لكل السوريين

أماني الغربي.. الحكم البرلماني هو الحل الأمثل لتثبيت حقوق كافة المكونات

حاورها/ مجد محمد

أكدت اماني الغربي، إننا في سوريا محتاجون إلى التلاحم والتكاتف بين مختلف الأديان والطوائف والمكونات، لبناء دولة ديمقراطية وإعادة سوريا إلى رونقها، وعلى الجهات الفاعلة في سوريا الجلوس على طاولة الحوار من الوصول إلى نظام برلماني تعدد يعتمد معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان ويستند لمجتمع مدني.

يتبنى حزب سوريا المستقبل وجهة نظر يمكنها التوافق مع جميع شعوب ومكونات سوريا، ضمن مبادئ وأهداف واقعية يمكنها أن تكون ممثلة لجميع أطياف ومكونات سوريا، وبعد سقوط نظام الأسد فهل سيكون الحزب قادر على التدخل في الواقع السياسي.

وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا “السوري” حواراً مطولاً مع الأستاذة أماني الغربي، رئيسة مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل بالحسكة، ودار الحوار التالي:

*أستاذة اماني مرحباً بك بداية، الأرض السورية كانت منفتحة حتى حكم البعث، والآن سقط البعث، ما هي نقاط حروفك على هذا الكلام؟

الأرض السورية موطن أهم وأقدم الحضارات الإنسانية، فواقعها التاريخي وموقعها الجيوسياسي وغناها المادي جعلها موطنا للعديد من الهجرات والغزوات، وحولها إلى موزاييك من الشعوب والاقوام والأديان والثقافات، فأنتجت الهوية السورية التي تحكمها قواعد العيش المشترك والاحترام المتبادل، وتأسست على أرضها أقدم النظم الاجتماعية فعرفت الكلان والعشيرة والمدينة والدولة، وكانت منبع الحضارات اوركيش وتل حلف وايبلا وماري واوغاريت والنبي هوري والممالك الماورية والآرامية والفينيقية، ومثلت إحدى أهم المراكز الأساسية لعصور الامبراطوريات الأولى والعهد، وإن ماضي سوريا حافل بالمتغيرات حيث عاشت مراحل التحول وعبرت من خلاله من نظام إلى آخر بكل تجلياته، وبتراجع الشرق الأوسط عن دوره الريادي في إنتاج الحضارة والنظم الاجتماعية، دخلت سوريا معها مراحل الركود والانكماش، ومع اندحار السلطة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ظهرت سورية الحالية وفق اتفاقية سايكس بيكو والتي خضعت للانتداب الفرنسي حتى عام ١٩٤٦، حيث عاشت سوريا بعدها فترة اتسمت بهامش من الحراك السياسي الديمقراطي الذي اتاح الفرصة للتداول السلمي للسلطة، إلا أن الانقلابات العسكرية التي تلتها وانتهت بانقلاب حزب البعث ١٩٦٣ انهت تلك الحالة وكل أشكال الحياة السياسية، فالآن سقط نظام البعث ونأمل أن نعود بسوريا إلى عصر الديمقراطية السياسية.

*بعد سقوط النظام رأينا تشكيل حكومة جديدة دون وجود رأي للشعب فيها، حتى لو كانت حكومة مؤقتة ولكنها جاءت بطريق التعيينات المركزية دون أي اعتبار للأرادة الشعبية، ما رأيك؟

إن أي عملية تغيير في سلطة الحكم دون تناول شكل ومضمون نظام الحكم والدولة ومبادئها، لن تجدي نفعاً في إحداث تحول نوعي ديمقراطي في الحياة السياسية والاقتصادية ولن تحقق العدالة الاجتماعية، فنظام الدولة المركزية يؤدي إلى الشمولية التي تنتج الاستبداد والذي بدوره يسلب الإرادة الحرة للفرد والمجتمع، لذلك فإن هوية سوريا التعددية تتطلب بناء الدولة المدنية التي تقف على مسافة متساوية من كافة القوميات والأديان، لضمان حقوق كافة أطياف شعب سوريا في التعبير عن هوياتهم بحرية كاملة، وهذا ما يستوجب إعادة صياغة دستور جديد للبلاد، والتحول إلى نظام الدولة اللامركزية الديمقراطية والحكم البرلماني التعددي، تتمتع فيه المحافظات بصلاحيات واسعة تشريعية وتنفيذية وقضائية، وإننا بالحزب عندما نطرح نظام اللامركزية الديمقراطية بإعطاء الأطراف صلاحيات إدارية واسعة يتيح المجال أمام تفعيل طاقات الفرد والجماعة ويحد من الهيمنة والتحكم بإرادة المجتمع والمواطن، ويؤسس لبناء مجتمع ديمقراطي حر وموحد من خلال التحول الديمقراطي التدريجي للمجتمع باعتباره الشكل الناجح للتغير والتحول.

*في المرحلة الحالية، ما هي رؤية الحزب، أو ما الذي يتوجب فعله؟

الإدارة السياسية في دمشق وفي شمال شرق سوريا يتوجب أن يعقدوا تفاهمات واتفاقات لسوريا المستقبل، ونتمنى أن يتم ذلك وفق حوار وتفاهم يمكننا من بناء سوريا دولة سورية ديمقراطية تعددية لا مركزية، ومن ثم التفاهم لبناء نظام برلماني تعددي يعتمد المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان ويستند إلى المجتمع المدني، وتثبيت حقوق كافة المكونات في الدستور وفق العهود والمواثيق الدولية، وكذلك الاتفاق على أن تكون مدة الولاية الرئاسية خمس سنوات، وإعادة النظر في تشكيل وصلاحيات البرلمان، وإشراك كافة الأحزاب والمنظمات العضوة في البرلمان في تشكيل اللجان والهيئات البرلمانية، وإعادة صياغة قانون الانتخابات بما يتوافق مع معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، وتعزيز الضمانات الدستورية والتشريعية لاستقلالية القضاء والفصل الحقيقي بين السلطات لضمان عدم طغيان سلطة على أخرى، وسن تشريعات تمنح السلطات المحلية صلاحيات تشريعية تنفيذية وقضائية لا تتعارض مع تشريعات البرلمان الوطني والمجلس القضائي العام، وأيضاً تعزيز الرقابة الشعبية من خلال سن تشريع يمنح الحق للمواطنين البالغين سن الانتخاب في المبادرة بقانون أمام البرلمان إذا حصلت مبادرتهم على تأييد محدد وخلال مدة زمنية محددة على ألا يتعارض ذلك مع وحدة البلاد ومقوماتها الأساسية.

*المرأة، كيف يسعى الحزب لتمكينها وفق منظوره في الفترات القادمة؟

إن دعم حرية المرأة  قضية ضرورية حياتية لبناء المجتمع الحر وتجاوز التخلف والجهل والجمود الثقافي والمعرفي ومن هذا المنطلق نهدف إلى مناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وتشكيل القوائم الانتخابية بشكل عادل بين الجنسين، وكذلك دعم ومساندة حرية المرأة في سوريا والمنطقة، وتمكين المرأة للعب دورها في كافة مجالات النضال والعمل وعلى كافة المستويات، ودعم المشاريع النسائية الاقتصادية والتعليمية، وإنشاء دور خاصة بدعم ومشاركة المؤسسات العامة تقوم على متابعة شؤون المرأة وتأمين الدعم والمساعدة في المجالات العلمية والمهنية والمشاكل الاجتماعية، ودعم المشاريع الثقافية والفكرية ومشاركة تنظيم المرأة في الندوات والمؤتمرات الدولية، وأيضاً ضمان كافة الحقوق للمرأة في حالة التفريق، وتشكيل غرف عمل دائمة تقوم على البحث واستطلاع الرأي بما يخص شأن المرأة وكيفية تمكينها من مشاركتها في الحياة العامة، والعمل على استحداث تشريع خاص بالنساء العاملات ممن لديهن واجبات رعاية أطفالهن يوفر المرونة في ساعات العمل، والعمل على تطوير قانون الأحوال الشخصية، ودعم سياسة تنظيم النسل.

*عماد الحزب لديكم هو المرأة والشباب، ماذا عن رؤيتكم للشباب المستقبلي؟

تمكين الشباب من توظيف قدراته في توطيد أركان المجتمع وازدهار الوطن، ودعم التنظيمات الشبابية وتشجيع إنشاء غرف عمل في مختلف الميادين، وإقامة حوار دائم مع شريحة الشباب عبر ممثليهم في الجمعيات والهيئات الشبابية والقوى السياسية وجعلهم شركاء في عملية التنمية الوطنية، وكذلك تكثيف محاربة الأمية الإلكترونية وضعف المستوى المهني وفتح الدورات التعليمية التقنية والإلكترونية وإنشاء جيل قادر على إحداث تحول نوعي في الإدارة المعتمدة على البرمجة، وفتح مراكز تثقيفية فكرية مجانية للشباب الراغبين في تطوير آفاقهم، وتشجيع النشاطات الرياضية بوضع خطة وطنية متكاملة وشاملة لخلق جيل سليم، وأيضاً توفير الدعم المادي وفرص العمل اليومية والمؤقتة لتشجيع الشباب على ثقافة الاعتماد على الذات، وتشجيع الرحلات الداخلية من أجل تعزيز اللحمة بين الشباب من مختلف المحافظات، واستصدار قانون يدعم زيادة عدد مقاعد الشباب في البرلمان، ووضع آليات قانونية تشجع المشاريع التعاونية والتشاركية الشبابية ضمن المنظومة الاقتصادية بمجالاتها.

*ختاماً، كلمة اخيرة لكِ تحبي أن تضيفيها، المجال مفتوح أمامك..

بعد أن أتت الحرب المدمرة التي شهدتها سوريا على مقدرات البلاد والبنية التحتية، وتركت جروحاً غائرة في النفوس والضمائر، نحن الآن وبعد سقوط نظام الاستبداد على ثقة بأن السوريين وبما نملك من إرادة صلبة وعزيمة لا تقهر منطلقين من مصلحة الوطن والشعب قادرين على إحداث التغيير والبدء في إعادة الإنسان السوري لأصالته ودوره الريادي في الإنتاج والبناء مهما كانت الصعوبات مرتكزين إلى الإرث التاريخي والحضاري للشعب السوري وروح الإبداع لديه، وقدرته على النهوض وتجاوز الصعاب وإعادة بناء الوطن والمواطن.