لكل السوريين

بصبرٍ لا يعرفُ الاستسلام.. المرأة الحمصية تُسطّر نجاحاتها

السوري/ حمص ـ دعماً لإرادتهنّ التي لا تعرفُ الفتور، ولقوة تحديهنّ التي لا تعرفُ الهزيمة، انطلقت فكرة سوق المرأة الريفية في حمص منذ حوالي عامٍ ونصف؛ لتشجّع وتدعم المشاريع الموّلدة للدخل للنساء الريفيات، سعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأسر الريفية، وتحسين الواقع المعيشي بسبب ظروف الحرب وتحمل المرأة أعباء إضافية.

حيث أصبح سوق منتجات المرأة الريفية بمديرية الزراعة بحمص مقصداً للكثير من المواطنين للحصول على المنتجات الريفية بشقيها النباتي والحيواني والمميزة بجودتها وأسعارها المنافسة.

ويجري العمل على دعم هذه الفكرة مادياً وحالياً بصدد إنشاء سوق كبير بمركز مدينة حمص لاستقطاب معظم النساء الريفيات وتقديم المساعدة لهن.

“سهير” إحدى أبرز المشاركات بالسوق، تتحدث عن تجربة نجاحها وتغلبها على أقسى الظروف من خلال استفادتها من السوق : “توفي زوجي منذ عدة سنوات بعد صراع مع المرض و وجدت نفسي مسؤولة عن أربعة أولاد بمراحل عمرية مختلفة، وأمام صعوبات الحياة التي لا ترحم فلم أختر الانحناء و بدأت العمل و التحدي … بدايتي كانت مع أنواع الحلويات التي أعدها بالمنزل و بإتقان و لاقت رواجاً عند عدد من السيدات اللواتي يعملن في وحدات التصنيع التي يوزعها مشروع تنمية المرأة الريفية، وبعد أن استفسرت عن المشاريع التي تنفذها مديرية الزراعة و جدتها فرصة مناسبة للتوسع بعملي و زيادة مصدر دخلي ليعينني بتربية أولادي..”

وأكملت “سهير”: “في العام الماضي تم افتتاح سوق منتجات المرأة الريفية وتم ترشيحي من قبل السيدات لأكون مشرفة على السوق وهنا بدأت العمل بشكل أوسع وبالتعاون مع السيدات أصبح للسوق اسمه، ويزورنا كل يوم عشرات الأشخاص للتزود بالمنتجات البيتية المتميزة بنظافتها وجودتها”.

فيما بيّنت “غادة”، مشاركة بالسوق من قرية فاحل، أنها تورد للسوق الكثير من المواد الزراعية التي تتميز بها قريتها كـالتين والتفاح والعنب والزيتون بعد إعادة تصنيعها وتحويلها إلى مربيات ودبس وملبن وزيت الزيتون منوهة بالدعم المقدم من دائرة التنمية الريفية التي تعمل على تصريف المنتجات الموردة إليها من النساء بشكل كامل ودون وسيط.

ولفتت “غادة” إلى أهمية تأمين المواصلات لنقل منتجاتهن من مناطقهن البعيدة عن المدينة ليتم تصريفها بالسوق أو إنشاء سوق قريب من قراهن وسط المنطقة التي يعملن بها.

بدورها تحدّثت “ندوة الشيخة” مراقبة زراعية ومسؤولة عن الصالة المخصصة للسوق بمديرية زراعة حمص لإحدى الصحف المحلية: “أتعامل مع النساء الريفيات مباشرة حيث أستلم منهن المواد وتتم محاسبتهن على منتجاتهن المباعة آخر الشهر حسب كمية البيع”.

وأوضحت “الشيخة” أنه مع بدء افتتاح السوق كان الإقبال من قبل النساء الريفيات جيداً، وشاركت فيه حوالي عشرين سيدة أما اليوم فتضاعف العدد ليتجاوز الأربعين مشتركة إثر الدعم والتشجيع المقدم لهنّ ما دفعهن للعمل لتطوير منتجاتهن من حيث طرق الحفظ والتغليف الأمر الذي انعكس على الإقبال الجيد من قبل المواطنين للحصول على منتجات غذائية بجودة ومواصفات مرغوبة.

أما “زينب”، موظفة بمديرية الزراعة، قالت أنها تؤمن احتياجات أسرتها من المنتجات المعروضة بالسوق لجودتها وأسعارها المقبولة، مشيرة إلى أهمية هذا السوق لكونه يسهم بتحسين دخل الأسر الريفية ويشجع النساء على المبادرة وتأسيس مشاريعهن الإنتاجية الصغيرة.

من جهتها، صرّحت رئيسة دائرة المرأة الريفية في مديرية زراعة حمص المهندسة “منى محفوظ” لإحدى وسال الإعلام المحلية أن “عمل دائرة تنمية المرأة الريفية، كان يقتصر على إقامة ندوات وزيارات حقلية وبيانات للمزارعات في القرى، عن طريق مسؤولات المرأة الريفية بالإرشاديات الزراعية، وبعض المشاريع الصغيرة الفردية”.

وأضافت أنه “خلال فترة الأحداث تم البدء بتوزيع المنح للنساء الريفيات، على شكل مساعدات مثل البذار والشتول والأسمدة، ليتطور العمل لاحقاً إلى مشاريع تهدف إلى تمكين المرأة الريفية اقتصادياً، مثل تربية دجاج بياض وتربية أغنام، منها بتمويل حكومي وأخرى بتمويل من منظمات أممية كوحدات التصنيع الغذائي حيث تم إنشاء تسع وحدات في ريف المحافظة، وآخرها كانت في بلدة رباح بريف حمص الغربي وحاليا يتم التحضير لـ 20 وحدة تصنيع غذائي في أرياف حمص مجهزة بكل المستلزمات”.

وأكدت “محفوظ” أنّ “وحدات التصنيع الغذائي تعطي قيمة مضافة لمشاريع الحدائق المنزلية، وتؤمن فرص عمل للعائلات ‏للحصول على مردود مادي جيد، إضافة إلى تزويد السوق المحلية بمنتجات غذائية مطابقة للشروط الصحية ‏ وبأسعار مقبولة”.

وعن تطوير تلك المشاريع قالت رئيسة دائرة تنمية المرأة الريفية إنه ” يتم الإشراف والمتابعة المستمرة للمشاريع، من خلال إقامة دورات تصنيع غذائي للسيدات، يتعلمن فيها بإشراف مختصين، إعداد الجدوى الاقتصادية والسلامة الغذائية وطرق التعقيم، وتصنيع منتجات جديدة بأسلوب صحي”.

وتابعت “محفوظ”: “استطاعت سيدة من قرية الصايد، من إدارة وتطوير مشروعها الفردي ضمن مشاريع تمكين المرأة اقتصادياً، ليتطور من كسارة لوز واحدة ليصبح عدة كسارات وتضيف إليه معصرة زيتون، ليتحول إلى مشروع جماعي تعمل فيه عدد كبير من النساء”.

يشار إلى أنه نظراً لنجاح تجريه مشاريع المرأة الريفية تم تخصيص مبلغ مليار ‏ليرة سورية كقروض ميسرة لتأسيس ألف وحدة تصنيع غذائي في سوريا تستقطب الفائض من منتجات مشروع الزراعات ‏الأسرية وتحويلها لصناعات غذائية.

تقرير/ حكمت أسود