لكل السوريين

رغم التطمينات.. العلويون يخشون دفع فاتورة ولائهم للنظام المخلوع

حمص/ بسام الحمد

يسيطر القلق على أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد أيام من حملة أمنية للسلطات الجديدة في حمص، ثالث أكبر مدن سوريا، بحثاً عن فلول النظام، اعتُقل على أثرها المئات.

في وسط حمص، تضجّ السوق بسكّان أتوا لشراء الفاكهة والخضراوات من باعة وسط مبانٍ ينخرها الرصاص. لكن عند مداخل الأحياء ذات الغالبية العلوية، وقف مسلحون بلباسهم العسكري عند نقاط تفتيش أقيمت حديثاً بعد رفع حظر للتجول هذا الأسبوع.

بعد سقوط نظام الأسد سادت مخاوف داخل الطائفة العلوية التي كانت تمثل غالبية قوام الجيش والأجهزة الأمنية، إذ تخشى الطائفة من التعرض لعقاب جماعي بسبب ما يُنسب لها من تجاوزات قام بها بعض منتسبيها بحق الأكثرية السنية على مدى أكثر من 50 عاماً.

وتسود في المناطق العلوية حالة من الرعب والارتباك، حيث تنتشر تقارير عن عمليات قتل واختفاء وضرب ومضايقات طائفية. وتشكل أعمال العنف هذه ـ إن صحت التقارير ـ اختبارا مبكرا للحكومة السورية الوليدة التي تقودها هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بالأسد بمساعدة فصائل مسلحة أخرى وسارعت إلى التعهد بالتسامح مع الأقليات.

واتّسمت علاقة الطائفة العلوية بنظام الأسد بالولاء والمعارضة في آن واحد. ففي عهد حافظ الأسد ولاحقاً ابنه بشار الأسد، اكتسب العلويون نفوذاً غير مسبوق في الأجهزة العسكرية والأمنية السورية، وشكلوا قاعدة دعم حاسمة للنظام. وقد ساعد هذا الارتقاء من موقعهم المهمش تاريخياً على توطيد العلاقات القوية بين العديد من العلويين وعائلة الأسد.

وقال شخصان من المدينة إن نقطة تفتيش أزيلت بعد شكاوى سكان عقب قيام مسلحين كانوا عندها بسؤال الناس عن طائفتهم. وأفاد أحد سكان حي الزهراء ذي الغالبية العلوية: “ما نعيشه ونلمسه حتى الآن هو واقع الخوف”. وأضاف: في البداية كانت حالات فردية، لكن لا يمكن تسميتها بذلك بعدما كثرت”.

منذ وصولها إلى السلطة في الثامن من كانون الأول، تحاول القيادة الجديدة في سوريا طمأنة الأقليات. لكن يخشى العلويون من ردود فعل عنيفة ضدهم لارتباطهم الطويل بعائلة الأسد. ونفت السلطات أن تكون ارتكبت أي انتهاكات.

وفتحت الإدارة الجديدة للبلاد بعد إطاحتها الأسد، مراكز تسوية في مختلف المدن السورية، ودعت الجنود السابقين إلى تسليم أسلحتهم.

كشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الأسبوع الماضي أنه تم توقيف 1800 شخص على الأقل في مدينة حمص وريفها، غالبيتهم من العلويين.

ومنذ إطاحة الأسد، تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في أرجاء سوريا. وسجّل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 150 علوياً مذّاك، لا سيما في محافظتي حمص وحماة.

ولُقّبت مدينة حمص الواقعة في وسط البلاد في بداية النزاع الذي اندلع عام 2011، بـ”عاصمة الثورة”؛ فقد كانت من أوائل المدن التي نزل فيها الناس إلى الشوارع للتظاهر.

وتعرّضت الاحتجاجات في هذه المدينة خصوصاً لقمع شديد، ووصل فيها العنف الطائفي إلى ذروته خلال الحرب. وتضمّ حمص غالبية من المسلمين السنّة، فضلاً عن أقلية علوية ومسيحية.

وفي الأيام الماضية، أظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت مسلحين يجمعون رجالاً في حمص ويأمرونهم بالجلوس القرفصاء.

وفي طرف آخر من المدينة، يُخيم الدمار على جوانب طرقات حي باب عمرو معقل فصائل المعارضة الذي استعاد جيش النظام السوري السيطرة عليه في عام 2012. ولا تزال آثار الرصاص والقذائف ماثلة على جدران المنازل وأبوابها.