لكل السوريين

في ظل نقص المازوت وارتفاع أسعاره.. الحطب بديلاً لأهالي مصياف لمواجهة الشتاء

تقرير/ جمانة الخالد

لا يمتلك أهالي مصياف وريف حماة وحمص عموماً أي خيار آخر سوى شراء الحطب بالكيلو وادخاره لبرد الشتاء، فكمية 50 ليترًا من المازوت المدعومة من الحكومة لا تكفي أكثر من عشرة أيام بالحد الأعلى، مهما حاولت العائلات التقنين فيه، في ظل ارتفاع سعر المازوت بالسوق السوداء إلى 16 ألف ليرة.

بحساب بسيط، يحتاج الأهالي على الأقل إلى خمس ليترات مازوت يوميًا، لكي يؤمّنون الدفء لأطفالهم صباحًا قبل الذهاب إلى المدرسة، وحين يكون البرد شديدًا، ما يكلفهم 80 ألف ليرة يوميًا، وفي حال استخدم الحطب فإن التكلفة تنخفض إلى نحو 20 ألف ليرة، ورغم أنها ليست قليلة قياسًا برواتبهم الذي لا يتجاوز 500 ألف ليرة، تبقى أفضل الموجود.

يعد الحطب خيارًا بديلًا للتدفئة لكنه مكلف ويحمل أضرارًا صحية ويتسبب بحرائق وأضرار بالممتلكات، ويلجأ إليه الأهالي ويشترونه بالكيلو لعدم القدرة المادية على شرائه بالطن، في وقت اعتاد السوريون انتظار مخصصاتهم من مازوت التدفئة دون أمل بتسلمها.

وبلغت مخصصات العائلة الواحدة من مادة مازوت التدفئة لفصل الشتاء الماضي 200 ليتر، وتُوزّع على دفعات كل منها 50 ليترًا، ولكن سنويًا مع كل إعلان عن كمية المخصصات، يشتكي المواطنون من عدم حصولهم إلا على الدفعة الأولى فقط، في حين لم يتسلم عديد منهم المازوت إلا بعد نهاية فصل الشتاء.

ويبلغ الحد الأدنى لرواتب العاملين في القطاع العام حوالي 186 ألف ليرة سورية بينما اليوم يُطلب منهم 16 أو 17 وأحيانًا 18 ألف ليرة، وهو ما لا يستطيع الأهالي تحمل تكاليفه.

وارتفع سعر طن الحطب من مليون ليرة الشتاء الماضي إلى مليونين منتصف أيلول الماضي، ليصل اليوم إلى نحو 3.5 مليون ليرة للأنواع اليابسة بشكل كامل، نتيجة ازدياد الطلب عليه مع قرب الشتاء وجراء قلة مخصصات مازوت التدفئة.

عدد كبير من الأهالي كانوا ينتظرون موسم الزيتون لتقليم الأشجار بعد انتهاء القطاف، والاستفادة منها بالتدفئة، إلا أن شح موسم الزيتون هذا العام يفرض عليهم عدم التقليم كي لا تتضرر الأشجار الموسم المقبل، وهو ما أدى إلى خسارة هذه الفئة أحطابها.

ولا تعتبر تجارة الحطب ممنوعة في سوريا، بشرط ألا يلجأ التاجر إلى قطع الأشجار في الأماكن الحرجية التابعة للدولة، بمعنى أن تكون ناتجة عن اقتلاع أشجار من أرضه مثلًا.

وبحسب المادة “32” من قانون الحراج، فإن كل من يقوم بقلع أو قطع أو إتلاف الأشجار في حراج الدولة، يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين، مع دفع غرامة بين 500 ألف ومليون ليرة سورية.

بالمقابل، يهاجم كثيرون فرض عقوبة على من يقومون بـ”التحطيب”، فكيف يحصل السوريون على الدفء في ظل ارتفاع سعر المازوت وندرة وجوده، والتقنين القاسي بمعدل ساعة وصل واحدة كل خمس ساعات قطع، مع ترجيحات الأهالي بارتفاع التقنين خلال الشتاء، إذ لم تكن فترة وصول الكهرباء تتجاوز ربع إلى نصف ساعة الشتاء الماضي.

ولا يعد سعر 500 ألف ليرة قليلًا بالنسبة لأغلبية السوريين، نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة، فالمبلغ يعادل راتبين ونصفًا للموظف الحكومي.

ومن المتوقع أن يرتفع طن الحطب حتى خمسة ملايين ليرة مع بدء فصل الشتاء بشكل فعلي، وازدياد الحاجة للمادة، ما يعني زيادة الطلب عليها.

يتسبب الاعتماد على الحطب كمادة للتدفئة بأضرار ووفيات نتيجة استنشاق الروائح المنبعثة أو اندلاع حرائق، ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية عن عدد ضحايا مدافئ الحطب، فإنه لا يكاد يمر عام إلا وتنتشر أخبار الوفيات نتيجة الاختناق بمدفأة الحطب، أو نتيجة حريق أدت إليه المدفأة.

يحذر أطباء مرضى الربو من التعرض لمدفأة الحطب أو النوم في الغرفة حيث توجد حتى بعد إطفائها، كما أن مدفأة الحطب على المدى الطويل من الممكن أن تؤدي إلى سرطان الرئة، أو تسرع بظهوره إن كان موجودًا، كما أنها أحد أسباب الجلطات ومشكلات الأوعية الدموية.