لكل السوريين

حزب الله يدمر وسط بيروت، ويتحوّل إلى الحكم، والمعارضة

قالت أوساط سياسية لبنانية إنّ كلمة ذهول هي الوحيدة الصالحة لوصف المشهد الذي ظهرت فيه منطقة وسط بيروت صباح السبت.

وبدا الذهول على وجه كلّ مواطن، أو مسؤول نزل إلى تلك المنطقة لتفقد الأضرار الضخمة الناجمة عن تحطيم محلات تجارية، وإحراقها على يد عناصر من حزب الله مساء الجمعة في ظلّ غياب لقوى الأمن، والجيش.

وأكّدت الأوساط السياسية أنّ عملية تدمير وسط بيروت تحمل في طياتها مخاوف من فتنة سنّية – شيعية نظرًا إلى أنّ أهل السنّة في لبنان يعتبرون تلك المنطقة من بيروت رمزًا لهم كما تسائل الجميع ما الذي دفع حزب الله إلى الإقدام على خطوة المشاركة بفعالية في إحراق محلات تجارية في وسط بيروت؟ وهل ذلك يندرج في سياق حملة تصعيدية تستهدف إكمال سيطرته على كل المرافق اللبنانية بما في ذلك بيروت؟

وكشفت هذه الأوساط أنّ مثل هذه الأسئلة طرحت نفسها في أعقاب أعمال الشغب، والتخريب التي شهدها وسط العاصمة الذي تحوّل جزء منه إلى منطقة منكوبة بعد تعمد عناصر سنّية متطرفة جاءت من شمال لبنان، ومناطق بقاعية، وأخرى من حزب الله عملية تدمير ممنهجة للمحلات التجارية.

ورأت أنّ بين هذه الأسئلة ذلك المتعلّق باعتقاد حزب الله أنّ أعمال الشغب في وسط بيروت ستحمل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على الإفراج عن كميات من الدولارات الأميركية من أجل دعم العملة اللبنانية المنهارة من جهة، وتمكين الحزب من شحن قسم من هذه الدولارات إلى سوريا من جهة أخرى.

ولاحظت الأوساط ذاتها أنّ حزب الله استغل إلى أبعد حدود إقدام عناصر سنّية متطرفة، وأخرى تنتمي إلى الحزب الشيوعي اللبناني المباشرة في عمليات تخريب كي يطلق عناصره في اتجاه مزيد من التدمير، وإشعال الحرائق، وتحويل بناية كبيرة اسمها اللعازارية بكاملها إلى ساحة معركة في غياب طرف يتصدّى للشغب.

كما أنّ هنالك لغزًا اتخذ شكل سؤال، وهو لماذا وقفت قوات الأمن، والجيش موقف المتفرّج حيال ما جرى، وهل من علاقة لذلك برفض رئيس الحكومة إظهار أيّ اعتراض على تصرّفات حزب الله مثبتا مرّة أخرى أنّه يدين إلى الحزب في وصوله إلى موقعه؟

وقال سياسي لبناني إنّ حزب الله المشارك في الحكومة اللبنانية “صار الحكم، والمعارضة في الوقت ذاته” مشيرًا إلى أنّ حزب الله يريد عبر تحولّه إلى القوة الوحيدة القادرة على الإمساك بخيوط السياسة، والاقتصاد، والمال إظهار لبنان، وكأنَّه صار في جيبه، وأنّه جزء من المواجهة الإيرانية – الأميركية، والأميركية – السورية، وهي مواجهة تصاعدت مع اقتراب تنفيذ “قانون قيصر” في السابع عشر من الجاري.

ومعروف أنّ “قانون قيصر” يفرض عقوبات شديدة على الحكومة السورية كما يعاقب كلّ من يقيم أيّ نوع من العلاقات السياسية، أو التجارية معها.

وأثار الدمار الذي لحق ببيروت ردود فعل غاضبة من مختلفة الطوائف، حيث وصف وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ما جرى بأنه استباحة لبيروت.

وقام رئيس الوزراء السابق سعد الحريري السبت بجولة وسط بيروت، ولاحظ حجم الأضرار التي لحقت بالمحلات مكتفيا لدى لقائه بالمواطنين بالتعليق “يا عيب الشوم”.

من جهته قال نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني السابق: “إن بيروت لها رجالها، وإنها لن تسكت أمام تحالف الحاقدين عليها” حاثًّا اللبنانيين على الدفاع عن بيروت.

وشن المشنوق هجومًا حادًّا على من أسماهم “تحالف الموتوسيكلات” الذي تذكّر فجأةً أنّه فقير وجائع بتعليمات مباشرة من قيادته، وبجدول أعمال تدميري محدّد، وله أهداف لا علاقة لها بالثورة لا من قريب، و لا من بعيد”.

وكان مئات اللبنانيين قد نزلوا إلى الشوارع ليل الخميس الجمعة في طرابلس، وعكار شمالاً، وصيدا، وصور جنوباً، وفي البقاع شرقاً، وفي بيروت.

وأحرقوا إطارات، ومستوعبات نفايات، وقطعوا طرقاً رئيسة، وفرعية، وهتفوا ضد حكومة حسان دياب.

وقالت غرفة عمليات جهاز الطوارئ، والإغاثة في بيان إن عدد إصابات المواجهات بين المحتجين، وقوات الجيش مساء الجمعة بلغ 49 شخصًا بينهم 6 عسكريين.

وأشارت الغرفة إلى أن مجمل إصابات المواجهات التي اندلعت مساء الخميس، والتي استمرت حتى فجر الجمعة في طرابلس بلغ 36 بينهم عسكريان.

كما أوضحت الغرفة أن الإصابات تنوعت بين الجروح، والرضوض، وحالات الاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.