لكل السوريين

عمال اللاذقية.. ما بين الجوع والفقر؛ ونيل الحقوق

تقرير/ سلاف العلي

في لحظة كان الجميع مهتما بالأخبار وتطورات التصعيد الإقليمي الجاري، جاءت الأخبار الحكومية السورية لتزيد من الضغوط على كاهل المواطنين، إذ أعلنت الحكومة السورية عن رفع مفاجئ لسعر ليتر المازوت المدعوم للتدفئة، من 2000 ليرة سورية إلى 5000 ليرة دفعة واحدة، القرار صدر في ظل الارتفاع المتزايد في الأسعار، وندرة فرص العمل، وعجز المواطنين عن توفير احتياجاتها الأساسية، فالكلفة المستقبلية لرفع أسعار المازوت المدعوم تتجاوز بكثير المبلغ الذي تم توفيره نتيجة رفع الأسعار، ولكن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد ستكون باهظة، فالقرار سيؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مما يدفعها إلى تقليص استهلاكها ليس فقط للمازوت بل أيضاً للسلع الأساسية الأخرى، وسيؤدي هذا الانخفاض في الطلب على السلع والخدمات إلى تراجع النشاط الاقتصادي في العديد من القطاعات، بدءا من التجارة وصولا إلى الصناعة والزراعة، مما سيزيد من الاعتماد على الواردات لسد الفجوة في السوق، ولا يمكن إغفال الأثر الاجتماعي لهذا القرار، حيث سيؤدي إلى زيادة الفقر وتفاقمه، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل كبير على المازوت، إن الدعم هو تعبير عن اختلال العلاقة بين الأجور وتكاليف المعيشة الضرورية، ويتم رفع شكلي للأجور بعد عمليات رفع الدعم أو رفع أسعار السلع المدعومة وبشكلٍ خاص المازوت،  وبما أن خطوة الرفع تشمل حتى الآن مازوت التدفئة فقط، إن هذا سينعكس على تحسين الوضع المعيشي لعموم الفقراء ومنهم العمال، عبر أشكال مختلفة ولكن لم ينل العمال أي شيء يذكر، وبقي الحال على ما هو، لأنّ القاعدة الإنتاجية الأساسية أي المعامل، مصابةٌ بالشلل أو التعطل سواء في القطاع العام أو الخاص، فكلاهما تتدهور أوضاعهما.

بعض العمال في اللاذقية يقولون لماذا الحكومة تصدق في وعودها والتزاماتها تجاه أصحاب الأموال وأصحاب النعم، وتغدق عليهم ليزدادوا نعما وثروة، ولا تَصدق بوعودها مع العمال بمطالب مشروعة، السيد خالد وهو عامل في شركة الكابلات الكهربائية باللاذقية يضيف: نتحدث عن ضرورة تحسين معيشتنا وعن زيادة أجورنا، أو تعديل حوافزنا الإنتاجية، وغيرها من القضايا المرتبطة مباشرة في إخراج وضعنا المعيشي من عنق الزجاجة، لكن الحكومة تعمل كل ما يجعل الأغنياء يزدادوا غنى والفقراء اكثر فقرا، أكثر والمفقرين يزدادون فقراً، ابتداء من إلغاء الدعم تدريجيا، مرورا برفع الأسعار، واخيرا رفعَ سعر مازوت التدفئة الذي يعادل ثمنه ما يقارب أجر عامل متقاعد خلال شهر.

السيد جعفر وهو عامل بمعل النسيج بجبلة قال: منذ أشهر طويلة استغنت معظم العائلات عن الكماليات ومواد أساسية مثل اللحوم والفواكه والملابس لتساير الأسعار مع الدخل، لكن الآن ومع هذه الأسعار الجديدة، الأمور تتعقد بدرجة كبيرة والسواد الأعظم من أهالي الساحل يتجه للمجاعة.

السيد عدي وهو محامي عن قضايا العمال في اللاذقية، قال: لقد شهدت سورية منذ عام 2011 سلسلة من التداعيات الكارثية التي ضربت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وكان العمال إحدى أكبر الضحايا التي تلقت ضربات موجعة نتيجة تلك الأزمة المتفاقمة، حيث عانت البلاد من تراجعٍ حاد في هذا القطاع بفعل تضافر عوامل الأزمة من جهة، والسياسات الاقتصادية التي استمرت في تقويض دور الدولة في تنظيم الاقتصاد وتقديم الرعاية الاجتماعية من جهة أخرى، ومن الضروري الوقوف عند التحولات التي أصابت سوق العمل وتأثيراتها على شرائح المجتمع المختلفة، هناك ظاهرة البطالة إضافة الى البطالة المقنعة والتي تعني وجود عدد كبير من العاملين الذين يشغلون وظائف غير منتجة أو وظائف لا تتطلب مؤهلاتهم، حيث يعمل هؤلاء في ظروف تتسم بانخفاض الأجور أو ساعات العمل المحدودة، وقد اضطر العديد من السوريين إلى قبول أي نوع من العمل المتاح، حتى لو كان ذلك في ظروف غير مناسبة أو غير مثمرة، وتعد مؤشراً خطيراً على تدهور سوق العمل، حيث يشير هذا الوضع إلى أن القطاعات الاقتصادية لم تعد قادرة على استيعاب العمال بشكل منتج، بل إن جزءً من العمال قد تحول إلى وظائف مؤقتة أو منخفضة القيمة المضافة، مما يساهم في زيادة الفقر وتفاقم سوء توزيع الثروة الوطنية، وتعكس فقدان الأمل بين العديد من العمال في العثور على وظائف ملائمة تتناسب مع مؤهلاتهم، وهو ما يؤدي إلى زيادة الاعتماد على المساعدات أو الهجرة للخارج.