طرطوس/ أ ـ ن
تل كزل الذي يضم مدينة سيميرا الأثرية يقع إلى الجنوب من مدينة طرطوس في سهل عكار ويعتبر تل كزل من أكبر التلال الجمعية في الساحل السوري.
إن سهل عكار يتمحور حول ثلاث مواقع رئيسية وهي: تل عرقة في جنوبي النهر الكبير الجنوبي، وتل كزل وتل جاموس شمال النهر الكبير الجنوبي، وكل موقع يطل على قسم من سهل محدد بالنهر الكبير ورافده الرئيسي (نهر العروس)، ويبعد كل موقع عن الآخر من 15-20 كم، أما المواقع الأخرى فتنقسم الى فئتين:
أربعة مواقع متوسطة لها وظيفة نوعية (مراقبة الطرقات) وهي تل (فراش، سفرون، بصيصة، وماندر).
مواقع صغيرة وتتجمع خاصة حول تل كزل مثل تل (زبيب، سمريان، لحة، أبو عبيد)، وتشكل مع سفرون دائرة شبه كاملة.
موقع مدينة “سيميرا” هو مرتفع يتميز بكبره واتساعه، يسمى حالياً تل الكزل الواقع على الشاطئ الأيمن لنهر الأبرش، ويقع على بعد 3.5 كيلومتراً من مصبه، و3 كيلو متراً عن الشاطئ يمتاز هذا التل بالاتساع والارتفاع حيث تعتبر مساحة أعلى التل أكثر من 40 دونم، أطرافه قائمة وشديدة الانحدار مما يشير إلى وجود سور كان حوله. شكله بيضوي يرتفع عن السهل المجاور 25 متراً تقريبا، ويبعد عن مدينة طرطوس 28 كم.
وقد ورد ذكر المدينة في حملات تغلات بيلاصر الثالث، وفي كتب اليونان القدماء، وقد ذكرت (مدينة سيميرا) في مراسلات تل العمارنة المصرية وذكرت في التوراة.
سكنها الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ وترك آثاراً فخارية ومنحوتات وأدوات منذ الألفية التاسعة ق.م. في تل كزل (سيمير) 9000 ق.م.
وخلال التنقيبات الاثرية في المواقع والتلال الاثرية في محافظة طرطوس حدد علماء الآثار عن هذه المدينة الضائعة في المنطقة المشار إليها في الوثائق القديمة.
وافقت المديرية العامة للآثار والمتاحف على إجراء بعض الأسبار فيه للتأكد من هوية مخلفاته الأثرية، وهي تقابل عهود مدينة سيميرا. وقد أجريت فيه ثلاثة أسبار خلال ربيع عام 1956 ووصل الحفر حتى طبقة البرونز الحديث، كما عملت البعثة المنقبة فيه بثلاثة مواسم في الأعوام 1960 و1961 و1962م، وحالياً تعمل في الموقع بعثة من الجامعة الأمريكية في بيروت، أثبتت هذه التنقيبات وجود العصر الروماني والهلنستي وعصر الحديد والبرونز الحديث، كما أكدت ازدهار المدينة في العصرين الهلنستي والفارسي. وقد قضي على مدينة سيميرا في العصر الروماني مثل مثيلاتها من المدن الساحلية الفينيقية، التي كانت موجودة كمدينة أرواد وماراتوس (عمريت)، وذلك لمصلحة المدن الكبيرة الجديدة. وتشاهد مخلفات العهد الآشوري في تل الكزل شأن كل مخلفات عصر الحديد، مما يدل على أن المدينة كان لها بعض الأهمية، أما الطبقة المعاصرة للبرونز الحديث، فهي عميقة يأمل علماء الآثار في المستقبل أن تعطي دلائل تؤكد هوية هذا الموقع كمدينة سيميرا القديمة وتعرف باسم “أمورّو/عمورّو”.
التنقيب كان على مرحلتين:
المرحلة الأولى
قام العالم الفرنسي (موريس دونان) بالتعاون (عدنان البني ونسيب الصليبي) في أعوام 1956 و1960 و1961 و1962 بحفريات الأولى ووصل الحفر إلى عهد البرونز الحديث.
المرحلة الثانية
انقطعت الحفريات لفترة كبيرة، ثم تم ترحيل سكانها إلى مكان مخصص لهم وكان ذلك في حزيران من صيف عام 1978، ولكن لم يبدأ البحث والتنقيب حتى الثمانينات من القرن الماضي ويتم هذا البحث لمدة شهر كامل “شهر آب” من كل سنة، والتنقيبات الحالية من قبل البعثة الأمريكية في بيروت وجد الكثير من الأواني الفخارية السليمة والمكثرة، وفي إحدى المناطق تم اكتشاف الكثير من الهياكل العظمية للبشر والأحصنة، مما يرجح أنها من مخلفات معركة.
مكتشفات عام 2006: منطقة المعبد حيث تم الكشف عن عدة جدران وبعض اللقى الاثرية منها صحون فخارية وأباريق زيت وسراج فخاري تعود إلى عصر البرونز الحديث.
مكتشفات عام 2007: تم الكشف عن غرف سكنية وتنور وأرضيات حجرية وجصية ومخزن متوسط الحجم ومجموعة من اللقى الاثرية الهامة منها أجران بازلت ورأس دمية طيني وأباريق فخارية وخرز صوان مشغول، وتم العثور في موقع الكراجات الجديدة على بقايا جدار مقطوع من الجهة الغربية مبنى من الحجارة الكلسية المقصوصة بارتفاع ثلاثة مداميك في الجهة الشرقية وإلى الجنوب من هذا الجدار تظهر أرضية مبلطة ببلاط حجري مع أرضية كلسية كانت أساساً للبلاط الحجري إضافة إلى نقود برونزية ومجموعة من الكسر الفخارية المختلفة والتي تعود لأوان متعددة منها سراج وأوان فخارية ضخمة ولكن المميز في اللقى العثور على خرزة صغيرة مصنوعة من الحجر الهش الأزرق بشكل جعران مصري على قاعدته نحت بسيط ربما كان ختما.
ومكتشفات أثرية أخرى مثل جرار وأواني فخارية سليمة ومكسرة مختلفة الأشكال والأحجام والألوان، وأجزاء من تماثيل فخارية صغيرة وجواريش ومدقات حبوب من البازلت وأوزان حجرية من البازلت وثقالات مغازل ودواليب وأنصال وشفرات من الصوان وعقود خرزية متميزة بألوانها وأشكالها المتنوعة وتقنيات صناعتها العالية الجودة والفريدة من نوعها وتعود للعصر الفينيقي وتعكس مدى التطور والتقدم في الصناعة التي اشتهر بها الفينيقيين.