ساهمت المحادثة الهاتفية التي أجراها ترامب مع بوتين في إخراجه من عزلته التي فرضها عليه الغرب منذ بدء حربه على أوكرانيا.
وتحدث الرئيس الأميركي مع نظيره الروسي حول وقف الحرب في أوكرانيا، وفتح الباب المفاوضات تمهيداً لوقفها كما تعهد ترامب مراراً.
وقال الرئيسان إنهما يريدان العمل معا من أجل ذلك، وتبادلا الدعوات لزيارة كلا البلدين، فيما تحدثت مصادر من البيت الأبيض عن لقاء مرتقب بينهما في السعودية.
وبعد اتفاقه مع بوتين على بدء محادثات السلام في أوكرانيا، كشف الرئيس دونالد ترامب عن رغبته في عقد قمة ثلاثية مع الزعيمين الروسي والصيني، وأشار إلى أن الصين ستساعد في إنهاء حرب أوكرانيا.
وقال “هذه الحرب ينبغي أن تنتهي وستنتهي سريعاً”، وذكر أن الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات كمساعدات لأوكرانيا في هذه الحرب حتى الآن.
وطالب كييف بما يساوي خمسمئة مليار دولار من المعادن النادرة التي تستخدم في مجال الإلكترونيات، كتعويض عن هذه المساعدات.
ورد زيلينسكي باستعداد بلاده لتلقي “استثمارات من شركات أميركية في معادنها النفيسة”، لكنه أوضح أن جزءاً كبيراً من هذه المعادن موجود في المنطقة التي تحتلها روسيا.
وبينما يضغط ترامب من أجل إنهاء سريع للنزاع، يطالب الرئيس الأوكراني بضمانات أمنية صارمة من قبل واشنطن لتكون جزءاً من أي اتفاق محتمل مع روسيا.
صفقة المعادن النادرة
تناقش واشنطن وكييف صفقة مقايضة المعادن النادرة، باستمرار المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، وتعتبر هذه الصفقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لواشنطن نظراً لهيمنة الصين على سلاسل توريد المعادن النادرة عالمياً، وهي ما تعتبرها الولايات المتحدة ثغرة خطيرة حاولت معالجتها لسنوات عديدة دون جدوى.
ولكن وجود عقبات كبيرة في وجه إنجاز هذه الصفقة قد تحول دون أن تتحقق في وقت قريب، حسب تقرير مجلة فورين بوليسي.
وأشارت عدة تقارير إلى أن أوكرانيا لم تنتج هذه المعادن منذ عقود، وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة للتنقيب والتكرير والمعالجة، كما أدى الوجود الروسي في الأراضي الأوكرانية إلى عدم إمكانية الوصول إلى حوالي نصف احتياطاتها من هذه المعادن.
ويقول خبراء في مجال المعادن النادرة إن تطوير منجم من الصفر يستغرق عادة حوالي 15 سنة، مما يجعل استخراجها وتوريدها بسرعة أمراً مستبعداً.
ويشيرون إلى أن بناء سلسلة توريد مستقلة للمعادن النادرة يتطلب استثمارات كبيرة، وهو أمر صعب في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا وعدم اهتمام مستثمري القطاع الخاص في هذا المجال.
ويشير تقرير مجلة فورين بوليسي، إلى أن الصفقة قد تكون بمثابة أداة سياسية ودبلوماسية في يد زيلينسكي لتأمين دعم الولايات المتحدة، لكن التحديات العملية تجعلها مستبعدة غالباً.
مخاوف أوكرانيا
بين تأكيد ترامب وبوتين استعدادهما لبحث تسوية تنهي الحرب في أوكرانيا، تبدو كييف خائفة من إنهائها لصالح روسيا، حيث قال الرئيس الأميركي أكثر من مرة إن إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب أمر غير واقعي.
وتتعلق أهم مخاوف أوكرانيا بتجميد الحرب وتوقف القتال دون انسحاب روسي من أراضيها، مما يمكن الروس من حشد مزيد من القوات المدربة، وشن الهجوم على أوكرانيا مجدداً، بعد تدارك الأخطاء التي منعتهم من تحقيق أهدافهم في هذه الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وفي هذا الصدد، حذر زيلينسكي من أن روسيا تحشد حالياً نحو مئة ألف جندي استعداداً لجولة جديدة من الحرب إذا ما جمدت الحرب على وضعها الراهن.
ولذلك تبدي أوكرانيا تشدداً لافتاً في مطالبتها بضمانات عدم التجميد أو العودة إلى الحرب، قبل بدء مفاوضات وقفها.
ويؤكد الرئيس الأوكراني أنه “مستعد لأي شكل من أشكال المفاوضات”، وهذا تراجع كبير، لأن القانون الأوكراني يجرم التفاوض مع بوتين منذ أواسط 2022.
لكن شروط زيلينسكي لإجراء المفاوضات تنحصر في أمرين، أولهما عدم قطع الدعم المالي والعسكري عن أوكرانيا، والآخر منحها ضمانات تمنع أي اعتداء روسي عليها في المستقبل.
يذكر أن بوتين حدّد في صيف العام الماضي شروطه لتسوية الوضع في أوكرانيا، ومن ضمنها انسحاب القوات الأوكرانية من مناطق دونباس ونوفوروسيا، وتخلي كييف عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف الناتو، وضمان حقوق وحريات ومصالح الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا بشكل كامل.