لكل السوريين

تعديلات المنهاج في سوريا.. خطوة أثارت الجدل بين السوريين

تقرير/ اـ ن

عدلت الإدارة السورية المؤقتة المناهج الدراسية في البلاد بعد أقل من شهر على سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وأثار التعديل تسونامي من الاعتراضات والانتقادات، وتم الاجماع على وصفه بالقرار المتطرف والمتهور وظهرت الشكوك والتخوفات من توجهات السلطة الجديدة، وخاصة أن في سوريا مذاهب وطوائف وأديان واعراق متعددة يجب مراعاتها.

وأصدر وزير التربية في الحكومة المؤقتة، نذير القادري، بياناً برر فيه التعديلات بأنها استهدفت ما يتعلق «بتمجيد النظام السابق ورموزه»، و«بعض المعلومات المغلوطة» في مناهج التربية الدينية، زاعماً أن «المناهج الدراسية في جميع مدارس سوريا ما زالت على وضعها حتى تشكل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها»، الأمر الذي تم تفسيره بأنه تراجع ضمني عن القرار غير أن الواقع يؤكد إصرار الوزارة على استكمال إجراءاتها، التي ترسم تصوراً مبدئياً لشكل المناهج السورية مستقبلاً والتي ستسعى لمحو تاريخ البلاد بما فيه من مقاومة للاحتلالين العثماني والفرنسي، وربما تمجيد فترة «الخلافة العثمانية»، كونها تشكل «قدوة» لقيادة سورية جديدة منحت تركيا سطوة غير مسبوقة على سوريا.

ومنذ نشره، أثار القرار انتقادات غاضبة واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي ما بين ساخر على بعض التعديلات وبين متسائل عن أسباب قيام الحكومة باتخاذ مثل هذه القرارات رغم كونها “حكومة تسيير أعمال”.

وتضمنت التغييرات، بحسب بيان نشرته وزارة التربية والتعليم على صفحتها على موقع “الفيسبوك”، حذف أي إشارة تدل إلى شخصيات تعود في النظام السوري السابق أو حتى بعض العبارات مثل “حماة الديار عليكم سلام” من النشيد الوطني، وأيضاً حذف العبارات المتعلقة بالآلهة في كتب التاريخ والفلسفة، وأرجع وزير التربية والتعليم في الحكومة الجديدة ذلك إلى أن هذه العبارات “تحتوي على معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه”.

وأن التغييرات في المناهج التعلمية تضمنت استبدال كلمة “قانون العدل” بكلمة “شرع الله” و”أصحاب الديانات السماوية” بـ “أتباع الشرائع السماوية” واستبدال “أن يبذل الإنسان روحه في الدفاع عن وطنه” بـ “أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله”، وحذف “السلطة العثمانية الغاشمة”.

ورأى سوريون أن الحكومة الحالية “غير مخولة باتخاذ قرارات بتغيير المناهج التعليمية كونها حكومة إنقاذ أو حكومة مؤقتة، وأن السرعة في اتخاذ قرار تغيير المناهج التعليمية وتزوير المعلومات التاريخية خاصة ما يخص المرأة، يدل على الرغبة في تثبيت الفكر الذي تحمله هذه الحكومة حكومة اللون الواحد، وقد أثار ذلك القرار الكثير من المخاوف وبعض التهكمات.

وقال مفيد وهو معلم مدرسة وكان مستشاراً في مديرية التربية باللاذقية إن الخطوة أثارت جدلاً واسعاً، وأظهرت التعديلات منهاجاً في التشدد واضح المعالم، فقد تم شطب لشخصيات وطنية وتاريخية سورية، بالإضافة إلى استبدال النصوص التي تتعلق بالنظام السابق وتركزت التحويرات التي أجريت على جميع الكتب تقريباً.

ويضيف المعلم أن التعديلات عبثت بالمناهج السوري الذي يحتاج شهوراً من الدراسة قبل اتخاذ القرار وأثارت تعديل نصوص متعلقة بالشق الديني الرأي العام السوري، وأن تغييرات هائلة في المناهج تم العبث بها، وإعادة تركيبها مرة أخرى عبر إجراءات بدت أنها عاجلة، فقد تم حذف كل ما يتعلق بفن النحت، وحذف شخصيات سورية مؤثرة عبر التاريخ بينهم شعراء وفنانون ومناضلون وطنيون، بالإضافة إلى نساء سوريات عظيمات.

وأشارت بتول وهي ماجستير في علوم التربية ومناهج التدريس أنه من الواضح أن التعديلات الجديدة تفرض أجندة إسلامية على طلاب المدارس، فحذف كل ما يتعلق بالنظام السابق أمر مفهوم لكن حذف الحقائق والأحداث التاريخية من نضال شعبنا ومعالم الحضارات القديمة هنا يكمن الخطر، فالإصلاحات يجب أن تتولاها لجان تضم خبراء وأن التغيير أحادي الجانب يخلق انقسامات مجتمعية.

يشار إلى أنه هناك تحركات لتنظيم وقفات احتجاجية في الساحة العامة للتنديد بهذه القرارات، لكن لازالت الناس مترددة وخائفة من بطش وقمع سلطات الأمر الواقع المعروفة بقمعها، والتخوف من الصاق تهم الارتباط بالنظام السابق على المتظاهرين.

فيما أكد سكان أن أطفالهم لن يقاطعوا المدارس أملين أن تعيد وزارة التربية في الحكومة الحالية النظر بقرارها ومراعاة التنوع الثقافي والديني الذي تعيشه سوريا وأن فرض اللون الواحد والصبغة الواحدة سيؤدي لتخريب التعايش السلمي المعاش في سوريا منذ مئات السنين.