لكل السوريين

في رسالة تحذيرية جديدة للغرب.. روسيا ترسّم التعديلات على عقيدتها النووية

تستعد روسيا لترسيم التعديلات التي أجرتها على عقيدتها النووية لتحديد الظروف الجديدة التي يمكن لموسكو أن تستخدم أسلحتها النووية فيها.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن روسيا أعدت تعديلات على عقيدتها النووية، ويتم حالياً إضفاء الطابع الرسمي عليها.

وبرر بيسكوف التعديلات الجديدة بتصاعد التوترات بالقرب من حدود روسيا، وتزايد اقتراب حلف شمال الأطلسي منها، وزيادة تورط القوى النووية الغربية في حرب أوكرانيا إلى جانب كييف.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب من أنه بموجب التغييرات المقترحة على العقيدة، يمكن لروسيا استخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت لضربات بصواريخ تقليدية، وأشار إلى أن بلاده ستعتبر أي هجوم عليها بدعم من قوة نووية، هجوماً مشتركاً.

ويعتبر خبراء عسكريون أن توسيع العقيدة النووية الروسية نهاية شهر أيلول الماضي، محاولة من بوتين “لرسم خط أحمر للولايات المتحدة وحلفائها من خلال الإشارة إلى أن موسكو قد تلجأ للرد بالسلاح النووي إذا سمحوا لأوكرانيا بضرب عمق روسيا بصواريخ غربية طويلة المدى”.

التصعيد لخفض التصعيد

نشرت الحكومة الروسية في شهر حزيران عام 2020، وثيقة تحت عنوان “المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي”، وحدّدت الوثيقة المنظور الروسي الجديد بشأن الردع النووي، والبدء باستخدام الأسلحة النووية، حيث تعتقد موسكو أن التصعيد، وإقرار إمكانية البدء باستخدام الأسلحة النووية من قبلها، يؤدي إلى “خفض التصعيد” من قبل الجهات المعادية، أو إنهاء النزاعات بشروط تخدم روسيا.

وأشارت وثيقة المبادئ الجديدة إلى أن الروس قد يستخدمون الخيار النووي “في حالة هجوم غير نووي من قِبل خصم يهدد وجود دولتهم”، ويعتقدون أن هذا التهديد يخفّض التهديد من قبل الطرف المعادي، ويخفّف من حِدَّة تصريحاته، ويحد من خطواته المحتملة.

ولقد بدا ذلك واضحاً من خلال تهديداتهم النووية لحلف الناتو منذ بداية حربهم على أوكرانيا.

والاعتقاد بأن السلاح النووي هو أفضل وسيلة ردع في حالات الضعف ليس جديداً في روسيا، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كان هذا السلاح الضامن الوحيد بالنسبة لها في مواجهة الغرب.

والآن يشعر الروس بأن وجود دولتهم معرّض للتهديد إذا خسروا الحرب في أوكرانيا.

تعديلات العقيدة النووية 

تعهد الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، بأنه لن يكون البادئ باستخدام الأسلحة النووية في أي صراع، ولكن روسيا لم تحتفظ بهذا التعهد، وألغته عام 1993، وعدّلت عقيدتها العسكرية ومفهومها للأمن القومي عدة مرات خلال العقود القليلة الماضية.

وفي مطلع شهر حزيران عام 2020، أصدرت وثيقة جديدة حول سياسة الاتحاد الروسي بشأن الردع النووي.

ونصت هذه الوثيقة على أن سياسة الردع النووي الروسية “دفاعية بطبيعتها، وتهدف إلى الحفاظ على إمكانيات نووية على المستوى الكافي للردع النووي، وتضمن حماية السيادة الوطنية للدولة وسلامتها الإقليمية، وردع الخصم من العدوان على الاتحاد الروسي أو حلفائه”.

وأشارت إلى أن روسيا يمكن أن ترد بالأسلحة النووية عندما تتلقى “بيانات موثوقة عن إطلاق صواريخ باليستية تهاجم أراضي الاتحاد الروسي أو حلفائه”، أو ترد على “استخدام خصم ضد روسيا أو حلفائها للأسلحة النووية أو أسلحة الدمار الشامل، وفي أعقاب هجوم من قبل الخصم ضد مواقع حكومية أو عسكرية حرجة في الاتحاد الروسي، من شأنه أن يقوض إجراءات رد القوات النووية، أو أي عدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية يتسبب في تهديد وجودي لروسيا”.

رسالة للغرب 

اعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية تعديلات شروط استخدام السلاح النووي الروسي “أقوى تحذير للغرب من مغبة السماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ غربية بعيدة المدى”.

وقالت “في الأيام الأولى للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كثيراً ما ذكّر بوتين بترسانة موسكو النووية، وهدد مراراً باستخدام كل الوسائل اللازمة للدفاع عن روسيا”.

وفي هذا الاتجاه ذهبت صحيفة التلغراف التي رأت أن “تعديل العقيدة النووية الروسية سيشمل توسيع نطاق استخدام موسكو الأسلحة النووية”.

وذكّرت بقول الرئيس الروسي “إن أي هجوم على روسيا مدعوم بقوة نووية سيعتبر هجوماً مشتركاً على بلاده”.

وبدورها اعتبرت صحيفة فايننشال تايمز الأميركية “أن التغيير في العقيدة النووية يأتي رداً من الرئيس بوتين على نوايا الغرب السماح للقوات الأوكرانية بضرب أهداف في روسيا”.

ولفتت الصحيفة إلى أن تحذيرات بوتين رسالة واضحة إلى حلفاء أوكرانيا الغربيين مع تحرك الولايات المتحدة وبريطانيا للسماح لكييف بضرب أهداف في عمق روسيا بصواريخ غربية.

من جهتها وصفت شبكة “سي إن إن” الأميركية الوضع الحالي بأنه “أخطر مواجهة بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962”.