لكل السوريين

سياسي سوريا.. سنة ملئا بالوعود في غياب تام لأي وجه من وجوّه الحل السوري

حاوره/ مجد محمد

عثمان علو؛ عام انتكاسة للسوريين بشكل عام وجمود تام في الملف السوري وكل المحاولات للحل هي مجرد شعارات، لأن سوريا ما زالت بمثابة المزرعة الروسية الإيرانية، وما يحدث بهاتين الدولتين ينعكس على الأراضي السورية.

كما السنوات التي سبقتها، لم تسجل سنة ٢٠٢٣ تغييرات مصيرية تذكر في المشهد السوري القاتم والمتأزم، وتعطيل بالجهات المتعددة بدءاً من لجنة الدستور وصولاً للتطبيع العربي أو التطبيع بين دمشق وأنقرة، التعطيل مازال سيد الموقف بشأن انعقاد الجولة التاسعة من أعمال اللجنة الدستورية منذ حزيران/يونيو ٢٠٢٢ بسبب مزاعم روسيا بعدم حيادية جنيف كمقر لانعقاد اللجنة، بعد الشروط التي وضعتها بشأن وصول الدبلوماسيين الروس لجنيف نتيجة العقوبات الأوروبية المرتبطة بالحرب على أوكرانيا.

وبائت بالفشل المساعي لعقد اجتماعات في مسقط أو أماكن أخرى وفق ما أفاد به المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أما مسار آستانة فقد انعقدت به جولة وحيدة في منتصف عام ٢٠٢٣  وعقد على هامشها اجتماع رباعي على مستوى وزراء الخارجية التركي والإيراني والروسي والسوري لبحث مسودة خريطة التطبيع بين دمشق وأنقرة التي اقترحتها روسيا بعد الاجتماع الذي عقد قبل ذلك على مستوى وزراء الخارجية في موسكو، لكن هذا المسار توقف نتيجة الاشتراطات التي وضعتها الحكومة السورية بضرورة انسحاب قوات الاحتلال التركي من سوريا قبل البحث في أي قضية أخرى، وفي سياق الإخفاقات واستمرار الفشل في حل الأزمة السورية واستكمالاً لهذا التردي عانت ما يعرف بالمعارضة السورية ممثلة بالائتلاف والمؤسسات التابعة له وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية المنبثقة منها من ظروف صعبة وربما كانت الأسوأ منذ تشكلها خصوصاً مع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بعد أن خسرت هيئة التفاوض مقرها في الرياض في ظل مسيرة التطبيع العربي والتركي مع دمشق والتعطيل الكامل لانعقاد اللجنة الدستورية والانشغال الدولي بالحرب الروسية الأوكرانية، ثم بالحرب بين إسرائيل وحماس، وترافق ذلك مع انشغال الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري بقضاياها الداخلية أو ملفاتها الإقليمية الأخرى، أما ميدانياً لم تشهد الخريطة تبدلاً في التصعيد الحاصل بالمشهد السوري.

وبهذا السياق، وفي هذا الشأن عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الحقوقي عثمان العلو والعضو في حركة تطوير سوريا الديمقراطية، ودار الحوار التالي:

*أستاذ عثمان مرحباً بك بداية، ماذا قدمت ٢٠٢٣ بانورامياً للشعب السوري على كافة الأصعدة بدءاً بالسياسة مروراً بالاقتصاد وصولاً للبحث عن الحل؟

سنة ٢٠٢٣ لا تختلف عن سابقاتها لكن بدأت بكوارث طبيعية وكأن السوريين لم يكفيهم عذاب الأرض فجاءهم عذاب من الطبيعة، واستغل السلطات السورية؛ هذا الحدث الجلل حتى وصلت به الأمور إلى أن يأخذ تلك البعثات التي جاءت لتطل على ما يحدث في سوريا بسبب الزلزال إلى أماكن دمرتها براميله وطائراته والطائرات الروسية ويقول لهم إنها من آثار الزلزال.

وشهد الملف السوري جمود في بدايات السنة ولكن بعدها تحرك الملف وتحركت محاولات التطبيع إحياءاً للعبارة التي تقولها الولايات المتحدة الأمريكية باستمرار إنها تريد تغيير سلوك النظام ولا تريد تغيير النظام، وكانت هناك محاولات عملت عليها بعض الدول الإقليمية إضافة إلى روسيا التي كانت الحافز باتجاه دفع بعض الجهات من أجل إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وفعلاً حدث ذلك.

وبالتأكيد سبقه الاتفاق الإيراني السعودي في آذار ٢٠٢٣ الذي مهد الطريق بشكل أو بآخر لهذه العودة، فما أن عاد الأسد إلى الجامعة العربية سرعان ما صفق الباب بوجه الدول العربية التي وافقت على إعادته رافضا كل تلك المقترحات، من خطوة بخطوة وإطلاق سراح المعتقلين وإجراءات بناء ثقة وقيام بالواجبات اتجاه تصديق القرارات الدولية وإعادة اللاجئين، فالنظام لم يطبق أي شيء مما ذكر واستمر عملياً بسردياته الكاذبة لأن إيران بشكل أو آخر فرضت فيتو من نوع معين، وبعد القمة بأيام زار الرئيس الإيراني دمشق ليقول للعرب بأن نحن من يقرر ما يحدث في سوريا، وتبع ذلك بفترة بسيطة في شهر آب ٢٠٢٣ حراك محافظة السويداء المبارك والذي أعاد تفكير السوريين بثورتهم ورونقها ومطالبتها بالحرية، ولفت أنظار العالم إلى أن هؤلاء ينشدون الحرية برقي وسلام وليسوا إرهابيين وهم من الأقليات التي دوماً ما يتحجج الأسد بحمايتهم وبذلك يكونون قللوا من قيمته سياسياً في المسرح العالمي، كل تلك الأمور عملياً ساهمت بأن يرتبك النظام وخاصة إن إيران لها أزماتها الداخلية وأزماتها مع العالم وروسيا غارقة في وحل أوكرانيا، والقوانين التي تصدر كقانون الكبتاغون وكذلك قيصر والمأزومية الاقتصادية التي يعاني منها جميع السوريين.

*بانورامياً، الملف السوري في ظل التأزم الحاصل، ما هي سمة عام ٢٠٢٣؟

بالتأكيد هناك متغيرات دولية على الصعيدين الإقليمي والدولي وحتى على الصعيد الداخلي السوري، غير وخلط الكثير من الأوراق أكان في سوريا أم في الإقليم، المتغيرات جعلت كثير من الملفات جانباً وجعلت أيضاً ملفات كانت في الإدراج صعدت إلى السطح وهذا أمر طبيعي جداً لأن كل ما يحدث هو أمور مرتبطة فيما بينها بشكل أو بآخر، ولهذا الأولويات لهذه الدول تدل على أن هنالك متغير في هذا العالم وهذه الأولويات بالتأكيد تتغير مع المتغيرات الدولية، فعندما نتحدث عن الوضع في سوريا نحن نعرف إنه كان هناك مباحثات وكان هناك خطوة نحو عملية سلام كامل وشامل في سوريا إلا أنه كان هنالك عقبات أمام هذا السلام الذي كان مفروض أن يكون منتهياً وجاهزاً، وخاصة بعد التوافق العربي مع سوريا وعودتها إلى الجامعة العربية في البداية والتقارب السوري السعودي والسوري الإماراتي، وهذا ما أعطى إيجابية كبيرة للدور السوري في المنطقة كونها متواجدة في الإقليم، الوجود التركي اليوم الجاثم على الأراضي السورية يعد من أبرز العوائق في حل الأزمة السورية واستكمال المسار السلمي، وأيضاً وجود الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران يعرقل كثير من المسائل التي كان من الممكن تخطيها بين السوريين أنفسهم تحت أي إطار سياسي، الأحداث في غزة وأوكرانيا خلطت الأوراق التي قد تؤثر على سوريا أيضاً في التغييرات الجذرية التي قد تحصل في المنطقة، اليوم الوضع الأمني والسياسي والعسكري متوتر جداً عما كان سابقاً، فكل هذا سيكون له تأثير على الداخل السوري وكذلك الواقع المحيط لأن الجبهات في الشرق الأوسط اليوم جميعها مفتوحة.

*لا ملامح إيجابية مطلقاً في حديثك!، هل هناك أشياء على أرض الواقع تعيد بريق الأمل للسوريين؟

عام انتكاسة للسوريين بشكل عام لأن مسار الحل السياسي فشل وتبينت المواقف وظهرت بشكل واضح، مواقف المعارضة التابعة للائتلاف ذهبت مع الريح والانفصالات السورية داخل سوريا عميقة جداً،  حيث إنه لا توجد لدينا إمكانية للقاء بين السوريين بعد عودة الشرعية السياسية للنظام بعد التطبيع العربي معه وعبر السكوت الأمريكي عليه، وحتى الإسرائيلي بعد حرب غزة جعل النظام في وصف محايد، فهم يستهدفون القوات والمواقع الإيرانية ولكن النظام بعيد كل البعد عن استهدافهم وربما هذا لغاية تخدم النظام لاحقاً لأن النظام يستفيد من التغيرات الجيوسياسية من حوله، وهذا يمكن أن يفيده خاصة في الوقفات التي تبدو محايدة من قبله وهو ينتظر حلول خارجية تخدمه كما حصل في العام ٢٠٢٣، هذا بشكل عام الشيء المميز ولكن الشيء الآخر الظاهر على السطح هو إن المعارضة الداخلية تستطيع الآن أن تواجه في السعي للحل السياسي وأنا اؤكد إن سعي الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا للحل السياسي ومبادراتها في عام ٢٠٢٣ وخاصة في الدعوة إلى عودة المهاجرين إلى المناطق التي يمكن احتوائهم فيها بشمال وشرق سوريا، والبادرة الأخرى التي هي موجودة الآن هي ما يحصل في السويداء من ثورة تستطيع أن تعيد وهج الثورة والأمل للسوريين في مواجهة سورية مباشرة من اجل التغيير السياسي من داخل سوريا وليس عبر القوى الخارجية التي جعلت سوريا ساحة حرب إقليمية ودولية، فالشيء الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو وجود ظاهرتين في سوريا يمكن أن نلجأ إليهما في الحل وهما السويداء وشمال شرق سوريا لأن الحل هو داخلي فيما يبدو ولا يمكن إلا لهذا الداخل أن يقود مساره بنفسه وأن يحل مشاكله، وهذا ما أراه مميزاً في العام ٢٠٢٣ وبقية المسارات معروفة وذكرتها لك سابقاً.

*كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

بالنسبة للموقف في سوريا فأنه يحتاج إلى كثير من العقلانية في الإدارة والحوار وإدارة السياسة، لأن الواقع يقول إن الانشدادات إلى مواقف واحدة دون رؤية الطرف الآخر وإمكانياته في قدرته لوضع أسس لحوار ممكن أن يكون منتج، هذه هي المشكلة الأساسية التي تجعلنا كلنا نقف بدون تقدم وكل فصيل أو قوة في طريق وهذا شيء مهم للمرحلة القادمة خاصة بعد تجربة ٢٠٢٣.