بعد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا الذي قضى بأنه يتعين على الحكومة تجنيد طلاب المعاهد اليهودية “الحريديم” بعد عقود من حصولهم على إعفاءات جماعية من الخدمة العسكرية الإلزامية، سيبدأ الجيش الإسرائيلي بتجنيدهم قريبا، حسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وبعد قرار المحكمة، أصدر النائب العام الإسرائيلي تعليماته إلى وزارة الدفاع بضرورة تنفيذ القرار، وقال “إن التزام مؤسسة الدفاع بتجنيد طلاب المدارس الدينية ساري بالفعل، بداية من الأول من تموز”.
ورغم وجود 63 ألف طالب من طلاب المدارس الدينية مؤهلين للخدمة العسكرية، وفقا لحكم المحكمة وأوامر النائب العام، أبلغ الجيش الإسرائيلي المحكمة بأنه يمكنه تجنيد حوالي 3000 فقط في صفوفه خلال عام التجنيد 2024، الذي بدأ في مطلع الشهر الجاري.
وأظهر استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي، أن معظم الإسرائيليين يعارضون إعفاء الرجال اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية.
وبيّن الاستطلاع الذي نشر في أيلول الماضي أن 68 بالمئة من الجمهور الإسرائيلي يعارضون منح إعفاء للحريديم من الخدمة العسكرية.
كيف سيتم التجنيد
رفضت وزارة الدفاع الإسرائيلية الرد على سؤال حول كيفية الالتزام بأوامر المحكمة العليا والمدعي العام، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
واستبعدت الصحيفة أن يبدأ الجيش بإرسال آلاف أوامر التجنيد إلى طلاب المدارس الدينية، وأشارت إلى وجود “خيارين رئيسيين” أمامه، يتمثل الأول بإجراء قرعة عشوائية للمؤهلين للتجنيد مهما كان عددهم، ولكن تنفيذ هذه الآلية حسب الصحيفة، سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع مجتمع الحريديم وقيادته، إذ قد يتم تجنيد طلاب المدارس “الدينية النخبوية” الذين ينظر إليهم على أنهم “جوهرة مجتمع الحريديم”.
ويتمثل الخيار الثاني “بتجنيد الفئات الأقل أهمية من مجتمع “الحريديم المعاصرين”، ومن الذين يلتحقون بـ”المدارس الدينية المنقطعة”، التي لا تلتزم بالدراسات الدينية بشكل كامل.
وحسب بيانات المعهد الديمقراطي الإسرائيلي، فإن هؤلاء يشكلون ما بين 11 إلى 15 بالمئة من إجمالي مجتمع الحريديم.
وهذه الشريحة “أكثر اندماجا في المجتمع الإسرائيلي من التيار الحريدي السائد، وأقل عداء لفكرة الخدمة العسكرية، ولذلك قد يجد الجيش شباباً أكثر استعداداً للتجنيد مقارنة بأجزاء أخرى من المجتمع الحريدي”، حسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
تداعيات التجنيد
من المرجح أن يتسبب تجنيد طلاب المعاهد اليهودية المعروفين باسم “الحريديم” بإدخال البلاد في صراعات قانونية وسياسية جديدة تطال تداعياتها الحكومة الائتلافية الحاكمة التي تعتمد على حزبين دينيين لاستمرارها في الحكم.
ومع وجود مقاومة أقل للتجنيد من قبل القيادة الحريدية من مجتمع “الحريديم المعاصرين والمدارس الدينية المنقطعة”، تبرز تساؤلات حول قانونية هذه الخطوة، حيث يتعين على الدولة أن تتصرف وفقا للقانون الإداري، الذي يتضمن أحكاماً لتطبيق القوانين على قدم المساواة تجاه جميع المواطنين. حسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وتقول الصحيفة إن “اختيار رجال محددين من المجتمع الحريدي لأن قيادتهم لا تهتم بهم على الأرجح، لن يرقى إلى مستوى معيار المساواة على المدى الطويل”.
وتعتقد بأن الدولة قادرة على إظهار نيتها تطبيق قانون التجنيد على نطاق أوسع في السنوات المقبلة، وأن التجنيد من بين المدارس الدينية “المنقطعة”، وطلاب المدارس الدينية الحريدية “المعاصرة” قد يمرّر بشكل قانوني على المدى القصير.
من هم الحريديم
يطلق مسمى الحريديم على اليهود الأرثوذكس المحافظين دينياً وسياسياً واجتماعياً، ويشار إليهم أحياناً باسم “الأرثوذكسية المتطرفة”.
ويحافظ هؤلاء على كافة الأنظمة والقوانين الوارد ذكرها في التوراة والكتب الدينية المقدسة،
ويعتقدون أن دولة إسرائيل ونظم حياة اليهود “يجب أن تسير وفق قوانين وأنظمة الشريعة اليهودية، وليس بموجب قوانين حدّدها ونظّمها بنو البشر”.
ويحاولون فرض شرائع التوراة على المشهد الحياتي في إسرائيل، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية.
ومن أجل منع التأثير الخارجي وتضرّر القيم والممارسات الدينية، يسعى الحريديم إلى الحد من اتصالهم بالعالم الخارجي، وتجنب التحدث مع من هم خارج طائفتهم قدر الإمكان، واقتصار التفاعل مع الغرباء على المعاملات الاقتصادية والعلاقات العامة التي لا يمكن تجنّبها، وفق موقع “ماي جويش ليرنيج”.
ويعود إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية إلى شهر كانون الثاني عام 1951، حيث كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون، إلى رئيس الأركان آنذاك معلناً عن قرار إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية.