التنوير حركة فكرية مهمة في تاريخ أوروبا الحديث، بدأت أوائل القرن السابع عشر الميلادي واستمرت حتى القرن التاسع عشر، وقام بها فلاسفة وعلماء نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وإدراك قوانين حركته، واعتمدوا على التجربة العلمية والنتائج المادية الملموسة بدلاً من الاعتماد على الخرافة والخيال.
وعصر التنوير مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية اعتمدت على العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس نظام شرعي للأخلاق والمعرفة بدلاً من الاعتماد على الموروث الديني والاجتماعي، وشدَّد فيها الفلاسفة على العقل باعتباره أفضل وسيلة لمعرفة الحقيقة.
واعتبر رواد هذه الحركة مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وتجاوز الأفكار اللاعقلانية والتقاليد القديمة السائدة ضمن الفترة الزمنية التي أطلقوا عليها اسم “العصور المظلمة”.
ودعوا إلى تجاوز عجز الإنسان عن استعمال عقله، لأن الخلل لا يكمن في العقل، بل في العجز عن استعماله.
سمات عصر التنوير
لم يمثل عصر التنوير حركة فكرية قائمة بحد ذاتها، أو مدرسة فلسفية مستقلة، بل قدم مجموعة من الأفكار أكثر من كونها مجموعة من القيم، وطرحت هذه الأفكار الجديدة تساؤلات مهمة على المؤسسات التقليدية في مجال العادات والأخلاق.
وتميّز هذا العصر ببلورة أفكار فلسفية جديدة تخاطب العقل الذي اعتبره روّاد العصر مصدر السلطة والشرعية والقوة التي يمكن للبشر من خلالها فهم أن جميع البشر يستحقون الاحترام والمساواة بغض النظر عن أصولهم أو انتماءاتهم الأخرى، وأنهم مواطنون في مجتمع واحد.
وركزت حركة التنوير على الدين والعقل والطبيعة والإنسانية، ودافعت عن العديد من القيم مثل الحرية والتطور والتسامح والأخوة والحكومة الدستورية والفصل بين الكنيسة والدولة.
واعتمد رواد عصر التنوير على المنهج العلمي، وشدّدوا على التجريب والملاحظة الدقيقة.
ولقد أحدثت هذه الحقبة تطورات مهمة عديدة في مجالات علم التشريح وعلم الفلك والكيمياء والرياضيات والفيزياء.
وكان فلاسفة هذا العصر يؤمنون بإمكانية تطبيق المنهج العلمي على دراسة الطبيعة الإنسانية، فقاموا بتصنيف المعرفة في موسوعات، وبتأسيس المعاهد العلمية، واستكشفوا بعض المواضيع في التربية والقانون والفلسفة والسياسة وهاجموا الطغيان والظلم الاجتماعي والخرافات والجهل.
وشكلت هذه الأفكار أساسا للثورة الفرنسية ومن ثم للثورة الأمريكية وحركات التحرر في أمريكا اللاتينية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.