لكل السوريين

معصوم إبراهيم.. على الحكومة الجديدة فتح حوار وطني جاد مع كافة السوريين

حاورته/ سلاف العلي

دعا معصوم إبراهيم؛ إلى بناء الثقة بين الدولة الجديدة والمواطن من خلال فتح حوارات وطنية مع كافة الفعاليات المجتمعية السورية، للوصول إلى حلول استراتيجية ملائمة من أجل بناء وصيانة مستقبل آمن للسوريين، فالشعب الذي بذل الغالي والنفيس من أجل حريتها وكرامته لا يمكن تغييبه عن الحكومة الجديدة.

على هامش الأحداث المتسارعة التي تشهده عموم الجغرافية السورية، فبعد سقوط النظام، وتشكيل الحكومة الجديدة، التي أجحفت بحق عدد من السوريين وخاصة النساء، وللحديث بشكل أوسع بهذا الموضوع كان لصحيفتنا لقاء مع معصوم إبراهيم عضو الفدرالية السورية لحقوق الإنسان ورئيس المنتدى السوري للحقيقة والانصاف، ودار الحوار التالي:

ما هو شكل الحكم في سوريا؟

دولة القانون والدستور بحيث يكون النظام السياسي هو الذي يتفق عليه جميع السوريين ويجتمعون عليه ويوحد إرادتهم بعيداً عن اختلافاتهم في التطلعات والأفكار والانتماءات والتوجهات والمصالح وأن تكون داخلية الصنع وخارج نطاق الأصوات القادمة من الخارج والعابرة للجغرافيا السورية.

مهما تمعنا ومهما تصورنا لن نرى حكماً يجمع الفرقاء والمختلفين إلا بواسطة النظام الذي يقوم على المساواة بين الحقوق والواجبات بين الجميع وبناء العلاقات بين الجميع على أسس قانونية والمنبثقة من إرادة حرة.

سوريا كانت منفتحة حتى حكم البعث، هل سنرى انفتاح جديد؟

بعد أكثر من نصف قرن من إمساك حزب البعث بزمام الأمور في كل الجغرافيا منذ تأسيسه في الثامن من مارس 1963 إلى سقوطه المدوي في 8 ديسمبر 2024 بعد هجوم واسع شنته المعارضة السورية والتي احتاجت فقط ١٢ يوما للإطاحة بعرش بشار الأسد المتهالك والمتصدع، الأرض السورية قبل السقوط كانت مرتعاً لشذاذ الآفاق والذين جاءوا من كل أصقاع الكرة الأرضية لتصفية الحسابات على الأرض السورية.

النظام السوري من أجل الحفاظ على كرسيه استعان بكل القتلة والمجرمين واستضافهم بين أرضنا وأمام جماهيرية الأرض التي باتت مسرحاً لكل مونديالات الحروب في المعمورة قاطبة.

والأن بعد سقوط حزب البعث وهروب رأس الهرم وبعد سنوات عجاف بات على جميع الوطنين والشرفاء والغيورين تنظيف الجغرافيا السورية من الغرباء والمرتزقة الذين عاثوا في سوريا فساداً وهجروا وقتلوا واستباحوا الدماء، لا مكان للغرباء والمحتلين ولتكون سوريا لكل السوريين ولتشرق الشموس في سمائها.

بعد سقوط النظام رأينا تشكيل حكومة جديدة دون وجود رأي الشعب فيها حتى لو كانت مؤقتة ولكنها جاءت بطريقة التعينات المركزية، ما رأيكم؟

تنفس الشعب السوري الصعداء بعد أن خاض معارك الاستعصاء ضد أبشع نظام في العالم وأنجز بسواعد أبنائه الحلم الذي طال انتظاره، واستطاع التحرير والخروج من النفق المظلم واسترجاع كرامته المسلوبة على أرضه المنتهكة والمنهكة.

في خضم ما حدث شاهدنا ولادة جديدة لمجتمع واعي ذو انتماء وولاء للوطن السوري وليس لحزب استفرد بكل مفاصل الحياة في سوريا إبان البعث البائد، كما استمعنا للمبادرات والتصريحات الواعية والمطمئنة لجميع السوريين بكافة مكوناته وأطيافه وأعراقه يوحي للجميع بأن السوربون استفادوا من التجارب السابقة وتفتّحت عقولهم للواقع المحلي والدولي.

ولكن تبقى المخاوف والتحديات تتصدر المشهد وخاصة بعدما رأينا أن الحكومة الجديدة تتشكل دون الرجوع للشعب الذي بذل الغالي والنفيس من أجل حريته وكرامته فكانت الإرادة الشعبية مغيبة تماماً حتى ولو كانت حكومة مؤقتة ولكن نحن الفدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الإنسان في سوريا يجب أن نراقب المشهد عن قرب وننتظر ما ستؤول إليه الأمور وندعو بدعوات ملحة لكل السوريين بإعطاء أولوية إصلاح المنظومة الإعلامية والتعليمية والثقافية والحقوقية القانونية ولضمان العدالة والحرص الكبير على الانخراط في بناء سوريا الجديدة وإرساء قيم العدالة القائمة على احترام الحريات العامة  والخاصة، الشعب الذي انتظر عقود منصرمة على نظام مجرم قاتل سيجهز نفسه ويدربها على التأقلم مع مخرجات الحكومة المؤقتة والذي أسقط نظاماً دكتاتورياً متوحشاً قادر دون ريب بإسقاط جل الحكومات المتعاقبة.

ماهي رؤية المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني والفيدرالية السورية؟

نحن في الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الإنسان كنا ولازلنا على موقفنا منذ بدء الحراك السوري وحتى سقوط النظام بكل مؤسساته القمعية وفروعه الإجرامية كنا نطالب بسيادة القانون في الممارسة على كافة المستويات واتباع نهج وأسلوب المساءلة القانونية ومحاسبة الجناة وعدم إفلاتهم من العقاب والذي سوف يساهم في تخفيف من حدة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كما نطالب السلطات الجديدة إلى تصحيح المسار مع المجتمع السوري وبناء الثقة بين الدولة الجديدة والمواطن من خلال فتح حوارات وطنية مع كافة الفعاليات المجتمعية السورية كما ندعو إلى اتخاذ التدابير التشريعية لإقرار القضاء كسلطة عليا مستقلة وتطهيره من الفساد المزمن وضمان كفاءاته ونزاهته كما نطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن برفع العقوبات وتعزيز آليات الحكومة المؤقتة وتقديم المساعدات من أجل معايير الحوكمة وشفافية العمل وندعو، إلى الاشراك الفعلي لكافة الهيئات والمؤسسات المدنية والحقوقية والنسائية والفيدرالية السورية لحقوق الإنسان في صياغة التشريعات والقوانين وذلك من أجل تعزيز مبدأ الشراكة بين الدولة الجديدة وكافة مؤسسات المجتمع المدني ونطالب مشاركة المنظمات الإغاثية والحقوقية في وضع خطط طويلة الأمد لإعادة تأهيل البنية التحية وتقديم الخدمات الأساسية وتوثيق الانتهاكات السابقة لضمان الأدلة اللازمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين وعدم هروبهم من العقاب.

كيف تسعى الفيدرالية السورية لتمكين المرأة وفق منظورها؟

إننا في الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان والهيئات والمؤسسات السورية المدافعة عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان كنا ولا زلنا نعلن تضامننا الكامل مع المرأة السورية من أجل تمكينها من حقوقها والعمل من أجل إزالة كافة أشكال التمييز والعنف الذي تتعرض له المرأة السورية، وعلى نطاق واسع ونتيجة الحالة الكارثية التي تعيشها سوريا بمختلف مكوناتها فكنا في الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان نعمل من أجل المساهمة بالبحث عن الحلول الاستراتيجية الملائمة والتي تنطوي على إيجاد افضل السبل من أجل بناء وصيانة مستقبل آمن وديمقراطي للسوريين جميعاً وندعو إلى جميع عمليات  الحوار والتفاوض والسلام وبنائه في عملية مستمرة ومرنة وأن يكون هذا مشروط بمشاركة العنصر النسائي والممثلين الحقيقين عن المجتمع المدني في المفاوضات وأن لا تقتصر على رجال الحروب مع ضعف في تمثيل النشطاء السلميين وتغييب المجتمع المدني والمرأة عن السياسة العامة والميدان السياسي وهذا يأتي من حق جميع المواطنين في المشاركة في الحياة العامة على قدم المساواة والمثبت في صكوك الأمم المتحدة وعلى الأخص في القرار الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما كنا ولا زلنا نعلن تضامننا ونسجل إدانتنا واستنكارنا لوقوع ضحايا من النساء سواء من تعرضنَّ للاعتقال التعسفي أو للاختطاف والاختفاء القسري أو اللاجئات ومن تعرضن للاغتصاب والنساء الجرحى ومع أسر الضحايا اللواتي تم اغتيالهن وقتلهن وبسبب ما آلت اليه الأحداث ودمويتها وتدميرها.

إننا في الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان كنا ندعو الحكومة المنصرمة والحكومة القائمة حالياً إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف التمييز ضد المرأة وتعديل القوانين والتشريعات السورية بما يتلاءم مع بنود الاتفاقية كلها، والعمل على إدماج اتفاقية سيداو في قوانين الأحوال الشخصية السورية ومواءمة القوانين والتشريعات السورية مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتحديداً اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها سوريا، وإلغاء كافة المواد المشجعة على ممارسة العنف والجريمة بحق المرأة وندعو على القضاء على جميع الممارسات التمييز ضد المرأة ومساعدتها على إقرار حقوقها بما فيها حق الحقوق المتصلة بالصحة الإنجابية والجنسية ونبذل لإيجاد آليات اللازمة والفعالة لتحقيق المشاركة المتكافئة للمرأة وتمثيلها المنصف على جميع العمليات السياسية  الحياة العامة وتمكين المرأة من التعبير عن شواغلها وتشجيعها على إظهار إمكانياتها من خلال التعليم وتنمية مهاراتها  القضاء على الفقر والأمية واعتلال الصحة في صفوف النساء وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والتدريب والتأهيل وكل ما من شأنه زيادة الفرص أمام النساء في العمل وتبوء مناصب صنع القرار.

ووضع قوانين صارمة لحماية المرأة والطفل واعتبار العنف الأسري جريمة يعاقب عليها القانون، والدعوة إلى تنقية المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية من الصور النمطية للمرأة وتشجيع وتقديم الدعم لإعطاء أكثر صورة حضارية للمرأة السورية كونها مواطنة فاعلة ومشاركة في صياغة مستقبل البلاد.

وكنا نطالب الحكومة السورية السابقة والحالية إلى التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالمرأة وندعو جميع مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية والمدنية إلى اعتبار قضايا المرأة في أولوية ترتيباتها، وكل ذلك يحتاج إلى تعديل سياسات الحكومة السورية وإشراك المجتمع المدني في بلورة هذه السياسات الجديدة وإلزام كل الأطراف في العمل للقضاء على  كافة أشكال التمييز بحق المرأة من خلال برامج للمساندة والتوعية وتعبئة المواطنين وتمكين الأسر الفقيرة وبما يكفل للجميع السكن والعيش اللائق والحياة بحرية وأمان وكرامة ولن يتحقق كل هذا إلا باتخاذ إجراءات جادة باتجاه الإصلاح السياسي والتمكين مم التحول الديمقراطي.

ماذا عن رؤيتكم للشباب المستقبلي؟

منذ انطلاق الحراك الشعبي في سوريا عام 2011 اقتصرت الأشكال التنظيمية على تأسيس تنسيقيات محلية يقود دفتها الشباب الطامح لفكرة التغيير، وقد باتت هذه التنسيقيات نواة للممارسة السياسية ومع تسارع وتيرة الأحداث وعسكرة الحراك وتزايد منسوب العنف من قبل القبضة الأمنية للنظام السابق والميليشيات التابعة له تحول الحراك إلى صراع مسلح والتي حولتها فيما بعد الأطراف الإقليمية من حراك شعبي إلى نزاع مصالح والتي أحبطت أمال السوريين وخاصة هذا الجيل الذي حمل على عاتقه حملاً يفوق وزنه وتطلعاته.

بعد سقوط نظام البعث عاد الشباب السوري إلى لملمة أوراقه من جديد وخرجوا إلى الساحات مجدداً للمشاركة في المشهد السياسي الحالي والجديد تتماشى مع تطلعاتهم وشكل حياتهم في سوريا المستقبل.

ختاماً: نحن في الفيدرالية السورية لحقوق الإنسان نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والفظيعة على حقوق الشعب السوري الفردية والجماعية وسياسات التمييز ضد المرأة والطفولة وضد الأقليات وضد المعتقدات والأديان وضد التعصب وثقافة التهميش والإقصاء وإلغاء الأخر.

إننا ندعو إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك بين السكان والالتزام بالعمل على النهوض برفاهية الإنسان وحرياته وتقدمه وتشجيع الحوار والتعاون بين مختلف الثقافات.

لقد خلفت الحروب في سوريا دماراً هائلاً في البنى والممتلكات العامة والخاصة وتفتيت المجتمعات السكانية وسقوط الآلاف من القتلى والجرحى مما أدى إلى تهجير ونزوح ما يقارب ستة ملايين شخص ناهيك عن آلاف المعتقلين والمختفين قسرياً الذين مازال مصيرهم مجهولاً.

لقد ساهمت الأحداث الدامية في سوريا إلى نشر ثقافة العنف والحقد والكراهية والاحتقان وفقدان الأمل الذي بات مجهولاً وعلى صفيح ساخن، ضبابية المشهد يتصدر العناوين وصعوبة الخروج من المحرقة السورية كانت صعبة وشبه مستحيلة.

أن تأتي متأخراً من أن لا تأتي أبداً كان هذا واقع السوريون النظام سقط وفر هارباً وسوريا ولدت من جديد ومع سقوط الطاغية فرض علينا كبشر وسكان العمل على بناء سوريا الجديدة ونشر ثقافة حقوق الإنسان في كل الجغرافيا السورية والجلوس على طاولة الحوار وحتى نتخلص من التحديات الحاضرة والمستقبلية وحتى يتحقق كل ما ذكرته أنفاً يجب العمل على ما يلي:

– الوقف الفوري لدوامة العنف في سوريا أياً كانت مصادر هذا العنف وأياً كانت أشكاله ومبرراته

– أطلاق سراح كافة المخطوفين أياً كانت الجهات الخاطفة والكشف الفوري عن مصير المفقودين

– التكثيف من مشاريع وورشات القادة الحقوقيين والسياسيين ونشطاء المجتمع المدني

ـ إيقاف أي تمييز بين السوريين لأسباب دينية أو طائفية أو قومية بسبب الجنس أو اللون

– إلغاء كافة السياسات التمييزية بحق جميع

– دعم الخطط والمشاريع التي تهدف إلى إعادة الأعمار والتنمية في سوريا المستقبل على أساس

– تلبية الحاجات الإنسانية والاقتصادية والإنسانية للمدن المنكوبة وللمهجرين داخل سوريا وخارجها وإغاثتهم بكافة المستلزمات

– تأسيس المنظمات والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق المواطنة وحقوق الإنسان في سوريا