لكل السوريين

السودان في دائرة الخطر.. كوارث إنسانية مستمرة وبوادر حرب أهلية

مع دخول الحرب في السودان شهرها السابع، تتزايد المخاوف من ارتفاع عدد اللاجئين في ظل الاشتباكات التي تخيم بظلالها على السودانيين الذين يعانون من الأمرين من تبعاتها.

كما تتفاقم معاناة ملايين السودانيين الذين أجبرتهم الحرب الدموية على النزوح الداخلي والخارجي في ظل اتساع رقعة الحرب يوماً بعد يوم دون وجود نهاية لها في المدى المنظور.

وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص فروا من مساكنهم ونزحوا إلى مناطق أخرى، مما جعل السودان صاحب أكبر عدد من النازحين في العالم.

ويرى متابعون للوضع في السودان أن محاولة سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر بعد أن سيطرت على نيالا وزالنجي والجنينة، سيضعها في مواجهة الحركات المسلحة والمقاتلين من ذوي الجذور غير العربية، مما سيحدث فرزاً قبلياً خطيراً يهدد باندلاع حرب أهلية.

ويشيرون إلى أن معركة الفاشر ستحدد مصير إقليم دارفور، ولكنهم يستبعدون أن تتمكن هذه القوات من حكم الإقليم  بسبب التعقيدات الاجتماعية وتداعيات الحرب السابقة بها حيث استخدم نظام البشير السابق قوات حميدتي لضرب الحركات المسلحة، مما أدى إلى حالة من الانقسام بين مجموعات عربية وأخرى إفريقية، وإلى وقوع جرائم كثيرة لا تزال باقية في ذاكرة قطاع واسع من أهل الإقليم.

كارثة إنسانية

حذّرت الأمم المتحدة من أن الصراع الذي أسفر عن آلاف القتلى وتشريد سبعة ملايين شخص على مدى سبعة أشهر في السودان، يمتد إلى مناطق جديدة في البلاد، وأعربت المنظمة الدولية عن مخاوفها من حدوث “كارثة إنسانية” في البلاد.

وأشارت إلى أن الصراعات الدامية “تشمل اندلاع أعمال عنف عرقية وهجمات ضد النساء”.

وأعربت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الأفريقية، خلال اجتماع لمجلس الأمن عن قلقها بسبب الأزمة السودانية قائلة “يواجه السودان كارثة إنسانية متفاقمة وأزمة حقوق”.

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان إن العنف في السودان يقترب من “الشر المطلق”.

وأضافت المسؤولة الأممية “يجب أن نعمل على توصيل المساعدات الإنسانية بالرغم من كل هذه التحديات الكبيرة”.

وطالبت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بوقف الأعمال العدائية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمتضررين في مختلف أرجاء البلاد.

وقالت “نريد أن تصمت أصوات البنادق، ونحتاج لوقف فوري لإطلاق النار يسمح لنا بإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين وتقييم حجم الاحتياجات، والأهم من ذلك نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار، نريد لهذا القتال أن يتوقف لإيصال المساعدات وليتمكن السودانيون من مواصلة حياتهم الطبيعية”.

بوادر حرب أهلية

يعتقد المتابعون للوضع في دارفور أن قوات الدعم السريع اتجهت نحو الإقليم بعد فشل خطتها في السيطرة على العاصمة السودانية، ويشيرون إلى أنه في حال لم تتمكن من استثمار سيطرتها على الإقليم للعودة إلى المفاوضات مع الجيش السوداني، ستشكل حكماً في دارفور، وتحوله إلى قاعدة للزحف منها إلى  الخرطوم، حيث اقتربت القوات من السيطرة على الإقليم بعد استيلائها على مقر قيادة الجيش في الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور دون مواجهات مع الجيش,

وتبقّى لها مدينة “الفاشر”، وهي العاصمة السياسية والإدارية لإقليم دارفور، لبسط سيطرتها بشكل كامل على الإقليم.

وتخشى دوائر سياسية من صدام متوقع بين قوات الدعم السريع وحركات مسلحة في الفاشر على أساس إثني، حيث تعتبر الحركات التي تستند على مكونات غير عربية المدينة معقلها ومركز ثقلها الاجتماعي، وهي مستعدة لأي معركة للدفاع عنها.

ويعتقد محللون أن قوات الدعم السريع لا تخطط لفصل دارفور عن السودان في هذه المرحلة، ولكنهم لم يستبعدوا أن تشكل سلطة موازية في الإقليم للمساومة بها على ضمان دور سياسي بعد الحرب، وفي حال لم يتحقق لها ذلك ستعمل على تقوية نفسها، والزحف لاحقاً إلى الخرطوم.

وكانت هذه القوات قد أعلنت أهدافها السياسية والعسكرية للحرب منذ اليوم الثاني لاندلاعها في منتصف نيسان الماضي بالقبض على القائد العام للجيش ومحاكمته والسيطرة على المقرات الرئيسية للجيش، وهو ما يعني الاستيلاء على السلطة.