تقرير/ جمانة الخالد
ينتشر تداول القطع المزيفة لجميع فئات الدولار الأميركي، في شوارع العاصمة السورية دمشق وحمص وحماة وسط البلاد، وكذلك انتشارًا لـ “صرافي الشوارع” الذين يتداولون تلك العملات بصورة كبيرة.
ويعمل الصرافون بصورة علنية بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والذي كان يحظر التعامل بغير الليرة السورية.
وتنتشر الدولارات المزورة، والتي تطابق العملة الأصلية بنسبة عالية تصل إلى 95%، حتى وأنها تحمل ذات العلامة المائية والشريط ثلاثي الأبعاد.
ولا يمكن اكتشاف تلك العملات المزيفة والمنتشرة بكثرة إلا من قبل من لديه خبرة في الكشف عن العملات، أو من يحمل عملة مماثلة غير مزورة للمقارنة بينهما.
أما من لديه خبرة فيمكنه الكشف عنها من خلال بعض الاختلافات الدقيقة، قد تظهر عند تسليط الضوء خلف ورقة العملة، حيث يتبين أن الشخصية المطبوعة بالدائرة البيضاء والشريط المخفي ليسا بنفس الدقة التي توجد في الأوراق الأصلية.
وتحولت شوارع وطرقات وسط المدن السورية الثلاث إلى سوقٍ غير رسمي لتجار العملات، فمن يمرّ هناك يجد نفسه أمام مجموعة متراصة من الطاولات الخشبية التي يقف خلفها مجموعة من الأشخاص الذين يتداولون العملات ويعرضونها دون خوف من أي عقوبات قد تُفرض عليهم، وينادون “تصريف.. تصريف”.
ويستغل العاملون بمهنة الصرافة في السوق غير الرسمية هذه الفترة التي يتدفق خلالها الوافدين من مناطق الشمال السوري وتركيا، بالإضافة إلى المغتربين الذين تسارعوا للعودة إلى بلادهم بعد سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما مثّل عاملا أساسيا في رواج هذا السوق.
واعتاد السوريون التعامل مع السوق السوداء منذ عهد النظام البائد، الذي كان يحظر التعامل بغير الليرة السورية إلا عبر القنوات الرسمية في البنوك أو مراكز الصرافة ووفقاً لسعر رسمي لا يعكس وضع الاقتصاد السوري، مما دفعهم إلى التعامل مع هذا السوق كي يلبي احتياجاتهم.
يشار إلى أن عمليات ترويج العملة المزورة انتشرت بكثرة في مناطق سيطرة النظام السابق عقب دخول عقوبات “قانون قيصر” حيّز التنفيذ، لا سيما بعد انهيار سعر العملة السورية.
لعل قيام النظام السابق بطباعة عملات جديدة من الليرة السورية بقيمة 2000 و5000 ليرة غير معترف بها دولياً، فتح الباب أمام تجار السوق السوداء آنذاك وسهّل عملية التزوير وطباعة كميات كبيرة منها وضخها في السوق حتى تلبي احتياجاتهم.
وقبل الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، كان نظام الرئيس الهارب خارج البلاد بشار الأسد يحتكر سوق صرف العملات الأجنبية لصالح خزائنه الشخصية، مستخدماً قراراته الرسمية في تقنين هذا الاحتكار.
انتشار السوق السوداء بشكل عشوائي بعد سقوط نظام بشار الأسد أدى إلى انتشار العملات المزيفة، وكذلك تداولها بأسعار متفاوتة دون الالتفات للسعر الذي يعلنه “مصرف سوريا المركزي”.
هذه الإدارة العشوائية للسوق السوداء، وعدم عملها بشكل نظامي يجعل عوائدها الربحية خارج الخزينة العامة للدولة، خاصة وأن هؤلاء الصرّافينَ لا يقومون بدفع ضرائب.
ويحدد “المصرف المركزي السوري” بشكل شبه يومي سعر مبيع وشراء الدولار مقابل الليرة السورية، وفي آخر نشرة أصدرها، أمس الأربعاء، تراوح التداول عند حد 13,000 ليرة سورية للدولار الواحد شراء، بينما المبيع عند 13,130.