لكل السوريين

خروج القوات الأميركية من العراق.. بين الواقع والدعاية الانتخابية

عادت قضية انسحاب القوات الأجنبية من العراق إلى الواجهة، بعد تصريحات رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني التي أكد فيها أنه لم تعد هناك حاجة لوجود القوات الأميركية في بلاده، لأنها نجحت إلى حد كبير في هزيمة داعش، وأنه يعتزم الإعلان عن جدول زمني لانسحابها في وقت قريب.

وحسب وكالة “رويترز” سيبدأ خروج قوات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا بحلول شهر أيلول من العام القادم، ويستكمل بحلول نهاية 2026.

وأشارت الوكالة إلى أنه تم الاتفاق على الخطة، وبقي الحصول على موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد رسمي للإعلان عنها.

ونقلت عن مصادر مطلعة أن الإعلان الرسمي كان مقرراً أن يصدر قبل أسابيع، لكنه “تأجل بسبب التصعيد الإقليمي الأخير المرتبط بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة”.

بينما يرى متابعون للشأن العراقي أن خروج القوات الأميركية بشكل كامل من العراق غير متوقع بسبب المصالح الاقتصادية والجغرافية الأميركية في بغداد، وعدم رغبة واشنطن بالتخلي عن العراق، وتركه لمحور إيران وروسيا والصين.

ويعتقد المراقبون أن التلويح الأميركي بالخروج الكامل من العراق، مجرد رسالة من الحزب الديمقراطي للناخبين حول رغبته بهذا الخروج وطي تلك الصفحة.

سد الفراغ

أكد الخبير العسكري عماد علو، أن القوات العسكرية العراقية تمتلك خبرات تقنية تجعلها قادرة على سد الفراغ الذي سيسببه انسحاب القوات الأجنبية.

وأشار إلى أنها لا تزال بحاجة إلى دعم دولي لتعزيز قدراتها الجوية وأنظمة الرادار ومنظومات صواريخ تغطي جميع مجالات التهديد للعراق وتتصدي للأهداف المعادية.

وقال علو إن “الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن مستمر منذ عام 2020 بشأن إعادة رسم العلاقة الثنائية بينهما” وبين أن إنهاء مهمة التحالف الدولي كانت ضمن تلك الحوارات، حيث تم تشكيل لجنة فنية عسكرية لتقييم قدرات داعش القتالية، وأخرى لبحث احتياجات القوات العراقية الأمنية والعسكرية، وثالثة لبحث الترتيبات العملياتية المطلوبة للتنسيق بين الطرفين.

ولفت إلى أن اللجان أنهت تقريرها ودراستها، وتم بحث جدولة إنهاء تواجد القوات في العراق، دون التطرق بشكل صريح لانسحاب القوات الأميركية، وقال إن “الوضع الحالي يجعلنا بحاجة إلى مزيد من التنسيق والتعاون مع الجانب الأميركي لتعزيز تلك القدرات، خصوصا في المجال الاستخباري والاستطلاع، وجميعها بحاجة إلى وقت لاستكمالها”.

مستقبل الفصائل

من جهته أكد الخبير الاستراتيجي حيدر حميد قدرة القوات العراقية على مواجهة خطر تنظيم داعش الإرهابي، وقال “إن ما يتبقى هو مشكلة تقديم الدعم اللوجستي فيما يتعلق بالجهد الاستخباري والتقني والجوي في مواجهة هكذا أخطار”.

وأشار إلى إن الحكومة مطالبة بسد الثغرات التي سيفرضها إنهاء مهمة التحالف الدولي، وحذّر من “خطورة بقاء العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية طالما استمرت تلك المشاكل، سواء بوجود قوات حزب العمال الكردستاني كذريعة للتدخل التركي بشؤون العراق أو غيرها”.

واعتبر أن انتهاء مهمة التحالف الدولي لا تعني نهاية العلاقة مع الولايات المتحدة، “بل سيتم تنظيم تلك العلاقة باتفاقات أمنية مستدامة لتقديم الدعم لقواتنا” حسب تصريحاته.

وحول مستقبل الفصائل العراقية المسلحة، قال حميد إنه واحد من المخاوف التي ستطرأ بعد انسحاب القوات الدولية، ونوّه إلى أن خلو ساحة العراق من هذه الفصائل سيشجع المد الإيراني على سد الفراغ الناجم عن إنهاء مهمة التحالف الدولي.

قراءة إيرانية

بعد مرور أقل من أسبوع على زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق، وعقده مباحثات وصفت بأنها ناجحة مع كبار المسؤولين والسياسيين، اعتبرت الأوساط الإيرانية
“إعلان السوداني عن قرب انسحاب القوات الأميركية من بلاده انتصاراً لسياسة طهران”.

وربط الباحث السياسي مهدي عزيزي، بين توقيت الإعلان وزيارة بزشكيان إلى العراق، وأضاف أن مباحثات الوفد الإيراني في العراق أسهمت في تقريب وجهات نظر المكونات السياسية العراقية حول الانسحاب الأميركي.

وأشار الباحث الإيراني إلى أن “انسحاب القوات الأميركية من العراق سوف يزيد من استقراره السياسي، لأنه لم تعد هناك حاجة لتحرك فصائل المقاومة العراقية عسكرياً ضد القواعد التي تؤوي عناصر أميركية”.

ورأى أن مباحثات بزشكيان في العراق وتقديمه وجهة نظر تضمّنت رسالة من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى رئيس الوزراء العراقي “ترجمت في خفض ضغوط المكونات الشيعية على حكومة بغداد، والتقريب بين وجهات نظر الأوساط الكردية مع الحكومة المركزية، مما سرّع الإعلان عن جدولة الانسحاب الأميركي من العراق”.