أدخلت الضربة التي تلقاها حزب الله من خلال استهداف أجهزة الاتصالات الخاصة بعناصره، والتي أقر بها زعيمه حسن نصر الله، الصراع بينه وبين إسرائيل مرحلة جديدة من التصعيد.
وأعاد بعض المراقبين أهداف هذه الضربة إلى محاولة إسرائيل استعادة معنويات جيشها الذي فشل في تحقيق الأهداف التي رسمتها حكومة نتنياهو في حربها على غزة، مثل إعادة الأسرى وسحق حركة حماس، قبل بدء العمل بالحل السياسي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة لإنهاء العمليات العسكرية والتوجه نحو الحل الدبلوماسي.
بينما رأى آخرون أنها جاءت تنفيذاً لاستراتيجية رئيس الأركان الإسرائيلي، التي تتمحور حول “تجفيف مصادر حزب الله اللوجستية والصاروخية، بدءاً من الميدان اللبناني المفتوح، ووصولاً إلى العمق السوري”، من خلال زيادة الضربات ضد الحزب دون اللجوء إلى عملية برية ضده قد تكون لها عواقب خطيرة.
ورأى بعض المراقبين أن الضربة تهدف إلى استدراج الحزب لرد واسع وغير تقليدي على إسرائيل، لتبرير توسيع دائرة عملياتها ضده أمام المجتمع الدولي بذريعة أنها تتعرض للحرب.
خسائر حزب الله
أشار محللون سياسيون إلى أن الخسائر التي تكبدها حزب الله نتيجة للضربة الإسرائيلية ستؤثر سلباً على إدارة عملياته ضد اسرائيل.
وقالت الخبيرة في شؤون الحزب أمل سعد “من الواضح أن الهجوم الإسرائيلي سيكون له أثر يطاول حسابات حزب الله العسكرية”.
واعتبر مدير ملف سوريا والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن، أنه بات على حزب الله “إعادة تقييم نظامه للاتصالات، وأن يجد حلولاً بديلة”.
وقال فيمن “في كل حرب، تعد الاتصالات امراً حيوياً، وإذا تمكن العدو من اختراق اتصالاتك، فإن ذلك يعني أنك في وضع صعب”.
وبالمقابل، اعتبر العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر أن الهجوم “لن يؤثر ميدانياً على الحزب بشكل كبير، لأن لديه وسائل ثانية سرية يستخدمها”.
ورأى أن عدد الجرحى الكبير لن يكون له بالضرورة تأثير على عمليات حزب الله، وقال “نحن نتحدّث عن ثلاثة آلاف جريح، فيما للحزب خمسون ألف مقاتل”.
وأضاف أن المسؤولين السياسيين الكبار في الحزب لا يستخدمون أجهزة بيجر، وبالتالي لم يتعرض أحد منهم لأذى في هذه الانفجارات.
إعلان حرب
اعترف الأمين العام لحزب الله بأن حزبه “تعرض لضربة كبيرة أمنياً وإنسانياً، وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة بلبنان”، ولكنه أكد أن “هذه الضربة الكبيرة والقوية لم تسقطنا ولن تسقطنا”، وأن “الحرب سجال، يوم لك ويوم عليك”.
ووصف الضربة بعملية إرهابية كبرى، وقال “يمكن أن نطلق على ما حدث أنه إعلان حرب”.
وأشار نصر الله في أول خطاب له بعد الهجمات الإسرائيلية إلى أن “أهم أهداف الضربة هو الضغط على الحزب للانسحاب من معركة إسناد المقاومة في غزة، وأن رسائل وصلت إلى الحزب عبر قنوات رسمية وغير رسمية تؤكد بأن هدف الضربة وقف الجبهة اللبنانية”.
وقال “إن العدو الإسرائيلي سيواجه بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب”.
وبشأن طبيعة الرد الذي يخطط له الحزب، تعمّد الغموض بهدف إرباك حسابات قادة إسرائيل، وعدم إعطائهم الفرصة للاستعداد للضربة المتوقعة التي سيقوم بها، واكتفى بالقول “إن الخبر هو ما سترون وليس ما تسمعون”.
العودة إلى لبنان
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريراً حذّرت فيه من عودة الجيش الإسرائيلي إلى لبنان، وقالت “إن المتحمسين لهذه العودة يلعبون بنار لا يمكن السيطرة عليها”.
وقال كاتب التقرير أمير أورن “إن التوترات بين إسرائيل وحزب الله، والتداعيات المحتملة لأي تصعيد عسكري قد تؤدّي إلى تفاقم الأزمات الأمنية في المنطقة”.
ونقل عن خبراء أمنيين إسرائيليين قولهم إن الذين يدعون إلى حرب جديدة في لبنان “لا يعرفون ما يتحدثون عنه”.
وذّكر أورن بـ “الحالة الصعبة التي تعيشها إسرائيل تحت قيادة حكومة نتنياهو، وعبثية إصراره على اجتياح جنوب لبنان حيث يؤدي الرفض المتكرر لاتفاق هدنة وإطلاق الأسرى إلى دفع إسرائيل نحو مواجهة واسعة في لبنان”.
وأشار الكاتب إلى أن القوة التي تدفع نحو اجتياح جنوب لبنان “تسعى لمواصلة الحرب لصالح شخص واحد متهم بجرائم، بينما البديل واضح وهو وقف إطلاق النار في الجنوب والشمال، وإعادة الأسرى، وترتيب جديد في غزة بمساعدة قوات خارجية، والتفاوض مع لبنان لتسوية النزاعات الحدودية”.