة لا تتعلق بالكفاءات الطبية، بل بأمور خارجة عن السيطرة، حيث أن أكثر من نصف الأجهزة متوقف عن العمل، مما يزيد من معاناة الكادر الطبي ويحد من قدرته على علاج المرضى وإجراء العمليات الجراحية.
رغم استمرار وصول المساعدات الإنسانية من الدول والمنظمات، خصوصاً الشحنات الطبية التي تم الدفع بها خاصة بعد الثامن من ديسمبر الماضي، إلا أن ما يصل لا يكفي. فبحسب العاملين في القطاع الصحي، تبقى الحاجة ملحة لتوفير المستلزمات والأجهزة الطبية الحديثة وتحديث تلك التي قد انتهى عمرها التشغيلي ولم تتطور بفعل العقوبات وانعدام التمويل الذي عقد الأمر أكثر.
وبما أن الخدمات الصحية لا تقوم فقط على الأبنية وحدها، بل ترتكز على أعمدة الكادر الطبي. وهنا تكمن مشكلة أخرى، فآلاف الأطباء والممرضين غادروا سوريا إلى الخارج خلال الأعوام الماضية بحثاً عن ظروف معيشية أفضل، مما ترك فراغا في القطاع الصحي، فيما التعويل اليوم على استعادة بعض من هذه الكوادر بخبراتهم المتراكمة.
في ظل هذا الواقع، تواصل سلطة دمشق الحديث عن خطط تطويرية خلال الأشهر المقبلة، لكنها تواجه تحديات جمة، منها الفساد الإداري والذي يزيد من تعقيد المشهد، بينما تضم المنظومة الصحية أكثر من 80 ألف موظف، وهو رقم كبير مقارنة بحجم الاحتياجات الفعلية، ما يجعل مسألة الكفاءة وإعادة الهيكلة ضرورية.
ويعاني القطاع الصحي السوري بسبب بنيته المتهالكة على مستوى المرافق الطبية والمعدات، فضلاً عن القدرة الاستيعابية في المستشفيات الحكومية التي تبلغ ذروتها يومياً.
ويشهد مستشفى المواساة، وهو من أكبر المؤسسات الصحية في دمشق، ازدحامًا كبيراً وبشكل يومي جراء الأوضاع المزرية للقطاع الصحي في البلاد. ولا يجد كثير من مراجعي المستشفى غرفاً لتلقي العلاج.
وإضافة إلى ذلك يعاني المستشفى من قدم المعدات والأجهزة الطبية التي انتهى العمر التشغيلي لمعظمها. وتمنع العقوبات التي فُرضت على النظام السابق استيراد أجهزة طبية جديدة.
وكان وفد قطري قد وصل العاصمة السورية دمشق للوقوف على احتياجات القطاع الصحي السوري. وقالت وزارة الصحة السورية عبر حسابها على “تلغرام”، في وقت سابق، إن القائم بأعمال الوزارة ماهر الشرع استقبل وفداً من الهلال الأحمر القطري وسفير الدوحة لدى بلاده.
وأضافت الوزارة: “تم خلال اللقاء الحديث عن الواقع الصحي، وأهم الاحتياجات اللازمة لدعم القطاع الصحي في سوريا”.
وقالت متحدثة منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس قبل أيام، إن هناك حالياً أكثر من 15 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية في سوريا. وفي حديث لها، ذكرت هاريس أن المنظمة دعمت السوريين منذ بداية الحرب عام 2011، وما زالت تواصل تقديم المساعدات الإنسانية.
وأضافت: “هناك أكثر من 15 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، ومن بينهم ملايين السوريين النازحين داخلياً”. وأردفت: “تعرضت معظم المرافق الصحية لأضرار، وتجاوزت قدرتها على استقبال المرضى، أو ببساطة تعاني من نقص التمويل”.
وذكرت أن المنظمة العالمية وسعت قدرة المستشفيات العاملة بسبب العدد الكبير من المصابين الذين يحتاجون إلى الرعاية، وتابعت: “نحاول توفير الرعاية الصحية في الأماكن التي يرتفع فيها عدد النازحين، ونرسل فرقاً طبية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها”.
ولفتت إلى وجود فجوة كبيرة في التمويل، والحاجة إلى شراء كميات كبيرة من المعدات والمواد الطبية، وذكّرت بأن نظام الرعاية الصحية بسوريا تدهور منذ مدة طويلة، وأن العديد من مرافق الرعاية الصحية تعمل دون المستوى.
وأشارت متحدثة المنظمة إلى عدم وجود حلول سريعة في سوريا، متابعة بأن العديد من السوريين سيعودون إلى بلادهم بخبرات. وشددت على أن عودة النظام الصحي إلى حالته السابقة تعتمد على حسن النية والتصميم.