لكل السوريين

الدروس الخصوصية تحتاج إلى ميزانية لامتحانات الدورة الثانية

تزداد الضغوط النفسية والمادية على الأهالي وأبنائهم من طلاب الشهادة الثانوية وامتحانات الدورة الثانية التكميلية، جراء ارتفاع بازار أجور الدروس الخصوصية، وجري وتسابق الطلاب وراءها أيا تكن الأسعار، لان الدورة وراء الباب وخلال أيام، ويصل أجر الجلسة الواحدة إلى أكثر من ثلث راتب الموظف.

فالموظفة او الموظف في القطاع العام وأم او والد لطالب هيأ نفسه وخاض امتحان الشهادة الثانوية الفرع العلمي، فدفعوا كل واحد نحو 3الى 3.5 مليون ليرة سورية منذ بداية العام الدراسي وحتى الامتحان، ومنهم من يجهز نفسه لمبالغ جديدة بعد صدور النتائج، والتقدم للبعض الى دورة تكميلية.

فالبعض من اجل ان يحصل أولادهم لبعص دروس لمادتي الرياضيات واللغة العربية تبلغ 100 ألف ليرة سورية لكل ساعة تدريس من كل مادة، بينما سيدفعون حوالي 50 ألف ليرة لساعة التدريس من مادة الفيزياء، كذلك الحال بالنسبة للكيمياء والعلوم، وتصل أجرة الساعة للغة الروسية والإنجليزية إلى 25 ألف ليرة.

ومنذ بداية العام الدراسي تساءلوا الأهالي عن لكيفية في تأمين المبالغ في بورصة الدروس الخصوصية، حيث يتم فرض تقشف كبير داخل بعض المنازل، شمل حتى الطعام، وتم توفير المبالغ من رواتبهم واعمالهم، والبعض اضطر للعمل لأكثر من عمل إضافة لوظيفتهم، حتى يدخروا المال ويدفعوه لمدرسي الدورات خلال العام الدراسي، لتدريس ابنهم.

وتعتبر مرحلة الشهادة الثانوية حاسمة بالنسبة للطلاب، فمجموع العلامات الذي يحصل عليه الطلاب يحدد مصيرهم، والفرع الجامعي الذي سيختارونه، رغم المطالب المستمرة بتغيير هذه العقلية وترك الطالب يختار بحرية الفرع الذي يناسبه دون أن تقف العلامات عائقا في سبيل تحقيق حلمه بدراسة التخصص الذي يريده، واما سيضطر الطالب الى الدخول امتحانات الدورة الثانية او التكميلية ببعض المواد ما سيلزم الأهالي بدفع مبالغ جديدة كما هو الان.

ولا يوجد هنالك فرق كبير بين مناطق الريف والمدينة والأحياء الشعبية، أن أجرة جلسة الرياضيات لمدة ساعة تتراوح بين 90 الى 110 ألف ليرة، حسب المنطقة واسم المعلم، وما إن كان سيحضر إلى منزل الطالب أو أن الطالب سيذهب إلى منزله وإذا كلن الطالب ناجح ويطمع بالتفوق او ان الطالب يريد مراجعة وتسميع بالمادة، او ان الطالب راسب بالمادة ومن المحتمل ان ينجح بالمادة وبالبكالوريا، ولكن فقط للدورة التكميلية.

وتتراوح الأجور بين مختلف المناطق والريف والمدينة: لمادة العلوم بين 40 ألفا و60 ألف ليرة، ومثله للغتين الروسية والإنجليزية، والكيمياء والفيزياء من 50 ألف إلى 70 ألف ليرة، واللغة العربية من30 ألفا إلى 60 ألف ليرة.

وتعد الأجور المذكورة مرتفعة جدا مقارنة بمستوى الرواتب وتأمين أدنى أولويات واحتياجات العائلة، إذ يبلغ الحد الأدنى للرواتب نحو300 ألف ليرة سورية.

وارتفعت تكاليف المعيشة لأسرة مؤلفة من خمسة أفراد إلى نحو 6 مليون ليرة سورية شهريا، بينما وصل الحد الأدنى إلى 3،5مليون ليرة سورية، على ان يكون البيت ملك وليس اجار، ويوجد على الأقل موظفين بالبيت، حتى يمكن امن تسير الأمور بشكل مقبول، وبدون أي تكاليف لأدوية مزمنة او مصاريف أخرى تتعلق بالطلاب واجور سفرهم.

السيد تمام وهو موظف ويبلغ من العمر 50 سنة وهو والد طالبة تستعد لخوض امتحانات الثانوية الفرع العلمي، لا يحتمل عقله التفكير بالرقم الذي دفعه حتى اللحظة للدروس الخصوصية، والذي فاق وفق تقديراته الستة ملايين ليرة، موزعة على دورات صيفية قبل الموسم الدراسي وخلاله، واستعان تمام بشقيقه الطبيب المقيم في ألمانيا، والذي لولا حوالاته المالية لما تمكن من تغطية نفقات الدروس الخصوصية، وتريد ان تقدم امتحان التكميلية لتعدل علاماتها بمادتي اللغة العربية والعلوم وترفع معدلها، يأمل أن تستطيع ابنته دخول كلية الطب ومن ثم السفر إلى ألمانيا والعمل مع عمها هناك، ويرى تمام أن انحدار التعليم في المدارس الحكومية هو سبب الإقبال الكبير على الدروس الخصوصية، إضافة إلى العطل الطويلة خلال العام الدراسي الواحد، وقال إن غالبية المعلمين لم يتمكنوا من إنهاء المنهاج للطلاب الذين خرجوا من المدرسة للمراجعة نتيجة اقتراب موعد الامتحان، كما تشهد الصفوف اكتظاظًا بالطلاب، إذ يصل عدد الطلاب في شعبة ابنته بإحدى المدارس داخل مدينة اللاذقية إلى نحو 40 طالبة، فيصعب على المعلمين إيصال المعلومة للجميع والتأكد من أنهم فهموها جميعهم، فكل طالب له مستوى معين من الاستيعاب.

إلى جانب وظيفته الحكومية، يعمل السيد طلال بعمل آخر بعد الظهر، وبالكاد استطاع دفع أجور دروس خصوصية للرياضيات واللغة العربية لابنه، معتمدا على اجتهاده في انتزاع مجموع كاف يؤهلها لدخول تخصص جامعي يضمن لها السفر بعد التخرج، وقال السيد طلال إنه لا يمتلك أي قريب مغترب أو عمل يمنحه دخلا كافيا لتأمين احتياجات المنزل مع دفع أجور الدروس الخصوصية، وقد أخبر ابنه بذلك منذ بدء العام الدراسي، طالبا منه أن تعتمد على نفسها فهذا كل ما يستطيع تقديمه له، وأضاف أنه وفر كل ما يمكن توفيره من نقود لدروس ابنه، فألغى مشروبي الضيافة القهوة والمتة من المنزل، وحتى خارجه، إذ إنه لا يتذكر متى آخر مرة تناول فيها فنجان قهوة، كما أنه امتنع عن التدخين ليس لكبح ضرره بل لتوفير الأموال التي يصرفها عليه، حتى الغسالة حين تعطلت قبل حوالي الشهرين لم يصلحها وتضطر زوجته لغسل الملابس على يديها بانتظار انتهاء الامتحانات، وكان إياد قد جهز لابنه ما أمكن من لوازم الدراسة والتركيز، مثل شراء بطارية صغيرة وجعلها خاصة بغرفته، كي تستطيع متابعة دروسه مساء، فالبطارية التي تستخدمها العائلة قديمة وضوؤها خافت للغاية، وجهز له ما يلزمه من اجل الدورة التكميلية بمادة العلوم والفيزياء.

ويعيش الأهالي وطلاب الشهادة الثانوية ظروفا صعبة، وخاصة مع قدوم الدورة التكميلية، فالكهرباء بالكاد تأتي أربع ساعات يوميا مقابل 20 ساعة قطع، وشكوى الأهل من الظروف المعيشية تشكل عامل ضغط أيضا، ولا يستطيع كل الطلاب تحويل تلك الظروف إلى دافع للنجاح، فالبعض يستسلم ويحاول البحث عن عمل آخر خارج الدراسة، خصوصا أن رواتب الخريجين الجامعيين منخفضة سواء في القطاع العام أو الخاص مقارنة بأجور المهن الأخرى.

وتنتشر دورات افتراضية (أونلاين) للدروس الخصوصية، وتكلفة الدورة لمادة واحدة لكل الموسم الدراسي تتراوح بين 400 ألف و600 ألف ليرة، لكن ظروف الإنترنت وعدم امتلاك موبايلات حديثة يعتبر عائقا أمام اتباع تلك الدورات.

ووفقا لبعض الأهالي باللاذقية وريفها، فإن العديد من المعلمين في المدارس تحولوا إلى مجرد تجار يستخدمون المدرسة للترويج لأنفسهم، والحصول على زبائن لهم من الطلاب ليعطوهم دروسا خصوصية في المنزل.