لكل السوريين

في يومها العالمي.. إضاءة حول متلازمة داون

حاوره/مجد محمد

متلازمة داون هي نوع من الإعاقة، والناتجة عن وجود مادة وراثية زائدة على كروموسوم ٢١، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية هي تصيب واحداً من كل ألف إلى ١١٠٠ مولود عالمياً، فعادة عندما يولد الأطفال فأنهم يحملون في جسمهم ٤٦ كروموسوم بمعدل ٢٣ من الأب و ٢٣ من الأم في كل خلية، بينما أطفال متلازمة داون يحملون في جسمهم ٤٧ كروموسوماً في كل خلية وذلك بسبب تكرار الكروموسوم رقم ٢١ مرتين، يتشابه المصابين بمتلازمة داون في كل العالم بنسبة ٩٥٪ من حيث الشكل، وسابقاً كانوا يعانون من التنمر بشكل رهيب وصولاً لتسمية متلازمتهم بالمنغولية، فكان الشخص المصاب بمتلازمة داون يطلق عليه لقب المنغولي، ولا يزال هذا اللقب قائماً ويطلق عليهم في المجتمعات المتخلفة والغير مثقفة صحياً، وتكريماً للمصابين بالمتلازمة حددت الأمم المتحدة يوم ٢١ آذار/ مارس من كل عام يوماً دولياً لمتلازمة داون.

وللحديث عن هذا الموضوع، وفي هذا الشأن عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الطبيب أسعد الخالد أخصائي طب الأطفال وجراحتها، ودبلوم معالجة التواصل والنطق، ودار الحوار التالي:

*دكتور أسعد مرحباً بك بداية، ذوي الهمم أو أصحاب متلازمة داون من وجهة نظر الطب، من هم؟

أهلاً بك، متلازمة داون هي اضطراب جيني يحدث نتيجة خلل في انقسام الكروموسوم ٢١، مما يؤدي إلى امتلاك المصاب بهذه المتلازمة نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكروموسوم الحادي والعشرين، ويختلف تأثير هذه النسخة الإضافية من مصاب إلى آخر، والكروموسوم هو عبارة عن حزمة منظمة من الحمض النووي توجد في نواة الخلية، ويتكون جسم الإنسان الطبيعي من ٢٣ زوجاً من الكروموسومات، بحيث يتكون كل زوج من هذه الكروموسومات من كروموسوم يأتي من الأم، بينما يأتي الكروموسوم الآخر من الأب.

*كلامك عن الكروموسوم الكامل أو الجزئي، يدل على أن المصابين بمتلازمة داون ليس جميعهم بنفس المستوى، أو إن هناك أنواع؟

نعم بالتأكيد، المتلازمة ليست واحدة بل هي على ثلاثة أنواع، فالنوع الأكثر شيوعاً هو التثلث الصبغي، وفي هذا النوع يفشل زوج كروموسومات رقم ٢١ في الحيوان الأمينوسي أو البويضة في الانفصال، ومع تطور الجنين يستمر نسخ الكروموسوم الزائد في كل خلية من خلاياه، وينتج عن ذلك نمو جنين بنسخة زائدة من الكروموسوم الصبغي ٢١ في جميع خلاياه، أي أنه يوجد في كل خلية ثلاث نسخ من الكروموسوم ٢١ بدلاً من نسختين، أما النوع الثاني فهو النوع الفسيفسائي، وفي هذا النوع يكون بعض الخلايا طبيعياً ويحتوي على ٤٦ كروموسوم (٢٣ زوج طبيعي دون كروموسوم زائد)، والبعض الآخر يحتوي على نسخة إضافية من كروموسوم رقم ٢١، فيكون مجموع الكوروموسومات ٤٧، والأشخاص المصابين بمتلازمة داون من النوع الفسيفسائي يكون تأثير المتلازمة عليهم أخف وطأة مقارنة بالأنواع الأخرى من متلازمة داون، بينما النوع الثالث هو الانتقال الصبغي ويحدث هذا النوع نتيجة انفصال جزئي أو انفصال كامل لكروموسوم ٢١ الإضافي، بحيث يكون الزوج رقم ٢١ من الكروموسومات طبيعياً، ولكن هناك نسخة جزئية أو إضافية من الكروموسوم ٢١ مرتبطة بأحد الكروموسومات الأخرى ضمن نواة الخلية.

*أسباب كثيرة نسمعها عن الإصابة بمتلازمة داون، من باب طبي وعلمي ما هي الأسباب المؤكدة للإصابة؟

متلازمة داون تحدث نتيجة وجود نسخة إضافية كاملة أو جزئية من الكروموسوم ٢١، لكن لا أحد يعرف على وجه اليقين السبب المحدد لحدوثها أو عدد العوامل المختلفة التي تلعب دوراً في ذلك، ولكن أهم العوامل التي قد تزيد من خطورة الحمل بطفل مصاب بمتلازمة داون هو عمر الأم، حيث إن النساء اللاتي يبلغن من العمر ٣٥ عاماً أو أكثر يكن أكثر عرضة للحمل بطفل مصاب بمتلازمة داون، وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن أن تنشأ النسخة الإضافية الجزئية أو الكاملة للكروموسوم ٢١ الذي يسبب متلازمة داون من الأب أو الأم، وانوه مرة اخرى إن سبب حدوث هذا الاضطراب الكرموسومي غير مفهوم بشكل واضح حتى الآن، ولا توجد أي أدلة علمية قاطعة تربط متلازمة داون بأي عوامل بيئية أو حياتية للوالدين، أو أي أنشطة يمارسونها، قبل أو أثناء الحمل بالطفل المصاب بمتلازمة داون.

*عند حدوث ولادة جديدة، كيف يتم التأكد أن الطفل مصاب بمتلازمة داون أم لا؟

أن التشخيص الأولي للإصابة بمتلازمة داون للأطفال حديثي الولادة يعتمد في الغالب على المظهر الخارجي للطفل، ولكن يمكن أن تتشابه السمات الشكلية لبعض الأطفال غير المصابين بمتلازمة داون مع الأطفال المصابين بها، لذا نلجأ إلى إجراء فحص يسمى بالنمط النووي الكروموسومي لتأكيد الإصابة بالمتلازمة من عدم ذلك، حيث يتم هذا الفحص عن طريق أخذ عينة من دم الطفل حديث الولادة لتحليل الكروموسومات، وفي حال وجود نسخة إضافية من كروموسوم ٢١ في جميع الخلايا أو بعضها، حينها يشخص الطفل بأنه مصاب بمتلازمة داون.

* هل من الممكن معرفة أن الجنين مصاب بمتلازمة داون قبل ولادته، وهل هذا الشيء موجود في سوريا؟

بالتأكيد، وهذا شيء ليس جديداً ومتوفر في جميع المحافظات، ويوجد نوعان أساسيان من الاختبارات التي تتيح الكشف عن إصابة الجنين بمتلازمة داون خلال فترة الحمل وقبل ولادة الطفل للراغبين بذلك، وهما اختبارات التقصي، وهي اختبارات آمنة وبسيطة ولكن نتيجتها غير قطعية بمعنى أن تتيح الكشف عن أن إصابة الجنين بمتلازمة داون محتملة أو غير محتملة، دون أن تؤكد ذلك، أما النوع الثاني من الاختبارات فتسمى بالاختبارات التشخيصية لأنها تعطي نتائج قطيعة ومؤكدة عن إصابة الطفل بمتلازمة داون أو عدمها، ولكنها تحمل بعض الخطورة على الجنين والأم، ولذلك إذا رغب الوالدين بالكشف عن إصابة الجنين بمتلازمة داون قبل ولادته فغالباً ما نبدأ بإجراءات اختبارات التقصي، وإذا أظهرت هذه الاختبارات أن إصابة الجنين بمتلازمة داون محتملة نعرض عليهم إمكانية إجراء أحد الاختبارات التشخيصية لتأكيد ذلك بشكل قطعي أو نفيه، ومن الجدير بالذكر أن كلاً من اختبارات التقصي والاختبارات التشخيصية تساعد على الحصول على تشخيص للإصابة بمتلازمة داون ولكنها لا تتنبأ بمدى تأثيرها على صحة الطفل.

*هل هناك أمراض خاصة للمصابين بمتلازمة داون؟ ومتلازمة داون على العموم هل يمكن معالجتها؟

يوجد العديد من المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها الأطفال على العموم، والتي يعتبر المصابون بمتلازمة داون أكثر عرضة للمعاناة منها، ويجدر بالذكر أن تأثير هذه المشاكل الصحية الناجمة عن متلازمة داون متفاوت ومختلف من طفل لآخر، من هذه المشاكل ما يتعلق بالجهاز الهضمي، والمناعي، والهيكلي، كما قد يعاني المصاب بالمتلازمة من اضطرابات بصرية، وسمعية، وسلوكية، إضافة إلى السمنة، وقصر القامة، ووجود عيوب خلقية في القلب تتطلب عملية جراحية لتصحيحها، وبعض اضطرابات الدم، والهرمونات، واحتمالية الإصابة بالخرف بالاقتراب من الخمسين من العمر، وبينما عن العلاج التام من المتلازمة فهذا الشيء غير ممكن للأسف.

*ختاماً، نصائح للتعامل مع المصابين بمتلازمة داون، وكذلك دعمهم وتطويرهم؟

أول وأهم شيء هو التعامل مع المصاب بمتلازمة داون مثله مثل أي شخص في عمره كي لا يحس بالنقص والشفقة، ومحاولة التوضيح للطفل كيفية القيام بشيء ما وتجنب الاكتفاء بتقديم التعليمات لهم، والتحدث مع المصابين بوضوح وهدوء حتى يتمكنوا من التعلم بشكل أفضل، إضافة إلى مدح الطفل عند تعلمه شيئاً جديداً، واستخدام لغة مناسبة وغير مهينة عند التخاطب مع الطفل، وإيجاد روتين يومي للطفل المصاب ليشعر بالمزيد من الاستقرار، مثل ضبط وقت محدد للاستيقاظ وتناول الوجبات، والتعرف على الخيارات التعليمية المناسبة للطفل المصاب وذلك من خلال حضوره لفصول دراسية اعتيادية، أو فصول تعليمية خاصة أو كليهما، وذلك اعتماداً على احتياجات الطفل، ويمكن استكشاف فرص العيش، والعمل، والأنشطة الاجتماعية، والترفيهية المناسبة للمصاب قبل إنهائه لمرحلة المدرسة، وهذا يساهم في تجهيزه للاستعداد للانتقال إلى مرحلة البلوغ.