اللاذقية/ سلاف العلي
انهيار الليرة السورية دفع الكثير من الأهالي إلى المطالبة، بتسجيل المهر بالدولار أو الذهب بدلا من العملة المحلية، وكان المهر وسطيا قبل عام 2011 يتراوح ما بين 200-500 ألف ليرة، لكن مع فقدان الليرة قيمتها، أصبحت ملايين الليرات لم تعد كافية لتسجيل المهور، بل وصلت إلى حد المليارات، كما حصل حين سجل شاب من مدينة اللاذقية مهرا معجلا غير مقبوض قدره 100 مليار ليرة سورية، ومؤجلا غير مقبوض قدره 100 مليار، في عقد زواجه المسجل لدى المحكمة الشرعية الأولى في اللاذقية خلال العام الماضي، رغم أن الشاب هو شخص عادي وليس من الأشخاص المشهورين أو الأغنياء أو المتنفذين، وخطيبته لم تطلب منه هذا المبلغ، إنما سجله تعبيرا عن حبه ووفائه لها، ويرى الخاطب أن هذا المبلغ زهيد تجاه حبه لمخطوبته، ويعتبر من المهور العالية، ومثله لمعجل كان مقداره كيلو غرام ذهب عيار ٢١ قيراطا غير مقبوض ومؤجله عشرون كيلوغرام ذهب غير مقبوض ، يذكر انه كان أقل مهر هو 800 ألف ليرة معجل ومثلها مؤجل، وأن المهر الخرافي الذي تم ، سيصبح معيارا وبدأ يشكل ظاهرة ولم يعد طفرة، ونتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية وتدني قيمتها الشرائية عمدت بعض الأسر، وإلى تحديد المهر بالليرة الذهبية خشية المزيد من الانخفاض، وهناك حالات عديدة أُبرم فيها عقد زواج بمهر كبير باللاذقية، والمئات من الأسر تتفق فيما بينها لتسجيل المهر بالليرة الذهبية، أما ما يخص الزيجات خارج القطر، فإن معظمها بالليرة الذهبية، والأغلبية لأزواج من جنسيات لبنانية وعراقية وأردنية ومصرية، والنسبة ارتفعت مؤخرا ، نتيجة عدة عوامل، أهمها وجود أسر سورية كثيرة خارج القطر، ومع ارتفاع معدلات المشكلات والدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الشرعية لتعديل المهر، منذ سنوات اتخذ قرارا بتعديل بعض مواد قوانين الأحوال الشخصية، وخاصة تلك المتعلقة بالسماح بتعديل المهر لقوته الشرائية حين التسجيل، والقانون أتاح للزوجة طلب تعديل المهر بقوته الشرائية بتاريخ المطالبة، وليس بتاريخ التسجيل، كما كان في السابق، عندما كان يدفع بالقيمة المسجلة نفسها.
المهر المرتفع جدا والتبرير له أثار غضب الأهالي باللاذقية وريفها، وعلق السيد محمود وهو موظف بالمحكمة الشرعية باللاذقية، بالقول: صح ما في قانون يمنع أو يدخل بقيمة أو مقدار المهر، لكن في عرف وطقوس وتقاليد، والأهم هو الواقع الصعب والنتائج خلف هذا الإعلان، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ويجب تعديل النص القانوني ويجب وضع حد أقصى للمهر أو ليتم فرض ضريبة تصاعدية لكل من يسجل مهرا فوق المليون ليرة وتخصص هذه الأموال من الضرائب في صندوق خاص تشرف عليه جهة عامة يوزع كمساعدة للحالات الإنسانية المحتاجة، بعدما فقدت الليرة السورية قيمتها، أصبحت مهور النساء اللواتي تزوجن قبل الاحداث، قليلة، ولذا أصبح مستقبلهن مهددا في حال تطلقن، وهذا الأمر دفع بعضهن للمطالبة بتعديل المهر، وهنالك حالات تعديل مهر الزواج في اللاذقية ومدنها وريفها، زادت خلال السنوات الماضية، بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية.
فالمهر بالنسبة للمرأة وسيلة لتأمين حياة كريمة لها، وضمان لمستقبلها في حال حدث أي طلاق، أو توقف الرجل عن تقديم مصروف لها خلال الزواج، ورغم أهمية المهر في ضمان حقوق النساء، فإن الكثير منهن وافقن على الزواج بلا مهر، أو بمهر ضئيل جدا، ولأن الشيء بالشيء يذكر لوحظ أن أغلب المهور التي سجلت في المحافظة لم تحمل مغالاة وهي تتعاطف مع حال الخاطب وحملت في طياتها حبا وعطفا وتضامنا مع الخاطب وكانت أغلب المهور منطقية ورأفة ورفقا بحال الخاطب وخاصة العسكريين، وهناك شروطا خاصة يمكن تضمينها لصك الزواج، حيث يستطيع طرفا العقد وضع ما يريدون من شروط، لكن دائما لا يتم ذكر أي شروط خاصة، وقد شهدت تزايدا لأسباب عدة، منها غياب الزوج أو فقدانه والتراجع الأخلاقي في المجتمع، والتفسخ الاجتماعي، وغلاء المعيشة، كل ذلك له تأثير في زيادة حالات الطلاق، وأن أغلب المجرمين هم من المطلقين، أو أبناء والدين مطلقين في حالات كثيرة، وانتشار الإنترنت وتغلغل الغيرة بين النساء في تقليد بعضهن البعض، في وقت تكون ظروفهن المادية غير متماثلة والغيرة والمطالبة بالمساواة والمثل وتقليد الأكثر فقرا للأغنى قد يسبب عجزا وإحباطا للزوج وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى الطلاق، حيث أدى انتشار وسائل الاتصال الحديثة لتضييع الوقت والتعلق بها، وإهمال القراءة والكتاب، وانتشار الجرائم الإلكترونية، بكثرة مما دعي للمطالبة بالتشدد تجاهها، وقد وقعت الكثير من حالات الطلاق بسبب الجرائم الإلكترونية.
ويتأثر مفهوم المهر والزواج والعلاقات بثقافة الشركاء ومستوى وعيهم وتطورهم الفكري، بالتوازي مع التغيير والحداثة في زمن حقوق الإنسان والمطالبة بالمساواة والعدالة بين الجنسين، مما يتطلب من المجتمعات أن تكون أكثر انفتاحا.