لكل السوريين

“الفرلانسر”.. مهنة سوريين للابتعاد عن الالتزام الوظيفي

تقرير/ جمانة الخالد

ليس غريباً على الشباب السوريين أنّ بعض الأعمال المستقلة “الفريلانس” شكلت دخلاً أفضل من المرتبات الحكومية وحتى الوظائف لدى الشركات الخاصة، إلى جانب ما يتيحه العمل كـ فريلانسر من حرية الحركة وعدم التقيد بدوام ثابت أو بنظام مؤسساتي.

تحول العمل الحر لدى الشباب السوريين لا سيما في وسط سوريا، في السنوات الأخيرة إلى مصدر للدخل سواء أكان أساسياً أم ثانوياً. وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه الشباب في تحقيق أعلى إنتاجية أو سحب الأرباح أو كسب العملاء، إلا أنّ العمل الحر يفرض نفسه بينهم نظراً للتطور الرقمي وأتمتة الأعمال والحاجة المادية.

لكن المشكلة الأساسية التي تواجه الشباب في العمل مع الشركات أو مع عملاء آخرين هو عدم وجود دخل ثابت في نهاية كل شهر، بل يعتمد الأمر على عدد المهام الموكلة إليهم.

يسعى عدد كبير من طلاب الجامعات وسط ظروف الغلاء المعيشي وعجز الأهل عن مساعدتهم إلى إتقان مهارة من مهارات العمل عبر الإنترنت لتأمين تكاليف الحياة الجامعية والمصروف اليومي؛ إذ ازدادت التوجهات في الآونة الأخيرة إلى اكتساب مهارات متعلقة بـ: التسويق الرقمي، التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التحليل الإحصائي، التصميم الفني (غرافيك ديزاين)، المبيعات وخدمة الزبائن، بناء المواقع الإلكترونية وتصميم واجهة المستخدم، إلى جانب الأعمال المرتبطة بالقدرة على الكتابة مثل كتابة المحتوى والكتابة الصحفية.

وفي كثير من الحالات لا يلزم للعمل عبر الإنترنت وجود شهادة جامعية في المجال نفسه، بل يكتفي هؤلاء الشباب بالالتحاق بدورة تدريبية بعدد ساعات معينة والحصول على شهادة “مهنية” من أجل البدء بالعمل واكتساب خبرة “مبتدئ” ليتم بعدها تطوير المهارة المكتسبة وبناء سيرة ذاتية تُحسِّن لاحقاً من فُرص العمل.

لا يستطع طلبة الجامعات الالتزام بوظيفة بدوام ثابت لكونهم مضطرين إلى التقيد بالدوام الجامعي بشكل شبه يومي، فكان العمل عبر الإنترنت هو المنجاة الوحيدة في هذه الظروف الصعبة، ليستطيعوا بذلك الاعتماد كلياً على أنفسهم وتخفيف الأعباء على أهاليهم.

أنتج التحول العالمي إلى العمل عبر الإنترنت، الحاجة إلى إتقان مهارات جديدة تتلاءم مع التطور الرقمي وظهور مجالات عمل لم تكن موجودة قبل بضع سنوات. وترسخت فكرة العمل الحر بعد جائحة كورونا وظروف الحجر المنزلي وتعطّل أعمال الشركات.

واقتصر اللحاق بهذا التطور التقني في سوريا على الجهود الفردية والخاصة، فيما بقيت الحكومة خارج صيرورة التقدم العالمي، سواء على مستوى الأعمال المكتبية والخدمات الحكومية أو على مستوى وسائل التعليم في الجامعات والمدارس؛ وكان من أعظم إنجازات الحكومة في السنوات العشر الأخيرة: الصرافات الآلية  ATM الخارجة عن الخدمة بصورة شبه دائمة والبطاقة الذكية التي “يلعنها” السوريون في كل مناسبة.

وبالتوازي مع التطور التقني، حاولت بعض الشركات الخاصة والفرق التطوعية الشبابية، توعية المجتمع السوري على مجالات العمل المستقل والمهارات المطلوبة عالمياً من خلال الورشات التعريفية التي لا تتجاوز عدة ساعات والدورات التدريبية التي تستمر لأيام أو أشهر.

وتتراوح أسعار هذه الدورات بين المجانية تماماً والمبالغ الرمزية والأرقام الخيالية، حسب الجهة المنظمة والمدرب والمادة التدريبية وعدد الساعات.