لكل السوريين

خادمات المنازل مهنة مستحدثة تغزو البيوت السورية

تقرير/ أ ـ ن

زادت سنوات الأزمة من أعدادهن، واصبح المألوف وجود خادمات المنازل بالبيوت في طرطوس، فعلى الرغم من أن الازمة ووباء كورونا حدت بشكل كبير من استقطاب العمالة الأجنبية، لكن  بقي دخولهن  القليل بطرق غير شرعية او تهريب، لكن عمالة السوريات بطرطوس، فتح الطريق للكثير من الأشخاص ممن وجدوا بهذه المهنة باب رزق كبير لاسيما وأن العوائل المخملية استمرت بدفع الكثير والقليل لاستقدام الخادمات في المنازل بالتالي كثرة الأعمال المنزلية، الأمر الذي جعل الاتجاه نحو العمالة المنزلية السورية أفضل حالا ومالا سواء عن طريق المكاتب المرخصة لاستقدام هذه العمالة الوطنية أو عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي.

عمالة سورية

السيدة أم محمد توفي زوجها وترك لها 3 أبناء أكبرهم في الـ 14 من عمره، وعليها أن تقوم بتدريسهم”، وضاقت بها الأحوال بعد وفاة زوجها لم يعد يكفينها ما تحصل عليه من راتبه التقاعدي فقررت العمل في تعزيل المنازل، وتحديدا في المناطق الراقية بمدينة طرطوس باعتبارهم يدفعون أكثر، وتؤكد أنها لا تشعر بالخجل من عملها، مقابل تأمين حياة أفضل لأبنائها الذين يتابعون دراستهم، ويكبرون، لافتة إلى أنها تتقاضى على تعزيل حيطان وسقف الغرفة الواحدة 50 ألف، مبينة أن هناك عائلات تكرمها وتدفع لها زيادة لذلك تتحمس في خدمتهم، وعن قدرتها الجسدية على العمل، قالت أم محمد: أقوم بتنظيف غرفتين يوميا الأولى صباحا؛ والثانية مساء، بالرغم من أن هذا العمل لا يؤمن دخلا ثابتا في كثير من الأحيان، إلا أن معظم النساء تضطر للتنقل بين المنازل خلال موسم التعزيل فالكثيرات يعتبرنه موسم لجني بعض المبالغ من هذه الأعمال.

أما نسرين تعمل في تعزيل المنازل، تقول: تحديد الأجر عادة يتم حسب مساحة المنزل، أو عدد الغرف المطلوب تنظيفها لكن نادرا ما يتم احتساب عدد ساعات العمل، ما يجعل الدخل الشهري غير ثابت ومنخفض في آن معا، فمثلا منزل مساحته 75 مترا وهو عبارة عن غرفتين وصوفة أجرة تعزيله 200 ألف دون المطبخ مع النوافذ والأبواب ويتم تعزيله خلال يومين بوجود عاملتين تتقاضى كل واحدة 100 ألف أما المطبخ فأجرته لوحده 100 ألف، وفي حال تقاضت العاملة على الساعة فسوف تظلم وذلك لأن سعر الساعة 10-12 ألف لكن ربما تعمل ساعة وترهق في هذه الحالة ليس من العدل أن تتقاضى هكذا مبلغ، لذلك التقاضي على الساعات يتم خارج أوقات التعزيل، عندما تقوم مدبرة المنزل بقضاء وقت عند مخدوميها يتضمن الطبخ والكي وتنظيف المنزل.

السيدة وسام توضح أنها: تعيش في بيت أجار مع أولادها بعد أن تركهم زوجها وسافر، ثم انقطعت أخباره، مبينة أنها أصرت على أن يتابع أبناؤها دراستهم، لتتحمل مسؤولية هذه العائلة وتنفق عليها من عملها في تنظيف المنازل وتعزيلها، وأضافت: عملي أعيش منه أنا وأولادي وأتقاضى على تعزيل الغرفة وتلييف جدرانها والسقف 50 ألف بينما أتقاضى على تعزيل المطبخ 100 ألف نظرا لكونه أكثر مكان في المنزل يحتاج إلى تنظيف ويوجد بداخله العديد من الأواني والمطربانات التي تحتاج إلى تنظيف، ولا اخبئ انني مستمرة بالعمل حتى خارج موسم التعزيل، مشيرة إلى أنها تقوم بتدبير أمور منازل أخرى من تنظيف وطبخ وجلي وكي ملابس مقابل راتب شهري يبلغ 350-400 ألف ليرة.

جدير بالذكر أيضا أن أجور خدمات الغسيل والتنظيف في المصابغ والمغاسل ارتفعت بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضي، حيث يتراوح سعر غسيل متر السجاد بين 8 – 15 ألف السعر بحسب نوعيتها عادية أم عجمية، بوقت كانت تبلغ العام الماضي أجرة غسيل المتر بين 5 – 7 ألف ل.س.

أن الظاهرة أصبحت مع الوقت ضرورة، إما لظروف طارئة صحية أو إنسانية، كالعجز أو المرض، وإما لإرضاء البريستيج الشائع بين الأوساط حتى المتوسطة منها في مدينة طرطوس، كنوع من المباهاة والاستعراض والتقليد الأعمى، وإما لحاجة ملحة وضرورة اجتماعية عند وجود امرأة عاملة ليست ذات دخل محدود، وللخادمة في المنزل آثار لا تعد سهلة بل وتظهر سلبياتها على الطفل نظرا لعدم اكتمال شخصيته، وتتعزز عند غياب الأم عن المنزل للعمل خاصة في السنوات الست الأولى من حياة الطفل، وأصبحنا نسمع عن شروط في الخادمة، كأن تكون متقنة للغة الإنكليزية، لكن على الأم أن تتساءل: ما الذي تغرسه هذه الخادمة من أفكار وعادات وعقائد في ذهن طفلها ، فأثر غياب الأم عن الطفل خاصة في المراحل الأولى يولد لديه الخوف وقلق الانفصال، ما يؤدي إلى سلوكيات عدوانية، لا يمكن للطفل أن يتكلم ويصف ما كان يحدث معه ما لم تظهر أعراض خارجية دالة على الضرب من جهة، ولا يمكن للأم كذلك الاعتراف بالاعتماد الكلي على الخادمة، لأن ذلك يدينها وينتج عن غيابها من جهة أخرى، الأمر الذي يجعل العقاب النفسي، كالتوبيخ أو الحرمان الذي تمارسه الخادمة على الطفل، أصعب في العلاج فيما لو تعرض إلى الضرب المبرح.

كما ظهرت مشكلات جديدة عند البعض، كالغيرة من الخادمة والتحرشات بها مع وجود أشخاص في مرحلة المراهقة، تعرض موضوع عاملات المنازل إلى التشويه من قبل جهات مختلفة، سواء من المكاتب المتخصصة أم من معارضي العمالة المنزلية لأسباب دينية أو لعدم تقبل عمل المرأة، إلى أن تطورت الظاهرة وأفرزت العديد من المشاكل، على الرغم من أنها عمالة، مثلها مثل أي عمالة، تبيع قوة عملها بمقابل مادي، والموقف الرافض لهن أظهر تسميات مختلفة ، وحاك المجتمع حولهن قصصا تتعلق بالسرقة أو النصب، وستبقى مشكلة شرعية عقد العمل وتنظيمه المقتصر على بعض المعلومات البسيطة قائمة ومتجاهلة حقوقهن، وهو ما ينطبق على جميع الخادمات السوريات اللواتي يعملن بدوام جزئي دون مبيت، لا توجد حماية لحقوق النساء العاملات في المنازل، ولا أحد يضمن عدم تعرضهن إلى اعتداء جسدي وجنسي ونفسي، ولا يمكن الاعتماد على أخلاق الناس، بل لا بد من قانون محدد يحمي العاملة وجهة محددة يمكن لها أن ترجع إليها وتتواصل معها.