لكل السوريين

اللاجئون السوريون.. بين الحلم الأوروبي وواقع وضعهم في لبنان

رغم مرور كل هذه السنوات على نزوحهم من بلادهم، تستمر مأساة اللاجئين السوريين في الدول التي تستضيفهم ولاسيما في لبنان، حيث يحاول الكثيرون منهم مواجهة مخاطر الإبحار بقوارب بدائية، والخضوع لابتزازات عصابات تجار البشر، للوصول إلى قبرص.

ووصل عدد السوريين الذين جاؤوا من لبنان إلى قبرص على متن قوارب الهجرة، إلى 3481 شخصاً بين كانون الثاني وأيار من العام الحالي، وفق تقديرات أممية.

وعلقت نيقوسيا النظر في طلبات اللجوء للسوريين منذ منتصف شهر نيسان الماضي.

وفي مطلع شهر أيار أعلنت رئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن مساعدات للدولة اللبنانية بقيمة مليار يورو بهدف الحد من هجرة للاجئين السوريين إلى قبرص.

وتستمر دول أوروبية مثل الدنمارك وغيرها، بالضغط على الاتحاد الأوروبي من أجل اعتبار مناطق معينة في سوريا “آمنة” ويمكن العودة إليها، لكن منظمات حقوقية دولية مثل “العفو الدولية” تعتبر أن مثل هذه الخطوة “ستمثل انتهاكاً لمبدأ عدم العودة القسرية للاجئين”، الذي يحظر إعادتهم إلى دول يمكن أن يواجهوا فيها التعذيب أو الاضطهاد.

اللاجئون كبش فداء

مع تنامي أزمة المهاجرين في الدول الأوروبية، يواجه السوريون في لبنان “عداء متزايداً من السكان والحكومة”، وفق تحليل لمجلة فورين بوليسي الأميركية.

وذكرت المجلة أنه مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان على مدار السنوات الخمس الأخيرة، أصبح اللاجئون “كبش فداء سهل لمشاكل البلاد”، وخلال الأشهر الأخيرة واجهوا “العنف والكراهية من بعض المواطنين اللبنانيين، فضلاً عن الاعتقالات والترحيل والتعذيب على يد الحكومة”.

وأشار التحليل إلى أنه نتيجة هذه الظروف “يشعر اللاجئون السوريون بأنهم في حصار بين الحلم البعيد المتمثل في الاستقرار في أوروبا، وبين المناخ العدائي في لبنان، والخوف من الترحيل إلى وطنهم”.

وشهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيداً غير مسبوق في الفترة الأخيرة من قبل الحكومة اللبنانية، التي تسعى لترحيلهم بكل الوسائل رغم تحذيرات المنظمات الحقوقية من مخاطر الإعادة القسرية إلى سوريا، التي “تعتبر بلداً غير آمن حتى الآن”، وفق المجلة.

ورغم من أن بعضهم يعمل في قطاعي الزراعة والبناء، فإن 9 من بين كل 10 أشخاص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

بلاغات ظالمة

خلال الفترة الممتدة بين 25 نيسان و6 حزيران هذا العام، وصل إلى “مرصد السكن اللبناني” 48 بلاغاً بالإخلاء أو التهديد بالإخلاء استهدفت السكان السوريين فقط.

واعتبر المرصد، وهو منصة إلكترونية تهدف إلى جمع البحوث من أجل تعزيز الحق في السكن في لبنان، أن “هذه البلاغات تأتي نتيجة سلسلة من التعاميم التمييزية التي أصدرتها السلطات المحلية في لبنان ضد اللاجئين السوريين، مما أثر على 2500 شخص على الأقل”.

وأشار المرصد إلى أن “هذه العائلات تعيش في لبنان منذ سنوات، حيث استقر أكثر من ثلثها في المنزل ذاته لأكثر من خمس سنوات، وتدفع قيمة إيجار مساكنها، وتتكلف النسبة الأكبر منها ما بين مئة ومئتي دولار شهرياً، رغم أن ظروف السكن غير صالحة غالباً “.

ظروف مأساوية

يجد اللاجئون السوريون الذين يعيشون في الضاحية الجنوبية لبيروت أنفسهم أمام تهديدات اندلاع  حرب واسعة محتملة بين حزب الله وإسرائيل.

وتتزايد مخاوفهم من الانزلاق نحو حرب شاملة في المنطقة وهم الذين هربوا من القصف والموت في سوريا، وجاءوا إلى لبنان بحثاً عن الأمان، ولكن الوضع الآن غير مستقر على الصعيد الأمني والاقتصادي والاجتماعي.

وسيكون اللاجئون السوريون الذين يعيشون في ظروف اقتصادية مأساوية ويعتمدون على المساعدات الدولية، الأكثر عرضة للخطر في خضم الصراع  وسيواجهون مخاطر تطال سلامتهم وأمنهم، مما قد يجبرهم على النزوح مرة أخرى داخل لبنان بحثاً عن مناطق آمنة.

ويحذر رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر، من تدهور محتمل لأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان في حال اندلاع أي حرب شاملة، ويشدد على أن “اللاجئين السوريين يمثلون الحلقة الأضعف والأكثر تهميشاً في حال حدوث هذا السيناريو المأساوي.