لكل السوريين

المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بدأت في غزة.. فهل يتم تنفيذ المراحل اللاحقة وماذا عن اليوم التالي

مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، استيقظ سكان قطاع غزة على يوم دون قصف إسرائيلي ودون مجازر، لأول مرة منذ 470 يوماً.

وتظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب لمطالبة حكومتهم بإتمام صفقة التبادل مع حركة حماس حتى يتم الإفراج عن كافة الأسرى.

وفي تعليقه على الاتفاق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة “لاغتنام هذه الفرصة لإطلاق مسار سياسي موثوق به لمستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وللمنطقة برمتها”.

وقال أنطونيو غوتيريش “من الضروري أن يزيل وقف إطلاق النار العقبات الأمنية والسياسية الكبيرة التي تحول دون إيصال المساعدات إلى كل أنحاء غزة”

ومن ناحية أخرى، اعتبر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق غيورا آيلاند، أن حركة حماس انتصرت، وإسرائيل فشلت فشلاً مدوياً في الحرب على غزة.

ولخّص صاحب خطة الجنرالات، الحرب على غزة بقوله “هذه الحرب هي فشل إسرائيلي في غزة، حيث استطاعت حماس منع إسرائيل من تحقيق أهدافها، وتمكنت من البقاء في الحكم”.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن “رجال شرطة حماس ينفذون إعادة انتشار في جميع أنحاء القطاع، وإن حماس تستغل هذه الساعات لتعزيز وإحكام قبضتها وحكمها”.

مراحل تطبيق الاتفاق

ذكرت المصادر الإعلامية أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق المأهولة بالسكان في غزة خلال المرحلة الأولى، وستسمح للنازحين في جنوب غزة بالبدء في العودة إلى الشمال.

وفي المرحلة الثانية، سيتم تبادل لإطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة، بما في ذلك الجنود الذكور، وستنسحب كل القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة، وسيستمر وقف إطلاق النار طالما استمرت المناقشات بشأن الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، حتى لو استمرت أكثر من ستة أسابيع، وسيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائماً.

وتتضمن المرحلة الثالثة والأخيرة، إعادة إعمار غزة، وهو أمر قد يستغرق سنوات عديدة.

وفي هذه المرحلة، سيتمكن النازحون الفلسطينيون من العودة إلى بيوتهم في جميع مناطق غزة،

وأشار مصدر مقرب من حركة حماس إلى أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من ممر نتساريم جنوب مدينة غزة الذي يقسم القطاع الفلسطيني إلى قسمين شرقي غربي، لكنها ستبقى منتشرة على طريق صلاح الدين، المحور الرئيسي الذي يربط الجنوب بالشمال.

كما سيتم نصب حاجز إلكتروني مزود بكاميرات على ممر نتساريم، حيث “لن تتواجد أي قوات إسرائيلية”، بحسب المصدر.

اتفاق متأخر

عندما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، قال إن الاتفاق هو نفسه الذي تقدم به في شهر أيار الماضي.

وحسب موقع إنترسبت الأميركي، رأى خبراء أميركيون من أصل فلسطيني في خطاب بايدن اعترافاً بأن الاتفاق كان من الممكن أن يحدث في وقت مبكر، لتلافي سقوط كثير من القتلى.

ونقل الموقع عن الأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون خالد الجندي، الذي ساعد في التفاوض على الصفقات بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل في الماضي، قوله “إن الاتفاق أمر مرحب به بالطبع، لكنه متأخر للغاية، كان من الممكن التوصل إلى هذا قبل ستة أو سبعة أشهر”.

وشار إلى أن نتنياهو أصر منذ البداية على أن الاتفاق لن يتم قبل تدمير حماس بالكامل، وعرقل التوصل إلى اتفاق بإدخال شروط جديدة، مثل حق جيشه في فحص جميع الفلسطينيين النازحين العائدين إلى شمال غزة، ورفض الانسحاب من ممر فيلادلفيا.

وأعرب الجِندي عن خشيته من أن يستأنف نتنياهو المعارك بعد دخول الصفقة حيز التنفيذ، إذ طالما عطّل التوصل إلى أي اتفاق خشية انسحاب الوزراء اليمينيين المتشددين من حكومته وسقوطها، مما سيعرّضه للمحاكمة.

وقف دائم للقتال

قال البيت الأبيض إن الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين، سيوقف القتال ويزيد من المساعدات لسكان غزة.

وأضاف أن المرحلة الأولى ستكون توقف القتال وبدء الإفراج عن الرهائن وزيادة المساعدات للقطاع.، وأعرب عن أمله أن “يتم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بسلاسة قدر الإمكان”.

وكان الرئيس جو بايدن قد قال في وقت سابق إن وقف إطلاق النار في غزة سيصبح وقفاً دائماً،

وطلب من إدارته أن تبقي إدارة ترامب المقبلة على اطلاع باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ومن جهته، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه لا بد من تنفيذ الاتفاق في غزة بصرامة.

وفي تصريحات متزامنة مع تصريحات أوستن، قال مايك والتز مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي إن الإدارة أوضحت لإسرائيل أنها ستقف معها إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق.

مع دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، برزت مخاوف من أن ينفذ ترامب تعهداته التي قدمها لنتنياهو بسبب موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، المتمثلة في دعمه استئناف الحرب في المستقبل، وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وإلغاء قرارات إدارة بايدن مثل العقوبات ضد المستوطنين الإرهابيين، والعودة إلى مسار التطبيع بحسب “اتفاقيات أبراهام” وتحديداً مع السعودية.

ماذا عن اليوم التالي

في حال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق بكافة مراحله، يبقى اليوم التالي بعد الحرب على غزة غير واضح المعالم، حيث يقول رئيس الوزراء الفلسطيني إن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون القوة الحاكمة الوحيدة في غزة بعد الحرب، بينما ترفض إسرائيل السماح لها بذلك، كما ترفض أن تستمر حماس بحكمها، وتريد الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على غزة بعد انتهاء الصراع.

وحاولت الحكومة الإسرائيلية تجريب عدة صيغ لإدارة قطاع غزة، من بينها الإدارة العسكرية المباشرة، لكن جيش الاحتلال فشل في إدارة عملية توزيع المساعدات في القطاع التي كانت بمثابة التجربة الأولى لهذه الصيغة، كما فشل في إيجاد سلطة بديلة عبر مجموعة من رموز العائلات والعشائر في غزة، وفشلت محاولاته للاتصال مع شخصيات مرشحة للقيام بهذا الدور.

وتعمل تل أبيب الآن مع الولايات المتحدة والإمارات على وضع خطة مؤقتة لإدارة غزة أثناء عمليات إصلاح السلطة الفلسطينية، على أن تتولى السلطة بعد ذلك مهام الحكومة الدائمة.

ولكن بعد وصلت الحرب إلى ما يفترض أن تكون مرحلتها النهائية، لم تتغير طبيعة السلطة في القطاع، وما زالت منظومة القيادة والسيطرة لكتائب القسام تعمل هناك، وبدأت السلطات الأمنية في الظهور مجدداً في القطاع، رغم تنفيذ الجيش الإسرائيلي عمليات اغتيال استهدفت 723 من عناصر أجهزة الشرطة ولجان تأمين المساعدات، وفق آخر إحصائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة الشهر الماضي.

مما دفع معلق الشؤون العربية في قناة 24 الإخبارية العبرية للتساؤل عن جدوى الحرب على غزة بقوله “ماذا فعلنا هنا خلال عام وخمسة أشهر، دمّرنا العديد من المنازل، وقُتل خيرة أبنائنا، وفي النهاية النتيجة هي نفس الصيغة، حماس تحكم، والمساعدات تدخل، والقسام تعود”.