لكل السوريين

الانتخابات الرئاسية تربك التونسيين.. لا موعد دقيق لإجرائها ولا ضمانات لنزاهتها

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الربع الأخير من العام الجاري، يتزايد إرتباك التونسيين وتأرجحهم بين اليأس والأمل، حيث لا يتوقع الكثيرون منهم أن تحدث نتائج هذه الانتخابات أي تغيير جوهري في الوضع التونسي الراهن، ويعتبرونها مجرّد محطة لترسيخ نظام الحكم الشمولي المتمثل بتوسيع صلاحيات الرئيس قيس سعيّد، في حين ينظر آخرون إليها كفرصة لإنقاذ البلاد من الانهيار، ومحطة مفصلية ستحكم مستقبل تونس لعقود قادمة.

ويتوقع مراقبون ألّا تكون المنافسة في هذه الانتخابات على أساس أيديولوجي بين الإسلاميين وأنصار الحداثة، ولا على قاعدة الصراع السياسي بين أنصار الثورة وأنصار الثورة المضادة، بل ستكون على الأرجح، بين المقتنعين بضرورة التغيير الجذري الهادئ والإصلاح العميق، في مواجهة القوى التي تسعى للحفاظ على احتكار ثروات البلاد، والإبقاء على الوضع الراهن الذي يضمن استمرار نفوذها.

ويرون أن الداعين إلى التغيير سيتبنون أولويات تحسين معيشة المواطنين، وتعزيز السيادة الوطنية والاستقرار السياسي، وإنقاذ الاقتصاد الوطني عبر تطوير الإنتاج وتشجيع الابتكار، وبناء مرتكزات اقتصاد اجتماعي تضامني لمحاربة الفقر، وغيرها من الأولويات التي تمسّ الحياة اليومية للتونسيين.

ورغم تمسك الرئيس الحالي بالسلطة، يعتقد المراقبون أن المشهد مفتوح على كافة الاحتمالات، بما في ذلك احتمال نجاح مشروع تغييري، إذا تمكّن التونسيون من اختيار مرشح إصلاحي يتبنى برنامج إصلاح تدعمه قوى سياسية واجتماعية وشبابية حريصة على استقرار البلاد وإخراجها من الواقع الذي تتخبط به.

ضغوط ومشاورات

يرى مراقبون في إعلان سبع شخصيات ترشحها للانتخابات الرئاسية التونسية، محاولة لإحراج الرئيس قيس سعيّد، في وقت تجري فيه المعارضة مشاورات للتوصل إلى ترشيح شخصية توافقية، وبرنامج متفق عليه، وفريق عمل موحد.

ويعتقدون أن بعض هذه الشخصيات قد اتخذت خطوة الترشح بنية للضغط على سعيّد لإلزامه بتحديد موعد الانتخابات الذي لم يحدد بعد، وإجرائها في موعدها، حيث أدى التسويف في إجرائها إلى تردي المناخ السياسي المتردي أصلاً، بما لا يسمح بإجراء انتخابات نزيهة.

وكشف أمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، عن وجود مشاورات في أوساط المعارضة حول إمكانية اختيار شخصية مدعومة من قبلها لخوض الانتخابات القادمة، وإيجاد فريق عمل وبرنامج انتخابي موحد، وأكد أن المعارضة “ستناضل لتوفير شروط انتخابات نزيهة تفتح أفقاً للبلاد ولا تؤزم الأوضاع فيها”.

ويأتي ذلك ضمن سياق انتقادات المعارضة لمسار الرئيس سعيّد واعتباره وسيلة للتفرد بالحكم، وتنديدها باستهداف للمعارضين عبر إثارة قضايا جزائية بحقهم بموجب قانون الإرهاب، بهدف إقصائهم من سباق الانتخابات المقبلة.

وما زال العديد من المعارضين يقبعون في السجن منذ شهر شباط من العام الماضي، بتهمة التآمر على أمن الدولة، ومن بينهم وجوه مرشحة لخوض هذه الانتخابات.

لا ضمانات لانتخابات نزيهة

يرى معارضون أن استمرار اعتقال عدد من المعارضين البارزين للرئيس قيس سعيد منذ أكثر من عام، سيؤثر على مصداقية الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويقول أمين عام حزب العمل والإنجاز إن البلاد تعيش على وقع مأساة اعتقال معارضين بسبب آرائهم السياسية.

ويؤكد أن “استمرار استهداف السلطة للحريات والأحزاب والمعارضين لا يوفر الحد الأدنى من  الشروط والضمانات لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة”.

كما يقول الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري “إن ملاحقة المعارضين والصحفيين والنقابيين بسبب آرائهم السياسية تثبت أن شروط إجراء انتخابات نزيهة غير متوفرة”.

ويشير إلى أن المحامين المطلعين على كل مراحل التحقيق يؤكدون خلو ملفات الموقوفين من أي جرائم مادية تدينهم.

ويؤكد أن استمرار استهداف السلطة للحريات والأحزاب والمعارضين لا يوفر الحد الأدنى من الشروط والضمانات الدنيا لإجراء انتخابات نزيهة.

وبدوره يقول الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي “إن الوضع لا ينبئ بوجود توجه لإجراء انتخابات نزيهة في ظل هيئة انتخابية غير دستورية، وسجن المعارضين بتهم واهية، وملاحقة منتقدي الرئيس، ووضع اليد على القضاء وتطويع الإعلام”.

يذكر أن هيئة الانتخابات التونسية لم تحدد بعد شروط الترشح وفق التغييرات التي أقرها دستور 2022، وقد تتعمد الهيئة استبعاد بعض المرشحين البارزين باحتمال فرض شروط لم تكن موجودة في السابق، مثل ضرورة تقديم  طلب ترشحه بنفسه، مما يؤدي إلى منع السياسيين المسجونين من الترشح.