لكل السوريين

علاج الأسنان بحاجة إلى قرض، والأسنان البلاستيكية البديل

تقرير/ سلاف العلي

قائمة المعاناة التي يئن المواطن تحت وطأتها، تزداد مع الآلام والأوجاع الخاصة بالأسنان، فإما أن يتحمل الألم لعدم قدرته على تغطية التكاليف والأجور المطلوبة منه للعلاج وهذا مستحيل، أو يتدبر أمره في تأمين المبلغ المطلوب الذي يحتاجه للعلاج سواء بالتقسيط المريح أو الاستدانة أو الانخراط بجمعية مع زملائه أو الحصول على قرض، لأن علاج الأسنان ألم يفوقه ألم الأجور، وارتفع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد، إلى أكثر من 10 مليون ليرة سورية.

أصبحت زيارة الطبيب هاجسا مقلقا يثقل كاهل المواطن في ظل الظروف المعيشية الصعبة، لقد ارتفعت تكاليف المعالجة السنية بنسبة 100% منذ بداية العام الحالي، جراء ارتفاع سعر الصرف والتضخم والغلاء الذي طال القطاع الصحي إلى جانب القطاعات الأخرى.

ويأتي ارتفاع تكاليف المعيشة، إثر ارتفاعاتٍ غير مسبوقة في أسعار مختلف السلع الأساسية الضرورية، ومنها ارتفاع تكاليف خدمات طب الأسنان في سورية، فقد أصبح الحصول على تلبيسة أو ما يعرف بالجسر الخزفي مكلفا للغاية، حيث قد تصل التكلفة إلى خمسة ملايين ليرة سورية، وذلك يعتمد على عدد الأسنان التي تحتاج إلى علاج ونوع المادة المستخدمة وخبرة الطبيب.

ودفعت الكثيرين للتخلي عن التيجان الخزفية أو الزيركون الأعلى تكلفة، واللجوء إلى تلبيسات بلاستيكية مؤقتة تكون أقل تكلفة وتعتبر بديلا صحيا معقولا، فإن هذا الاتجاه نحو التلبيسات البلاستيكية جاء نتيجة لارتفاع أسعار التاج الخزفي، أما التاج البلاستيكي، فهو الأرخص بكثير، حيث يكلف حوالي 10 آلاف ليرة فقط، وأن استخدام التلبيسات البلاستيكية ليس جديدا، إذ كانت تستخدم سابقا تلبيسات مؤقتة حتى يتم تجهيز التلبيسات الخزفية أو الز يركون، لكن مع ارتفاع التكاليف، بات الناس يعتمدون عليها كحل دائم، أما بالنسبة لمدى صلاحية هذه التلبيسات، يمكن أن تدوم في الفم لمدة تصل إلى عامين أو ثلاثة إذا تم الاعتناء بها بشكل جيد، وبلغ متوسط تكلفة المعالجة اللبية للضواحك بين 80 -200 ألف ليرة، والمعالجة اللبية لسن حسب عدد الأقنية بين 75 – 250 ألف ليرة، وبلغت تكلفة تركيب تاج زيركون حسب نوعه (صيني – ألماني) 250- 450 ألف ليرة، وتراوح قلع السن بين  100 ألف إلى 200 ألف ليرة، وتكلفة تركيب تاج خزف كامل حسب نوعه أيضا بين 600 الى مليون ليرة، ووصل سعر جهاز التقويم ما بين مليون ونصف إلى 2 مليون ليرة، وبلغت تكلفة تبييض الأسنان بين 500 الى 700 ألف ليرة، والحشوات الوسط بنحو  85 ألف ليرة، وأن هذا الارتفاع الجنوني في التكاليف أدى إلى انخفاض الاهتمام بالرعاية السنية، وتراجع عدد المرضى بنسبة تجاوزت 85% ، واعتبرت أن الأسعار غير ثابتة وتتغير من أسبوع لآخر، فمثلا تغير سعر المخدر للاستعمالات السنية بدءا من 90 ألفا إلى أن وصل إلى 275000 ليرة، هواجس كثيرة تقلق أطباء الأسنان، وتجعل هذه المهنة في خطر كبير ومنها سفر الأطباء خارج البلد.

وان الأسعار في التعويضات السنية من تركيب التيجان والجسور، تتباين بحسب العدد والنوعية، وتعتمد التسعيرة على عدد من العوامل مثل خبرة الطبيب ومهاراته، إذ تختلف أسعار نوع العلاج الواحد بين عيادة وأخرى في الشارع نفسه، بالإضافة إلى عدد ونوع الأسنان المعالجة، وهل هي أمامية أم خلفية، فضلا عن عدد الجلسات، إضافة إلى النقص الحاد في الإمدادات والمعدات الطبية، فقد سجلت تكاليف علاج الأسنان في سوريا أرقاما قياسية خلال الآونة الأخيرة، بحجة ارتفاع أسعار الأدوية والمواد الطبية، ليكون المواطن الخاسر الأكبر.

السيد خلدون وهو محامي من اللاذقية قال لنا: تخضع مهنة طب الأسنان كأي مهنة أخرى للظروف العامة، وخاصة الاقتصادية التي نعاني منها على جميع الأصعدة، وتبرز المعاناة فيها بشكل أكثر عن غيرها، نظراً لأن المواد المستخدمة في العلاج من مواد دوائية وترميمات وتعويضات هي مستوردة وغير مصنعة محليا، وتقاس مبيعاتها تبعا لسعر الصرف وبائع المواد المستوردة يضرب على الآلة الحاسبة أمام عينيك مباشرة لرؤية التكاليف وتتفاوت أجور المعالجات السنية عموما بحسب الكفاءات وجودة المواد أيضاً، فمثلا المعالجات اللبية تختلف تكاليفها بين معالجة يدوية، أو التي تتم بالأجهزة (الروتاري)، وحاليا المواد المستعملة في علاج الأسنان متوفرة في جميع المستودعات إلا أن أسعارها تكاد تصل إلى الحد غير المعقول، والمستوردون يتحكمون بالأسعار.

السيدة سماهر طبية أسنان في اللاذقية أكدت أن الأجور التي يتقاضونها رمزية ولا تتناسب مع جهدهم وتعبهم، كون المواد المستخدمة للعلاج أسعارها مرتفعة جدا كأسعار الحشوات التجميلية وإبر التخدير وحشوات الأقنية وغيرها من المواد، بالإضافة إلى الرسوم والضرائب المفروضة علينا، ويعود ارتفاع المواد الأولية لارتفاع أسعار قطع التبديل  وأجور الصيانة كونها مستوردة تخضع لسعر الصرف، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء، الذي يؤخر عملنا، وارتفاع الفواتير المترتبة وضريبة الدخل السنوية، كل ذلك حتما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المواد المستخدمة وأجور العيادات.

كلية طب الأسنان في جامعة تشرين باللاذقية، أكدت: يعود ارتفاع أسعار المعالجات لارتفاع المواد بشكل كبير كونها مستوردة، والحقيقة فقد ارتفع سعرها أكثر من ارتفاع سعر الصرف مما رتب تكاليف كبيرة، لاسيما عند استعمال مواد من النوع الممتاز لشركات عالمية معروفة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وتشغيل العيادات وضرائب الدخل التي تمت مضاعفتها عدة مرات مؤخراً، وتنقسم إلى العلاجات التقليدية البسيطة مثل: القلع والحشوات والمعالجات اللبية واللثوية والتعويضية الثابتة والمتحركة ومعالجات أسنان الأطفال، التي يقدمها طلاب السنتين الرابعة والخامسة ومعظمها مجانية ما لم تتطلب أن يتم تجهيز التعويض في مخبر خاص(غير متوفرة في الكلية حاليا)، حينها يدفع المريض كلفة المخبر فقط، أما المعالجات للحالات المتقدمة والتي تتطلب الاختصاص (التقويم والجراحة وزراعة الأسنان ومعالجة الأطفال واللثة والتعويضات السنية الحديثة والمتقدمة)، يقدمها طلاب الدراسات العليا تحت إشراف أساتذتهم المميزين، وهي تتطلب في جانب منها مواد غالية الثمن (لا تتوفر أغلبها في الكلية) كالزراعات مثلا، حيث يتوجب على المريض شرائها من مراكز البيع الخاصة بنفسه، بينما تكاليف تطبيق العلاجات بحد ذاتها فهي مجانية.