لكل السوريين

غارات جوية مدمّرة على جنوب السويداء.. والأبرياء يدفعون الثمن

تحقيق/ لطفي توفيق

نفّذت مقاتلات حربية يرجح أنها من سلاح الجو الأردني، غارات جوية متزامنة على الأحياء السكنية في بلدتي ملح وعرمان المتجاورتين في الريف الجنوبي الشرقي من محافظة السويداء، وأسفرت الغارات عن أضرار مادية في بعض منازل بلدة ملح دون وقوع إصابات بشرية.

وشنت المقاتلات غارتين على بلدة عرمان، استهدفت الأولى منزلاً  في أحد الأحياء المتطرفة من البلدة، وأسفرت عن مقتل صاحب المنزل ووالدته وعمّته.

بينما استهدفت الغارة الثانية منزلاً مؤلفاً من طابقين وسط البلدة، فانهار المنزل فوق رؤوس ساكنيه، وقتل سبعة من أفراد العائلة بينهم طفلة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، و طفلة أخرى أصغر منها، ومسنة تبلغ من العمر ثمانين عاماً.

وشيعت جماهير غفيرة من أهالي البلدة جثامين الضحايا وسط حالة من الغضب والاستياء، وندّد المشيعون بهمجية القصف، ووجّهوا سهام غضبهم إلى السلطات الأردنية والسورية التي تبدو من خلال صمتها، أنها متواطئة مع ما يحدث.

وألقى أحد أقارب الضحايا كلمة قال فيها “ندفع جميعا ضريبة باهظة الثمن في دولة تخلت عن دورها في الحماية من كل أنواع الخوف التي نعايشها يومياً”.

وارتفعت خلال مراسم التشييع أصوات تندّد بإيران باعتبارها “السبب الرئيسي في هذه المحنة”، حسب ما أفاد به أحد الحاضرين.

وعلّق مجلس محافظة السويداء جلسته الختامية لأعمال دورته العادية الأولى لعام 2024، “استنكاراً للقصف الأردني داخل مناطق مأهولة بالسكان في المحافظة”، وطالب المجلس الجانب الأردني بوقف هذه الهجمات ومحاسبة مرتكبيها، وتقديم التعويضات للمتضررين.

ووقف المتظاهرون دقيقة صمت حداداً على أرواح الضحايا، ورفعوا لافتات تدين “الجريمة المروّعة التي ارتكبتها المقاتلات الأردنية”، خلال المظاهرة المركزية في ساحة الكرامة بمدينة السويداء

مشاهد صادمة

ترافقت عمليات انتشال الضحايا منذ الساعات الأولى لحدوث القصف، بصدمة كبيرة للمنقذين وأهالي البلدة  والحاضرين من هول الدمار وتبعثر أنقاض المنزل المستهدف، والبيوت المدمرة الأخرى بشكل لم تألفه محافظة السويداء، ووصف الحاضرون المشاهد بالمهولة والصادمة.

وبدت الصدمة أكبر وأوضح على وجوههم عندما بدأت عملية البحث عن جثامين الضحايا، حيث انتشلت غالبيتها على شكل أشلاء مبعثرة يصعب التعرّف على أصحابها.

وهذه الضربة الجوية هي الرابعة من نوعها التي تنسب إلى عمّان دون أن يتبناها الأردن.

فمنذ مطلع العام الحالي وقعت ضربتان، الأولى في الخامس من الشهر الجاري، والثانية في التاسع منه، ولم تكن المشاهد خلالها أقل صدمة من الضربة الحالية.

ونقلت رويترز عن مصادر استخباراتية إقليمية أن “القصف الأردني استهدف مستودعات ومخابئ يستخدمها مهربو مخدرات وأسلحة، مدعومون من إيران في الجنوب السوري”،

وتحدثت عن المشاهد المروّعة والصادمة التي خلّفها، وعن عدد القتلى والمصابين خلاله.

لكن ناشطين من السويداء التي تتركز الضربات على ريفها الجنوبي يؤكدون أن معظم ضحاياها من السكان الذين لا علاقة لهم بعمليات التهريب.

الأبرياء يدفعون الثمن

في الثامن عشر من الشهر الماضي، ضربت غارة جوية أردنية مدينة صلخد بريف السويداء الجنوبي، وأصابت منزل مواطن وحولته إلى ركام، وقتلت صاحبه البريء، فيما لم يصب منزل الشخص المتورط في تجارة المخدرات.

وكان القصف الأردني قد تسبب بمقتل أربعة أشخاص من عائلة لا علاقة لها بتجارة المخدرات جنوبي بلدة ذيبين على مقربة من الحدود السورية الأردنية.

كما دمر القصف مزرعة  في قرية أم شامة جنوبي شرق السويداء، وأدى إلى نفوق العشرات من رؤوس الماشية، ونزوح السكان منها ومن قرية الشعاب، باتجاه قرى أخرى في السويداء تخوّفاً من تجدد الغارات.

كما استهدف قصف جوي اردني بئر مياه قريب من الحدود السورية الأردنية في قرية أم الرمان، وأسفر عن مقتل حارسه وتحويل البئر إلى كومة من الركام.

وقبل أقل من شهر، نفّذ الطيران الأردني قصفاً جوياً على بلدة ذيبين أسفر عن مقتل خمسة مدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير عدد من ممتلكات المواطنين.

يذكر ان الضربات الجوية تكررت في الآونة الأخيرة على قرى محافظة السويداء القريبة من الحدود الأردنية، واستهدفت المستودعات والمنازل التي تقول مصادر أردنية غير رسمية، إنها لمتهمين بتجارة المخدرات نحو الأردن، وغالباً ما يسقط مدنيون أبرياء من النساء والأطفال في هذه الغارات.