لكل السوريين

الديمقراطية في يومها العالمي، شرح مبسط.. وسوريا تتذيل قائمة التصنيف

حاوره/مجد محمد

الديمقراطية هي أحد المثل العليا المعترف بها عالمياً والقائمة على قيم مشتركة تتبادلها الشعوب في مختلف أنحاء العالم، بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، هذا ما ورد في مواثيق الأمم المتحدة كأحد مقومات تشجيع وحث الحكومات والشعوب في العالم لأتباع النهج الديمقراطي، وبهدف تعزيز مبادئ الديمقراطية والتمسك بها قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم ١٥ أيلول/سبتمبر اليوم العالمي للديمقراطية وذلك ضمن اجتماعها الذي عقدته في عام ٢٠٠٧.

وبمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية الذي صادف في الأسبوع المنصرم عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ مروان اسطنبولي الحاصل على البكالوريوس في العلوم السياسية، ودار الحوار التالي:

*أستاذ مروان مرحباً بك بداية، نسمع نقاشات حول الديمقراطية ومفهومها وتطبيقها منذ عشرات السنين، بلمحة بسيطة ما هي الديمقراطية؟

أهلاً بك، إن الديمقراطية هي وسيلة لتنظيم المجتمع، وكلمة ديمقراطية تأتي من اللغة اليونانية وتعني تقريباً “حكم الشعب”، أي أن الشعب في الديمقراطيات، هو الذي يمتلك السلطة السياسية، وتعرف الديمقراطية اصطلاحاً بأنها نظام الحكم، حيث تكون السلطة العليا بيد الشعب، الذي يمارس سلطاته بشكل مباشر، أو عن طريق مجموعة من الأشخاص يتم انتخابهم لتمثيل الشعب بالاعتماد على عملية انتخابية حرة، حيث ترفض الديمقراطية جعل السلطة كاملة ومركزة في شخص واحد، أو على مجموعة من الأشخاص كالحكم الدكتاتوري، أو الأوليغارشية (حكم الأقليات).

*حتى وقتنا الحاضر توجد العديد من الدول تعاني من الديكتاتورية وتطالب بالديمقراطية، ما هو تاريخ الديمقراطية، أو من أين بدأت؟

تم تطبيق الديمقراطية بشكل بدائي في أنحاء مختلفة من العالم منذ القدم، إذ كانت أشكال الحكم الاستبدادية والأقليات هي أشكال الحكم المنتشرة في ذلك الوقت، وتعود بداية تطبيق الديمقراطية إلى الإغريق والرومان، حيث تم تطبيق أول نموذج رسمي للديمقراطية في المدينة اليونانية أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تميز النموذج الأثيني عن باقي الأنظمة بتطبيق الديمقراطية المباشرة، والتي تتم من خلال اجتماع أفراد الشعب، ومناقشتهم مسائل الحكومة، وتنفيذ القرارات السياسية دون الحاجة لانتخاب ممثلين عنهم، وما ساعد على نجاح هذا النوع هو سهولة تطبيقه، بسبب قلة أعداد المشاركين بشكل مباشر في السياسة.

وخلال القرنين السابع عشر والثامن عشر بدأت الديمقراطية بالانتشار، وفي الوقت الحالي انتشرت الديمقراطية بأشكالها المختلفة في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك يصعب وجود نظامين للديمقراطية متماثلين تماماً، كما يصعب إيجاد نموذج ديمقراطي واحد، حيث ظهرت أشكال مختلفة للديمقراطية، مثل: الديمقراطية الفدرالية، والرئاسية، وتلك التي تعتمد على نسبة التصويت، أو على تصويت الأغلبية.

*بعد أن تعرفنا على مفهوم المصطلح وتاريخه جيداً، إذاً ما هي أركان وعناصر الديمقراطية؟

جواب هذا السؤال طويل جداً، سأحدثك عن الاركان وأترك العناصر فيما بعد، وعن اركان الديمقراطية هي الانتخابات، فيتم إضافة الشرعية على الديمقراطية عن طريق الانتخابات النزيهة والحرة، والتسامح السياسي، والذي تكمن أهميته في تحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى عموم الفائدة على جميع الفئات المجتمعية، دون غض الطرف عن أي منها، وحرية التعبير، والتي تدل على حرية المجتمع، وتعد الصحافة الحرة التي تسمح للأفراد بمناقشة القضايا المختلفة دليلاً على ديمقراطية النظام السياسي التابع لذلك المجتمع، والمساءلة والشفافية.

وتعد الحكومة التي تم انتخابها من قبل الشعب مسؤولة أمامه فينبغي وجود مؤسسات محايدة في الدولة لتقييم ذلك، كسلطات قضائية مستقلة، واللامركزية، التي تشجع المواطنين ليصبحوا أكثر وعياً من أجل المشاركة في الديمقراطية، وتسهم في تقليل نفوذ القوى السياسية، كما تشير إلى مدى اقتراب الحكومة من حكم الشعب، والمجتمع المدني، الذي يشمل العديد من الأنشطة والمشاركات كالمجموعات التي تهتم بقضايا معينة، أو المنتديات المجتمعية، أو الأندية، أو الجمعيات الخيرية، أو النقابات، إضافة لمجموعات واسعة من الأعمال التطوعية، وغيرها من النشاطات التي تندرج ضمن المجتمع المدني، والتي بدورها تساعد على نمو الديمقراطية الشعبية في المجتمع، وأيضاً سيادة القانون، فتوجد علاقة وثيقة ما بين الديمقراطية وتطبيق القانون، إذ يمكن للمواطنين الحكم على شرعية الحكومة بعد إخضاع العملية السياسية للقوانين، ووضعها ضمن إطار تنظيمي.

*إذاً، فما هي عناصر الديمقراطية؟

للديمقراطية ثلاثة عناصر سأذكرها لك مع شرح مبسط، أولها الديمقراطية المباشرة وهي أحد أنواع الديمقراطية التي يتم فيها التصويت من قبل الشعب على أي من القرارات السياسية بشكل مباشر ودون الحاجة لأي ممثلين عنهم، وأي قرار يصدر عن الحكومة يجب أن يعرض على المواطنين كي يتم التصويت عليه، ويكون لهؤلاء المواطنين الدور الأول لتقرير مصير بلادهم، ومثال ذلك قضية رفع الضرائب، إذ لا يحق للدولة رفع قيمتها دون وجود دعم شعبي يؤيد هذا القرار، كما يستطيع المواطنون طرح القضايا التي تهمهم، وتشكيل أحزاب عديدة بناء على اهتماماتهم، وذلك ضمن الديمقراطية المباشرة، وكذلك الديمقراطية النيابية وهي الأكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم، وفي هذا النوع يتم التصويت لمجموعة من الأفراد لتمثل الشعب في البرلمان، حيث يتم الاستفادة من خبرات الأفراد الذين تم انتخابهم من أجل صنع واتخاذ القرارات، بينما يتابع باقي أفراد الشعب مهامه الأخرى، وهي بذلك تحمي حقوق الأغلبية من الشعب، وتساعد على حماية حقوق الأقليات من خلال إتاحة فرصة انتخاب شخص ذي كفاءة عالية، وايضاً الديمقراطية التعددية والتي من خلالها ينظم الافراد إلى مجموعات منظمة لمناقشة القضايا السياسية المشتركة، إذ يحدد الفرد القضايا التي تهمه، وينضم للمجموعات التي تناقش هذه القضايا من أجل دعمها، وتقوم المجموعات بدورها بكسب الدعم السياسي المهم من أجل الدفاع عن مصالحهم.

*ما هي محاسن أو مميزات أو حتى إيجابيات الديمقراطية؟

إعداد مواطنين صالحين، فتعد الديمقراطية نظاماً سياسياً مثالياً، يهدف لإعداد مواطنين صالحين من خلال توفير بيئة مثالية تساعد على اكتساب الصفات الحميدة، وحماية مصلحة المواطنين وهذا من خلال منحهم الحق في التصويت لمن سيمثلونهم في الحكومة، وذلك ضمن مختلف القضايا سواء السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، وتحقيق المساواة، فتتعامل الدولة الديمقراطية مع جميع مواطنيها بشكل متساوي ، وتضمن لهم حقوقهم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، كما تحقق العدالة والمساواة أمام القانون، وتمنع التمييز بين الأفراد، ومنع احتكار السلطة، واستقرار الحكومة والتزامها بالمسؤولية وكذلك تعزيز التغيير وتنمية الوعي السياسي للشعب.

*ما هي أهداف الديمقراطية، أو بصيغة أخرى إلى ماذا تهدف الديمقراطية؟

تحقيق المساواة بين جميع المواطنين عند تحقيق مصالحهم، وأخذ آرائهم بعين الاعتبار دون الانحياز لأحد، وحماية الحريات العامة بمختلف أنواعها وحقوق الإنسان، وتطبيق النظام الديمقراطي يساعد على استبعاد أنظمة الحكم الدكتاتورية والاستبدادية، ويغني عن تطبيقها في المجتمعات، وحكم الشعب نفسه بنفسه، فالديمقراطية تتيح للشعب إمكانية اختيار حكومته، وبالتالي فإن مدى رضاه عن الحكومة يرتبط باختياراته، لأنه هو صاحب القرار في هذا الاختيار.

*ختاماً، الديمقراطية في سوريا، المجال مفتوح لك..

للأسف وفق المؤشر الذي يقيم حالة الديمقراطية في العالم والذي يصدر بشكل سنوي، وأظهر مؤشر الديمقراطية أن سوريا عام ٢٠٢٢ جاءت في المرتبة ١٨ عربياً، و١٦٢ عالمياً من ١٦٧ دولة داخل التصنيف، ضمن تصنيف نظام حكم استبدادي، وإن عدنا إلى أرض الواقع فسوريا لا تتمتع بالديمقراطية بتاتاً، فحسب القوى الحاكمة على الأرض السورية في منطقة سيطرة حكومة دمشق لا توجد ديمقراطية بتاتاً فأي معارضة للسلطة تودي لصاحبها إلى أعتى السجون وفي مناطق شمال غرب سوريا كذلك الأمر وفي مناطق شمال وشرق سوريا الأمر أفضل من سابقيه بشكل نسبي فقط.