منذ سقوط النظام السوري وانهيار القوات الحكومية، باتت أسلحة المواقع العسكرية المهجورة متاحة للنهب دون رقيب، مما أدى إلى انتشارها بكثرة وبشكل عشوائي بين الفصائل المسلحة وعصابات اللصوص وقطاع الطرق، وتسبب بحدوث فوضى أمنية غير مسبوقة تهدد حياة الناس والاستقرار الاجتماعي في المحافظة.
ومازالت حالة الفوضى تتصاعد، رغم أن الأهالي يقومون بمواجهتها، والحفاظ على أمنهم واستقرارهم، ويحاولون إعادة الحياة إلى طبيعتها، وما زالت المحافظة تشهد حوادث اعتداء خطيرة على الممتلكات العامة والخاصة وعلى المواطنين، وكان آخرها اختطاف مدرس في معهد تقنيات الحاسوب، بعد قيامه بضبط طالبة بحالة غش أثناء الامتحانات، وإحالتها إلى اللجنة الامتحانية التي قررت حرمانها من متابعة الامتحان.
فاستدعى والدها مجموعة مسلحة اقتحمت المعهد، واعتدت على الطلاب، واقتادت الأستاذ إلى مكان مجهول، حيث تعرض للضرب المبرح، كما حاول المختطفون إجباره تحت تهديد السلاح على تسجيل مقطع فيديو يعترف فيه بأنه تحرش بالطالبة.
وكان شاب من قرية الهويا شرقي السويداء، قد اعتدى على مدير مدرستها الاعدادية، عندما حاول منعه من الدخول إلى المدرسة لافتعال شجار داخلها، وقام بطعنه بسكين في وجهه، وتم إسعافه إلى مشفى سالي الوطني القريب من القرية.
استياء وبيانات متبادلة
أثارت الحادثتان استياء واسعاً في السويداء بشكل عام، وفي الوسط التربوي بصوره خاصة، وهددت المدارس بإغلاق أبوابها إذا لم تقم الجهات المعنية بحماية المدارس والحفاظ على سلامة وكرامة الهيئة التربوية.
وتعالت الدعوات الشعبية لضمان تطبيق القانون ومحاسبة الجناة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وسارعت حركة رجال الكرامة بالتعاون مع الأهالي، إلى تحرير الأستاذ المخطوف، واحتجاز المعتدي على مدير المدرسة لتقرير مصيره.
واستنكرت عائلة الأستاذ حادثة اختطافه، وأكدت عدم تنازلها عن حقها في محاسبة الجناة،
وأكدت في بيان أصدرته على “أن عدم تسليم الجناة سيؤدي إلى اتخاذ خطوات تصعيدية لاسترداد الحق بالطرق التي تراها مناسبة”، وحمّلت الجهات المعنية مسؤولية أي تطورات.
وردت عائلة الجناة في بيان استنكرت فيه عملية الخطف، ورفعت الغطاء الاجتماعي عن الجناة، وأبدت استعدادها للمشاركة في البحث عنهم وإلقاء القبض عليهم ووضعهم تحت تصرف المرجعيات القانونية والأهلية مع لمحاسبتهم.
واعتبرت العائلة أن ما اقترفه بعض أبنائها جرم يستحق العقاب، وأنها ستكون في مقدمة من يقبض على هؤلاء الجناة ويضعهم تحت الحق، إذا لم يسلموا أنفسهم ضمن المهلة المحددة.
وقفات احتجاجية
نفذت نقابة المعلمين في محافظة السويداء وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، نددت خلالها بالاعتداءات على المؤسسات التعليمية.
وشارك في الوقفة عدد كبير من المعلمين والمعلمات والفعاليات المجتمعية، ورفع المحتجون لافتات تندد بالعنف داخل المؤسسات التعليمية وتطالب بمحاسبة المعتدين.
وأكدت النقابة أن الخطف والاعتداء على معلمين داخل الحرم التعليمي، يمثل تجاوزاً خطيراً للقوانين، وانتهاكاً لحرمة المؤسسات التعليمية، كما أكدت على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة بحق المعتدين لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، وأشارت إلى أن المؤسسات التعليمية “خط أحمر لا يمكن المساس به”. وأن المساس بها أو بكوادرها التعليمية جريمة يجب التصدي لها من قبل كل أطياف المجتمع.
ودعت النقابة إلى تفعيل القوانين التي تحظر دخول السلاح إلى المؤسسات التعليمية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وتجمع عشرات النشطاء ومجموعة من المدرسين في ساحة الكرامة بمدينة السويداء للتعبير عن رفضهم لمظاهر السلاح والعنف، والتنديد بحوادث الاعتداء التي استهدفت المدرسين.
وطالب نشطاء الحراك بإلغاء كافة مظاهر العنف والسلاح المنتشرة في مدينة السويداء، مؤكدين أن هذه الممارسات تهدد أمن المنطقة.
وأكد مئات الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، ضرورة حماية الكوادر التعليمية ورفض كافة أشكال التعدي عليهم.