حاوره/ مجد محمد
أكد الحقوقي خلات الإسماعيلي ان ما تشهده المنطقة من تصعيد بين أيران وإسرائيل هو يصب في مصلحة كلا الطرفين، وأن ما يحدث من نزاع مجرد مسرحية سيئة، والخاسر في هذه الحرب هو الشعب اللبناني الذي وقع في فخ الحرب بالقوة.
بعد الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل بوابل من الصواريخ، تتوالى ردود الفعل الداعية إلى إيقاف التصعيد بالمنطقة وسط تصاعد المخاوف من اندلاع حرب أوسع بالمنطقة وصولاً إلى اندلاع حرب أكبر على مستوى الشرق الأوسط، وتتباين الآراء بين مؤيد ومعارض، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها الكامل لإسرائيل وأن المناقشات مع تل أبيب مستمرة بشأن الرد على طهران، بينما دعا أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة إلى إيقاف الحرب والحفاظ على السلم بالمنطقة، ومن جانبه أدان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون القصف الإيراني على إسرائيل وأن باريس حركت ونشطت قدراتها العسكرية في الشرق الأوسط للتصدي للعدوان الإيراني، أما بالنسبة لروسيا قالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا أن الوضع المتفجر في الشرق الأوسط يظهر الفشل الذريع في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة وعجز واشنطن عن منع التصعيد.
وبهذا الخصوص، وفي هذا الصدد عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ خلات الإسماعيلي، الحقوقي والباحث في العلاقات الدولية، ودار الحوار التالي:
*أستاذ خلات مرحباً بك بداية، ما هي الرسائل التي تسعى إيران إلى توصيلها من خلال جملة الصواريخ التي أطلقتها باتجاه إسرائيل؟
الرسالة الإيرانية للكيان الإسرائيلي وقبل ذلك للولايات المتحدة الأمريكية هي واضحة وجلية للعيان، سواء من ناحية التوقيت وسواء من ناحية النوعية التي استخدمتها، فمن ناحية التوقيت جاء الرد من إيران ليقول لإسرائيل ومن يقف خلفها بأن صبرها قد نفذ، وأنه باستطاعتها أن تصل عبر وسائلها وأسلحتها إلى إسرائيل، وإنها قادرة على ضرب أي موقع عسكري في ارض الاحتلال، وهي تريد توصيل رسالة للولايات المتحدة الأميركية أنه لا يوجد حل للأزمة التي بدأت في السابع من أكتوبر العام الفائت سوى الجلوس والاتفاق للتوصل إلى حل لإيقاف إسرائيل، سواء على أرض غزة أو أرض الجنوب اللبناني، وإن أي خيار آخر سوف يؤدي إلى أمور لا يحمد عقباها، ونأمل أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية استلمت هذه الرسالة وأن تلعب دورها كدولة عظمى وصاحبة قرار ولكن لا أظن ذلك، فالولايات المتحدة الأمريكية هي في مأزق يترأسها بايدن، ولكن لا يخفى على أحد تعبه في الفترة الأخيرة وعدم اتخاذه القرارات المناسبة، هذه هي الرسائل ولكن لا أظنها واقعية فالأمر لا يتعدى إنه مسرحية برأيي الشخصي.
*الحديث عن رشقات هذه الصواريخ، كيف قرأت للجميع، وأنت كيف تقرأها؟
ما يمكن قراءته بهذه الضربة تعكس إلى حد ما رغبة الإيرانيين في الدخول بمواجهة مباشرة مع الأمريكيين، فبعد ضربات عديدة تلقتها إيران من قتل هنية في داخل إيران، وقتل حسن نصر الله والذي يعتبر إلى حد ما أهم شخصية شيعية في المنطقة، وخصوصا فيما يتعلق في موضوع الصراع مع إسرائيل، فاليوم هذا الرد لا يرقى إلى مستوى هذه الأمور ويوصف بأنه مسرحي لحفظ ماء الوجه أكثر من إنه رد حقيقي، وأنا أعتقد بأن العلاقة التي تجمع بين إسرائيل وإيران فيها تبادل مصالح وتبادل النفوذ وتبادل الأدوار بشكل أو آخر، أكثر من أنه تبادل عداء بعضهما البعض، فهم يتقاسمون الرغبة بالتمدد في هذه المنطقة والسيطرة عليها تحت شعار الصراع، فمن خ
لال إسرائيل استطاعت إيران الدخول إلى عدة دول عربية، وكذلك الأمر اليوم إسرائيل تحقيق أهدافها بالدخول إلى لبنان، وما يحدث هو تقاسم النفوذ على لبنان بين إسرائيل وإيران، فأعتقد أن إسرائيل وإيران هم علاقة مصلحة أكثر من أنها علاقة عداء، فمصلحتهم هي سرقة قرار هذه الدول من يد شعوبها، فإذا نظرنا إلى القضية الفلسطينية بشكل عميق فالفلسطيني غائب عن القضية والعربي مغيب تماماً، فإسرائيل تحرص أن يكون خصمها الوحيد في هذه القضية هي إيران، وإيران تقدم نفسها أنها هي الحامي لدول المنطقة، في حين إنها تتقاسم كما ذكرت المصالح.
*في أي جزئية ما ترى إنه هناك تنسيقاً وتنفيذاً للمصالح المشتركة بين إسرائيل وإيران، وهل تعتقد أن إسرائيل سترد وكيف سيكون شكل الرد؟
فيما يتعلق بالعلاقة فهي ظاهرة بالتاريخ الماضي حتى الآن، وعن ما يتعلق بعلاقة الي
هود بالإيرانيين فهناك عدة أمثلة، هورش حرر اليهود من السبي البابلي والذي قام به البابليين مرتين وهورش الإيراني حررهم وساعدهم في بناء الهيكل في فلسطين مرة أخرى، والنقطة الأخرى ففي التاريخ المعاصر إيران استوردت السلاح من إسرائيل لمحاربة العراق، والنقطة الثالثة في ما يتعلق بحرب العراق ودخول أمريكا فهناك وثائق تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية نسقت مع إيران، وأخذت الضوء الأخضر ورتبت معها في دخولها واحتلالها للعراق بحكم العداوة بين إيران والعراق إبان نظام حكم صدام حسين، وعندما خرجت أمريكا سلمت العراق لإيران وهي التي تحكم العراق اليوم، وعندما سقط الشاه حكم الخميني إيران بمساعدة أوروبية وفرنسية خصوصاً وهناك وثائق تؤكد هذا الشيء نشرتها فرنسا، وأن مسرحية المقاومة التي يراد بها تأجيج الصراع السني الشيعي على أساس طائفي في هذه المنطقة هو الذي أتى بالخميني من فرنسا إلى إيران، وحول إيران من سويسرا الشرق إلى بؤرة ظلامية ومرتع للتخلف والشذوذ، وفي الواقع كل ما فعلته إيران وما يسمى بحلف المقاومة أنه يمكن إسرائيل من إبادة إسرائيل لشعوب المنطقة، فإيران ساهمت في إبادة الفلسطينيين في غزة ودمرتها عبر حيلة منها عاطية بذلك الضوء الأخضر لإسرائيل، واليوم في لبنان يتم فعل نفس الشيء، فحزب الله لم يفعل أي شيء للبنان سوى أنه صادر القرار اللبناني ومكن إيران من حكم لبنان، وتهميش الدور اللبناني وأخرج الجيش اللبناني من الخدمة وسيطر على قرار الحكومة وحول لبنان أيضاً إلى دولة ظلامية بعدما كانت أيضاً سويسرا الشرق.
*المسرحية انتهت قبل أن نبدأ، هكذا يصف الغالبية الهجوم الإيراني على إسرائيل، ما رأيك؟
بالتأكيد، هل تتذكر قبل بضعة أشهر قليلة حين قامت إيران بمسرحية هجوم على إسرائيل بالدرونات والصواريخ، حيث اعترضت الأردن أغلبها وكذلك إسرائيل، والقليل جداً منها سقط في الخلاء، لأنها غير موجهة وليست ذكية فهي تنتمي للأسلحة التي يطلق عليها في القامو
س العسكري بالغبية، اليوم أيضاً إسرائيل وأمريكا والعالم عرف بتوقيت إطلاق ٢٠٠ صاروخ غبي غير موجه نحو إسرائيل، فاستعدت إسرائيل بما يكفي، بل وأكثر من هذا فإسرائيل هي من أعلنت عبر بلاغ عن انتهاء التهديدات وقالت بعد تقييم الوضع، تقرر أنه من الممكن الآن مغادرة المناطق المحمية (الملاجئ وغيرها) في جميع أنحاء البلاد، فهل رأيت بلداً يتعرض لهجمات وهو من يعلن انتهاء التهديدات الآتية من بلد يفترض بأنه عدو، فكيف علمت إسرائيل أن إيران انتهت من إطلاق الصواريخ، فيا لها من مسرحية بائسة وسيئة الإخراج.
*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك…
النتيجة الرئيسية للرد الإيراني، هي أن طهران حتى الآن استطاعت تثبيت قواعد الاشتباك بينها وبين الاحتلال، كانت القواعد تقوم على أن الاحتلال لا يستهدف إيران بشكل مباشر في أراضيها، ويستهدف شخصيات عسكرية خارج الأراضي الإيرانية، وحتى إذا حصلت عمليات اغتيال داخل إيران فإن الاحتلال لا يتبناها أبداً، وبالمقابل ترد إيران على الاحتلال بشكل غير مباشر أيضا عبر وكلائها وحلفائها في المنطقة حزب الله وقوى عراقية تحديدا، وإذا لم يرد الاحتلال على القصف الإيراني بطريقة تخرج عن قواعد الاشتباك مثل قصف مدن إيرانية مثلاً، فهذا يعني أن إيران استطاعت أن تثبت هذه القواعد، وسيتوقف الأمر عند هذا الحد، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه، أما إذا رد الاحتلال مباشرة داخل الأراضي الإيرانية، فهذا يعني أن دورة أوسع من الصراع ستندلع، وقد تتطور إلى احتمالات لا يمكن توقعها، تتراوح من مناوشات عسكرية بين الطرفين، إلى حرب إقليمية شاملة، بناء على طبيعة تصرف الطرفين.