التنوير حركة فكرية مهمة في تاريخ أوروبا الحديث بدأت أوائل القرن السابع عشر الميلادي، واستمرت حتى القرن التاسع عشر.
قام بها فلاسفة وعلماء نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وإدراك قوانين حركته، واعتمدوا على التجربة العلمية والنتائج المادية الملموسة بدلا من الاعتماد على الخرافة والخيال.
وعصر التنوير مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية اعتمدت على العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة بدلاً من الاعتماد على الموروث الديني والاجتماعي، وشدَّد فيها الفلاسفة على العقل باعتباره أفضل وسيلة لمعرفة الحقيقة.
واعتبر رواد هذه الحركة مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وتجاوز الأفكار اللاعقلانية والتقاليد القديمة السائدة ضمن الفترة الزمنية التي أطلقوا عليها اسم “العصور المظلمة”.
ودعوا إلى خروج الإنسان من عجزه عن استعمال عقله، لأن العيب لا يكمن في العقل نفسه، بل في الافتقار إلى القرار والشجاعة في استعماله.
إنجازات عصر التنوير
كرّس عصر التنوير العلم كمصدر للمعرفة، وشهدت أوروبا في منتصف القرن الثامن عشر نهضة فلسفية وعلمية في مواجهة المذاهب التقليدية، وقاد الحركة الفلسفية كل من فولتير وجان جاك روسو، ودافعا عن الحق في قيام مجتمع يقوم على العقل والعلم بدلاً من الإيمان والعقيدة الكاثوليكية المتعصبة.
كما قدم الفيلسوف السياسي مونتسكيو فكرة فصل السلطات في الحكومة، وتمّ تبني فكرته عندما تم وضع دستور الولايات المتحدة الأميركية.
وعلى الصعيد العلمي، وضع عالم الفلك الألماني يوهانس كيبلر عام 1618م، قوانين الحركة الكوكبية، وهي قوانين تصف حركات كواكب النظام الشمسي.
وفي العام 1686م، نشر إسحاق نيوتن كتاب مبادئ الرياضيات، ونشر جون لوك أعماله بعنوان مقال خاص بالفهم البشري في العام 1689م، وقد قدم هذان العملان مجموعة من الأدوات العلمية والرياضية والفلسفية التي أسهمت في التطور الكبير الذي شهده عصر التنوير.
ورغم استبعاد النساء من المهن والجمعيات العلمية والجامعات خلال عصر التنوير، وفرض قيود كثيرة عليهن، إلّا أنّ العديد منهن قدّمن مساهمات في مجال العلوم خلال القرن الثامن عشر، ومن أبرزهن الفيزيائية الإيطالية لورا باسي التي حصلت على الدكتوراه من جامعة بولونيا وأصبحت مدرسة فيها في العام 1732م، والأميرة الروسية كاترين داشكوفا، التي كانت مديرة الأكاديمية الإمبراطورية الروسية للعلوم في سان بطرسبرج عام 1783م.