حماة/ جمانة الخالد
يشهد القطاع الزراعي في حماة أزمة متصاعدة، حيث تزداد الضغوط على المزارعين نتيجة التكاليف الباهظة للإنتاج، والتي يقابلها تراجع مستمر في المردود الزراعي، مما دفع الكثيرين للمطالبة بزيادة الدعم من قبل حكومة النظام السوري لإنقاذ هذا القطاع.
وشهدت تكاليف الإنتاج الزراعي تضاعفاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات وقطع غيار الآلات، إلى جانب زيادة تكاليف المعيشة للعاملين في القطاع الزراعي.
ذلك الارتفاع لم يقابله ارتفاع كافٍ في أسعار المحاصيل الزراعية، إذ ارتفعت أجور العمال الزراعيين بنسبة 80% هذا الموسم، بينما زاد سعر القمح بنسبة 25%.
يقول أحد المزارعين إن تكاليف الإنتاج، بما في ذلك أجور الجرارات والعمالة، تشكل الجزء الأكبر من التكاليف، وذكر على سبيل المثال أن نقل القمح إلى مراكز الحبوب يكلف مليوناً ونصف ليرة لكل “نقلة” لمسافة لا تزيد عن 7 كيلومترات.
وأضاف: “تُحدّد أسعار المحاصيل وفق العرض والطلب، وغالباً ما يزيد العرض بسبب غياب التصدير وضعف القدرة الشرائية. على سبيل المثال، تكلفة إنتاج دونم البصل هذا الموسم بلغت 6000 ليرة، بينما تتراوح المردودية بين 1 و1.8 طن، وسعر الكيلو 3000 ليرة، وبالتالي يعد محصول البصل غير مربح.”
وأوضح المزارع أن تراجع الإنتاج الزراعي خلال السنوات الأخيرة يعود إلى الظروف الجوية. ففي الموسم الماضي بلغ إنتاج القمح 150-400 كيلوغرام للدونم مقارنةً بـ 500-700 كيلوغرام في مواسم سابقة، والفستق السوداني 300 كيلوغرام مقارنةً بـ 400-500 سابقاً، والبصل 1-1.8 طن مقارنة بـ4-5 أطنان في السابق.
وأشار المزارع إلى أن أسعار بعض المحاصيل مثل الثوم والبطاطا ارتفعت بشكل كبير بسبب احتكار بعض التجار، فبعد أن أغرقت كميات الثوم أسواق الهال، انخفضت أسعاره إلى مستويات قياسية، لكن فجأة بات هناك نقصاً في المعروض وارتفاعاً حاداً في الأسعار.
قال أحد المزارعين إن الحكومة يمكنها تحقيق التوازن في أسعار هذه المواد عبر فتح التصدير وفق الفائض الإنتاجي للسوق المحلية، بالإضافة إلى تدخل المؤسسات التسويقية لتخزين جزء من الإنتاج وطرحه بأسعار مناسبة لتحقيق الاستقرار المطلوب.
بدوره، قال رئيس الرابطة الفلاحية بالغاب إن الفجوة بين تكاليف الإنتاج وقيمة المحاصيل تتطلب تعزيز الدعم الزراعي بشكل أكبر من خلال زيادة مخصصات المحروقات وتقديم دعم إضافي للبذور والأسمدة، لتخفيف العبء عن المزارعين وتحسين الإنتاج.
ويُعتبر القطاع الزراعي في سوريا أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يوفر فرص عمل لشريحة كبيرة من السكان، خاصة في المناطق الريفية. ويعتمد الإنتاج الزراعي في سوريا على الزراعة المروية والبعلية، ويشمل محاصيل رئيسية مثل القمح والشعير والقطن، لكنه تعرض لأضرار كبيرة خلال السنوات الفائتة، بما في ذلك نقص الموارد وتراجع الإنتاج.
ولم تحرك الحكومة السورية ساكناً تجاه الأزمات المتتالية التي أضرت بالقطاع الزراعي، بل كانت سياساته القمعية سبباً في تفاقم المشكلات الاقتصادية.
وتغيب الكهرباء عن معظم مناطق سوريا، وسط غلاء في المحروقات وعدم توفرها، ما دفع المزارعين للجوء إلى حلول بدائية مثل استخدام الحمير والبغال للتنقل وحراثة الأرض.
وقال مزارعون، إن أجور الجرارات الزراعية المستخدمة في حراثة الأرض ارتفعت بشكل كبير بسبب نقص المازوت وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، مما دفعهم إلى العودة لاستخدام الحمير كما كان يفعل أجدادهم.