إن صناعة السجاد اليدوي بجودتها وعراقتها ومعانتها بالإنتاج والطلب ومنافستها للمنتج الصناعي بالنوعية والسعر، بقيب مرغوبة للمواطنين، فبمقارنة الإنتاج والمبيعات هذا العام بالأعوام السابقة نجد أن نسبة المبيعات قد تجاوزت الـ70% ،ومع ازدياد الطلب على السجاد اليدوي الذي برغم أنه منتج يدوي، لكنه متقن ويعتمد على الغزول صوفية والغزول القطنية التي تمنحه الدفء أكثر من الأصناف الأخرى، ومع ذلك فسعره مقارب للمنتج الصناعي المتوفر بالسوق والذي يعتبر أقل جودة من اليدوي، وان الاستمرار بهذه المهنة يهدف الى عودة الالق اليها حيث كانت تشتهر بها سورية على مر العصور ، وعلى مساعدة الاسر الفقيرة في الريف الساحلي على تأمين مستلزمات العيش الكريم.
المهندسة ازدهار صاحبة ورشة في صناعة السجاد اليدوي أوضحت: أن هذه المهنة بطرطوس قديمة وهذه السنة هنالك إصرار على استمرارها وتنشيطها وستعمل على دعم صناعة السجاد على مساحة سورية ودعم العاملين فيها بكل الوسائل والإمكانيات، وخصوصا ان الأكثرية من سيدات معيلة لأسرها وهي انتهجت هذا المسار في العمل رغم كل ظروف العمل السيئة، إضافة الى غياب سوق لتصريف المنتجات والترويج لها محليا وخارجيا.
السيد مهند من غرفة تجارة وصناعة طرطوس أكد على أهمية هكذا اعمال وهي من المشاريع التنموية لكنها تحتاج كل الدعم والاهتمام لتنميتها وتطويرها بما ينعكس إيجابا على العاملين فيها وتساهم في تحقيق دخل مستدام لهم وعلى سوق الإنتاج بشكل عام، ويجب الحفاظ على استمرارية عمل وحدات صناعة السجاد واستيعاب الطاقة الإنتاجية ومعالجة النقص في الأيدي العاملة، بحيث يتم التدريب على السجاد اليدوي بشكل متكرر ودائم، ووفق الحاجة باعتبار أن ممارسة هذه المهنة تتم فقط في الوحدات ولا يمكن ممارستها في القطاع الخاص نظرا لخصوصية الأنوال المستخدمة، حيث يتم الإعلان عن الدورة ومن ثم يبدأ التدريب بعد اكتمال العدد لمدة 6 أشهر، يليها دورة تكميلية لمدة سنتين، بحيث تتقن كل متدربة أداء عملها خلال هذه الفترة، وتتمكن من تعلم صنعة وإعالة نفسها أيضا.
السيد جودت وهو صاحب ورشة كبيرة في صافيتا أوضح : ان صناعة السجاد اليدوي لها أهميتها ويجب الحفاظ على استمراريتها، والتركيز عليه كحرفة يدوية عريقة تميزت سورية بها أسوة بباقي الصناعات التي تركت بصمة في تاريخ البلد وأصالته، ولهذه الأسباب مجتمعة يجب ترميم عدد من الوحدات الريفية مثل: (عين دابش – بيت ونوس – برمانة المشايخ – قنية – العنازة – مشغل السجاد في مركز ألتون الجرد) ويجب تركيب برادي وإضاءة وطاقة متجددة مع تنجيد وتجديد الأنوال في تلك الوحدات، ان أبرز الصعوبات التي تعترض سير العمل في صناعة السجاد تتلخص بتسارع ازدياد أسعار المواد الأولية بشكل كبير، مع صعوبة تأمين غزول صوفية بألوان متجددة، ما أدى لتكرار الألوان المستخدمة والمتوفرة في الوحدات، وبالنسبة لواقع صناعة السجاد في طرطوس فيوجد 320عاملة في 12 وحدة للصناعات الريفية التابعة لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، يعملن للحفاظ على صناعة السجاد اليدوي واللوحات الجدارية باعتبارها حرفة يدوية تراثية أصيلة وتقليدا عريقا.
وتشير المدربة تغريد من وحدة العنازة أنها بدأت بالعمل منذ حوالي سبع سنوات حيث خضعت لدورة تدريبية لمدة ستة أشهر، ومن ثم دورة تكميلية ومارست المهنة ضمن الوحدة حتى أصبحت مدربة بشكل دائم، إذ اكتسبت خبرة كبيرة، مضيفة أن صناعة السجاد اليدوي تحتاج للكثير من الدقة والجهد والوقت لإنجازه، وتتابع أن السجاد اليدوي (الأرضيات) واللوحات الجدارية تمتاز بتنوع أشكالها وتصاميمها التي تحاكي التراث وتميزه عن غيره من السجاد الصناعي، لافتة أن الأنوال متوارثة في وحدات السجاد منذ تاريخ إحداثها، وتتم صيانتها بشكل دوري إضافة إلى التصاميم الموجودة أيضاً في كل وحدة، فيما تحتاج الجديدة منها إلى رسام ليتم تنزيلها كنسخة أولية على ورق مخصص لهذه الغاية ويتم نسخها لعدة نسخ، كما تتباين أحجام السجاد تبعا للطلب، واللوحات الجدارية عموما ذات مقاسات صغيرة، وبالنسبة للتسويق ، فيتم عبر معرضين تابعين للمديرية الأول في طرطوس والآخر في بانياس، مشيرة أن هناك عروض تقسيط مستمرة لموظفي الدولة، إلى جانب التسويق بشكل مباشر من الوحدات.
لكن المهندس فداء بين لنا : ان عددا كبيرا من الأسر الفقيرة استبدل هذا العام السجاد بالحصر والحرامات القديمة المتوفرة لديهم وحرامات المعونات الرمادية الصوفية، والتي حولها بعضهم لملابس تفيهم برد الشتاء، وذلك في ظل ارتفاع أسعاد السجاد الصوفي والصناعي، وعجز الكثيرين عن الشراء وتأمين مستلزمات التدفئة حاليا، حيث تراوح سعر المتر من السجاد الصوفي مثلا بين 225 ألف ليرة سورية حتى 250 ألف ل. س للصنف رقم 300 المصنع في وحدات السجاد، فيما يرتفع السعر حسب الصنف (صنف 300 – صنف 400 وحتى صنف 700) بزيادة قدرها150 ألف ل. س تقريبا لكل صنف أعلى، يقابلها أسعار مرتفعة أيضا للسجاد الصناعي الموجود بالأسواق الممزوج بالأكر يليك والبوليستر، والغني بموديلاته وألوانه.
السيدة نوال العاملة المتدربة والمدربة الان ومديرة وحدة التون الجرد اشارت لنا: سبق لوزارة الشؤون الاجتماعية أن ساعدت في إعادة تعيين عاملات السجاد اليدوي بموجب كتابها رقم ف \3\ 2195 تاريخ25\4\2012\ المتضمن تكليف مديرية العمل بطرطوس إعادة تعيين وتثبيت عاملات السجاد المتعاقد معهن بعقود سنوية وصدرت قرارات إعادة تعيين 63 عاملة موقعة أصولا من السيد محافظ طرطوس واللواتي يعملن بعقود سنوية منذعام1995 وجددت سنويا مع حصولهن على الترفيع الدوري لغاية 2012 وهن مشمولات بأحكام المادة الثانية من المرسوم رقم \62\ لعام 2011، وهذه الفئة من العاملات لا توجد إلا في محافظة طرطوس ورغم هذه الثبوتيات رفض الجهاز المركزي تأشير هذه القرارات مستندا على رأي وزير العمل الذي استند بدوره على رأي وزارة الشؤون الاجتماعية لعام 2011 ولم يعترف بكتاب وزارة الشؤون الاجتماعية رقم ف \3\2195 تاريخ 2012، لكن وزارة العمل هي المسؤول الأول والأخير عن مساعدة تلك العاملات, قد اتخذت القرار في عام 2011 بعدم تثبيت العاملات المذكورات آنفا، وكانت النتيجة ما بين قرارات إعادة التعيين والكتب المتداولة بهذه القضية أن ضاعت حقوق العاملات لتضيع معها آمال تثبيتهن.