بالرغم من قلة راتب الموظفين في مناطق الحكومة إلا أنها مصدر رزقهم الوحيد الذي يصعب التخلي عنه، وخاصة المسنين الغير قادرين على اعمال اضافية، وهم بحاجة إلى ادوية بشكل دوري، ومع العلم ان الراتب لا يكفي لشراء علبتي دواء إلا ان المتقاعدين يلجؤون إلى اخذ القروض.
يقول اسماعيل الحسن 68 عام في حديثه للسوري، الحل الوحيد هو القرض من أجل اجراء عمليتي، التي صعب عليا تأمين ثمنها؛ بعد أن تيقنت ان دوري لن يأتي إلا بعد عام أو اكثر في المشافي الحكومية، واخرني الطبيب ان حالتي الصحية لا تتحمل الصمود أكثر من شهر، وأنني بحاجة إلى عملية فتح صدر بأسرع وقت ممكن.
يتحدث الحسن والدموع على تنهمر من مقلتيه، يفرحني انني استلمت القرض في وقت سريع، لكن ما يحزنني انني اعتمد على راتبي التقاعدي من أجل المعيشة، أما الأن؛ وبعد القرض فأنني مجبر على العيش بنصف الراتب مدة ثمان سنوات من أجل تسديد القرض.
ومن ميزات القرض السوري هو إحضار كفيلين ما زالا موظفين وعلى رأس عملهم ويكون بحوزة كل منهم بيان عقاري براتب الكفلاء وصاحب القرض ووجد عقود عقارية تثبت وجود ملك مسجل بأسمائهم، فيما تقوم الحكومة بحسم ثلثي الراتب شهرياً من أجل تسديد القرض.
وفي حالة الإخلال بدفع الأقساط، يضع منع سفر على صاحب القرض والكفلاء ويحولون للمحكمة، مع وضع اليد على ممتلكاتهم، وفي حال عدم إيجاد استجابة للدفع تباع الممتلكات بالمزاد العلني، وفق الموظف بالبنك العقاري.
أعلنت “المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية”، رفع سقف قروض المتقاعدين إلى أربعة ملايين ليرة سورية، بدلًا من مليونين. ورفعت “المؤسسة” سقف قروض العاملين فيها إلى ستة ملايين بدلًا من ثلاثة ملايين، بحسب ما نشرت على صفحتها الرسمية في “فيس بوك”، الشهر الماضي.
اليوم كل دولار أمريكي يعادل 14650 ليرة سورية، وبذلك تساوي الأربعة ملايين نحو 273 دولارًا أمريكيًا، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات، بينما كانت قيمة المليونين عند رفع قيمة القرض في أواخر 2022، تساوي نحو 300 دولار أمريكي.
سوء الاحوال بعد زيادة الرواتب
ومع رفع رواتب الموظفين وفق مرسوم أصدره بشار الأسد، في 5 من شباط 2024، لا يبدو ان مشكلة اسماعيل الحسن وغيره من المتقاعدين ستنتهي، إذ إن الزيادة إذا ما قيست بحج المتطلبات، تبقى غير مجدية.
يقضي المرسوم بمنح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين، والمشمولين بقوانين التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية النافذة، زيادة قدرها 50% من المعاش التقاعدي.
ويشمل المرسوم أصحاب المعاشات التقاعدية، ومعاشات عجز الإصابة الجزئي من المدنيين غير الملتحقين بعمل، ولا يتقاضون معاشًا آخر من أي جهة تأمينية.
التقاعد في سوريا
يستطيع المتقاعد في سوريا إنهاء خدمته بحالتين، إما إتمام سن الـ60 ووصول الخدمة المحسوبة في المعاش إلى 15 عامًا، وإما عبر نظام التقاعد المبكر، الذي يمكّن العامل أن يطلب الإحالة على التقاعد بعد بلوغ سنوات توظيفه 25 سنة، دون التقيد بشرط السن.
وتجب الإشارة إلى أن سن التقاعد في سوريا ليس موحدًا لجميع الموظفين في الدوائر الحكومية، إذ أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد في أواخر عام 2022 القانون رقم “43” الذي يتيح لوزير التعليم العالي إحالة الأستاذ الجامعي، والأستاذ المساعد ضمن الهيئة التدريسية إلى التقاعد عند إتمامهما الـ70 من العمر، والمدرّس عند بلوغه الـ65 عامًا.
رواتب موظفي الدولة المتقاعدين منهم والقائمين على رأس عملهم في سوريا لا تتناسب مع متطلبات الحياة الأساسية، ما يدفعهم لمزاولة مهنة أخرى، للوصول للدخل الذي يضاعف قدرتهم على التأقلم مع ارتفاع الأسعار.