حاوره/ مجد محمد
يعتبر داء الفيل أحد الأمراض المعدية التي تصيب الغدد الليمفاوية، وهو ليس مرضاً مميتاً، لكنه يسبب صعوبات ومعوقات عديدة للمصابين به تتمثل في صعوبة الحركة والتنقل من مكان إلى آخر، فضلاً عن التشوه الذي يصيب الأطراف، خصوصاً السفلية من الجسم، وهذا المرض هو أحد الأمراض المعدية التي تسببها بعض الديدان المسطحة التي تسمى ديدان الفلاريا الطفيلية، وهي تستوطن أوعية الجهاز الليمفاوي داخل جسم المصاب، وجاءت تسمية داء الفيل لأن أطراف الجسم لدى الأشخاص المصابين تتضخم بصورة كبيرة للغاية وتظهر وكأنها أطراف فيل صغير، كما يطلق عليه أيضاً اسم داء الفيلاريات اللمفية.
وللحديث عن هذا الموضوع وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الطبيب محمد البركو اخصائي في الطب العام، ودار الحوار التالي:
*دكتور محمد مرحباً بك بداية، داء الفيل بلمحة بسيطة ما هو؟
أهلاً وسهلاً بك، الفلاريا من أمراض المناطق المدارية، وتنقل هذه الطفيليات إلى الأشخاص بعض أنواع البعوض، وغالباً ما تصيب العدوى الأشخاص في سن الطفولة، وتبقى هذه الديدان سنوات كثيرة داخل الجسم، إلى أن تتكاثر بأعداد كبيرة وتؤدي إلى ضرر جسيم في الجهاز الليمفاوي للشخص المصاب، في السنين الأخيرة انتشرت العديد من الإصابات في سوريا بعد أن كانت لا تذكر في العقود الماضية، وتركزت الإصابات في سوريا في مناطق الجزيرة والفرات حيث تراوح الإصابات حسب احصائيات وزارة الصحة إلى ٨٠ إصابة تقريباً حتى نهاية عام ٢٠٢٣، وهذا المرض غالباً ما يصيب الأطراف السفلية للرجال والنساء، ويصل إلى درجة كبيرة من الوضوح على المريض ويشوه جسمه، وفي المراحل المتأخرة والمتفاقمة من المرض يؤدي إلى الوصول إلى حالة الإعاقة الكاملة، وهي المرحلة التي تسبق حدوث حالة الوفاة، وهذا المرض إضافة إلى الأعراض العضوية المؤلمة فإنه يسبب نوعاً من الضرر النفسي الكبير وتقليص الحياة الاجتماعية، ويكلف المريض مادياً بصورة ترهقه اقتصادياً.
*ما هي أسباب، وأعراض داء الفيل؟
السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب الأوعية اللمفاوية لدى البشر هو العقدية المقيحة، أما الأعراض الملحوظة التي تظهر لدى غالبية المصابين، وتمتد هذه الأعراض من أربعة أشهر إلى ١٥ شهراً من بداية لدغ البعوض، تشمل ارتفاع درجة حرارة جسم المصاب، وحدوث سمك في طبقات الجلد مع خشونة واضحة، وإصابة الجلد بالتقرحات، وتحول لون الجلد إلى الداكن.
ومع تفاقم المرض ينتفخ ويتورم العضو المصاب، وغالباً ما يكون القدم والساقين، وذلك نتيجة التراكم غير الطبيعي للماء في الأنسجة، والشعور بحالة من الرعشة والتعب والإرهاق، والتعرق الغزير وألم في العظام والمفاصل، وظهور بعض الجروح في الجلد أو الغدد الليمفاوية وتضخمها، والرعشة والصداع والتقيؤ والحمى، وألم في منطقة أسفل الحوض، وكذلك هناك أعراض مزمنة لداء الفيل تشمل تضخم الساق وهو العرض الغالب في معظم الحالات، وتضخم الذراعين والصدر والأعضاء التناسلية، ووجود إفرازات بيضاء في البول وتضخم الطحال والكبد.
*كيف يتم تشخيص داء الفيل؟
في كثير من الحالات يمكن أن يكون التشخيص المبكر صعباً، لأن المرض في مراحله الأولى وأعراضه يشبه أمراضا بكتيرية أخرى تصيب الجلد، وللتشخيص الدقيق على الطبيب أن يبحث عن شكل الالتهاب وعلامات الانسداد الليمفاوي مع الوضع في الاعتبار احتمالية التعرض للبعوض أو الإصابة بالمرض.
*ما هو علاج داء الفيل؟
طرق العلاج متنوعة، ولا يوجد علاج فعال حتى الآن لمرض داء الفيل، أما طرق العالج المستخدمة حالياً في الواقع فهي، الجراحة، وبعض الأدوية التي تخفف من أعراض المرض، يمكن للأشخاص الذين يعانون هذا النوع المزمن من مرض الفلاريا استعمال رباط ضاغط لتليين الساق المصابة.
*كيف يمكن الوقاية من داء الفيل، وهل هناك نصائح للتعايش معه في حال الإصابة؟
حتى الآن لا يوجد لقاح ضد المرض ولكن الوقاية خير من العلاج فمن الأفضل تحاشي لدغات الناموس الناقل للعدوى، والتخلص من البعوض، وطرق الوقاية تتمحور حول تجنب لدغات البعوض والقضاء عليه ببعض الطرق، مثل استخدام الناموسية أثناء النوم ولبس الملابس الطويلة، واستخدام نباتات طاردة للبعوض مثل نبات النيم، وردم البرك والمستنقعات، واستخدام علاج ثنائي “إثيل كاربا مازين”.
*هل من الممكن أن ينتقل داء الفيل بالوراثة؟
حتى الآن هذا موضوع نقاش عالمي، وممكن أن يكون وراثي ويظهر في فترة الطفولة أو في فترة البلوغ أو في سن ما بعد الثلاثين، وهذا النوع يطلق عليه النوع الأولي أما النوع الثانوي فينتج عن تكرار الالتهاب الخلوي أو جراحات للغدد الليمفاوية إضافة إلى أورام الحوض ويؤدي في النهاية إلى انسداد الأوعية الليمفاوية، ويكون العلاج بواسطة خطوات تحضيرية للمريض لتخفيض حجم السوائل المتراكمة، ثم اجراء خليط من عمليات الشفط والجراحات التخفيضية طبقاً لأحدث البروتوكولات العالمية، فمسألة أنه وراثي أم لا هي محط نقاشات ودراسات حتى الآن، فهناك دراسات تؤكد إنه ممكن أن ينتقل بالوراثة، وهناك دراسات ترفض رفضاً تاماً انتقاله وراثياً.
*هل داء الفيل، يعيق أو يمنع الحمل بين الزوجين؟
بالطبع يؤثر داء الفيل على حدوث الحمل واستكماله، ويحتاج إلى متابعة دقيقة من قبل الأطباء المتخصصين، لأنه يؤدى إلى حدوث تضخم في الأعضاء التناسلية، بالنسبة للرجل والمرأة وإعاقة في الحركة وممارسة الحياة الطبيعة والجنسية بشكل طبيعي نتيجة زيادة كبيرة وثقل في الأطراف.
*في حال إنه لا يوجد علاج لداء الفيل، هل يمكن اعتباره خطيراً بدرجة خطورة داء الإيدز؟
داء الفيل والإيدز، قد يستطيع المصاب بهما العيش لفترة طويلة قد تتراوح عشرين سنة بعد الإصابة به، في حال الالتزام بالتعليمات الطبية وممارسة حياة صحية، فهما على عكس المفهوم عنهما أنهما أمراض تميت مباشرة بعد الإصابة بهما مباشرة، صحيح إنهما يتفقان بعدم وجود علاج لكل منهما، لكن لكل منهما طرق علاجية تختلف عن الآخر، فهما الإثنين يعتبران خطيرين، مع تفاوت خطورة كل منهما بحسب عدة متغيرات لكل منهما.
*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..
يجدر التنويه أن داء الفيل لا تقتصر الإصابة به على الإنسان فقط، فهو داء قد يصيب الحيوانات أيضاً، فالبعوضة الناقلة للمرض قد تلدغ الإنسان والحيوان وتصيبهما في المرض، وكذلك نفس البعوضة قد تنقل المرض من إنسان مصاب إلى حيوان، ومن حيوان مصاب إلى إنسان.