لكل السوريين

الحدادة العربية مهنة قديمة تقاوم الاندثار في سوق الحديد بحلب

حلب/ خالد الحسين

عن الدخول في بداية سوق الحديد بحلب لا تكاد تسمع إلا أصوات المطارق تصدح وكأن الحرفيين يعطون موسيقى موزونة لجذب المارة.

ويبدو السوق القديم المسقوف الواقع في الجهة الشمالية الشرقية من قلعة حلب شبه فارغ، فمعظم العمال والورش العتيقة التي تنتشر في السوق ويعود تاريخ بعضها لأكثر من 200 عام مغلقة.

يستذكر “إياد السعيد” مشهد الورش والمحال في باب الحديد قبيل الحرب، حين كان مفعماً بالعمل والحياة على عكس ما تلمسه اليوم من هدوء يصفه الرجل الخمسيني بأنه “قاتل”، ودليل على اقتراب اندثار مهنة تشكيل الحديد وصناعته يدوياً والتي ورثها أباً عن جد.

وببداية العام 2019، أعاد “السعيد” افتتاح ورشته التي تركها بمنتصف 2012 .

وتوقع حينها، أن تعود الأمور ولو تدريجياً وبنسبة 50٪ إلى ما كانت عليه قبل الحرب، “لكن للأسف الأمور تتجه نحو الأسوأ، فحركة العمل محصورة بعدة ورش فقط”.

ويشير الحرفي إلى أن “الظروف الاقتصادية السيئة والإهمال يهدد أحد أهم وأعرق الحرف اليدوية الصناعية في حلب”.

وفي ورشته، يقوم “السعيد” بإعادة تشكيل الحديد وتصنيعه إلى أشكال وأدوات متعددة سواء زراعية أو صناعية، حيث يتم صهر القضبان الحديدية في الفرن المخصص للصهر.

وتوضع القضبان المنصهرة بعدها في قوالب مخصصة أو يتم تشكيلها يدوياً بحسب الأداة المراد تصنيعها سواء معول أو ورفش حفر أو فأس لتقطيع الحطب، بالإضافة لألجمة وأعقلة حديدية خاصة بالخيول وقطع تدخل في تركيب بعض الآلات الصناعية.

وكانت مدينة حلب تعرف بالعاصمة الاقتصادية لسوريا، ولكن خلال الحرب في سوريا، تضررت المدينة اقتصادياً بفعل القتال والقصف ونقل المعامل إلى تركيا، وتوقفت عجلة الاقتصاد وتعرض كثير من أسواقها القديمة للتدمير والحرق والنهب.

ومن بين 130 ورشة ومحلاً لتصنيع الحديد وتشكيله يدوياً، يضم سوق باب الحديد حالياً ٢٠ ورشة فقط.

وفي ورشة مجاورة لورشة شقيقه، يشتكي علي السعيد (47 عاماً) الرجل الأربعيني من ارتفاع السعر المستمر لخام الحديد، إضافة إلى أن التكاليف ترتفع بسبب شراء المحروقات، من السوق السوداء، وسط غياب الكهرباء النظامية.

ومنذ نحو ستة أعوام، بدأ السعيد العمل في ورشته بعد أن قام بتأهيلها وصيانتها، ويشير إلى أن هناك زبائن من العراق والأردن يتواصلون معهم لشراء مستلزمات سواء لمزارع الخيول أو للمزارعين.