لكل السوريين

دور السينما بحمص بلا ترميم.. مديرية الثقافة تأبى إعادة الحياة لها

حمص/ بسام الحمد

عرف أهل “حمص” فنَّ السينما بثلاثينيات القرن الماضي، من خلال العروض التي كانت تقام ضمن المقهى الأشهر فيها، ألا وهو مقهى “المنظر الجميل” الواقع على الجانب الجنوبي من ساقية المدينة الشهيرة التي كانت قائمةً آنذاك.

إذ أن أول دار للسينما قد أنشأت بمطلع أربعينيات ذلك القرن وحملت اسم سينما “الأوبرا” ومكانها يقع في الجهة المقابلة لما كان يعرف بمبنى “البلدية” والذي تحوَّل لاحقاً إلى مقرٍّ للمتحف ولمديرية الآثار، وتمَّ فيما بعد هدم المبنى الذي تقع فيه دار السينما، وذهبت معه ذكريات ترسخت بأذهان الأجيال التي عاصرت وجودها.

ويعتبر شارع “القوتلي” الواقع في مركز مدينة حمص، وهو أحد أهم شوارعها الرئيسية؛ كونه يضم ساعتي المدينة المشهورتين القديمة والجديدة، إضافة لوجود أهم معالم المدينة، من مبانٍ حكومية وفنادق ومقاهٍ تراثية، شاهداً على ما تبقى من دور السينما الكثيرة التي ظهرت تباعاً في المدينة والتي سنتعرف على تاريخ ظهورها، والحال الذي آلت له بزمننا الراهن، سينما حمص.

أول سينما لا زالت قائمة “الفردوس” ذات الطابع الشعبي ببنائها وروَّادها، خاصة من جيل الشباب وموقعها مطلاً على ساحة الساعة القديمة بعدها، ظهرت سينما “الزهراء” الواقعة على الطرف الشمالي من شارع “القوتلي” ضمن بناء مقهى “الروضة” مسرحها الشهير، والتي حلَّت مكانها قبل نحو عقدين من الزمن سينما “الكندي” التابعة للمؤسسة العامة للسينما.

أمَّا الجانب الآخر من الشارع فقد أسست فيه سينما “فريال” والتي عرفت فيما بعد بسينما “الأمير”، تلك الفترة الممتدة بين خمسينيات إلى ستينيات القرن العشرين الماضي، شهدت ازدياداً ملحوظاً بأعداد دور السينما في المدينة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: سينما “روكسي” وقد تبدَّل اسمها ليصبح “الشرق” وكان مقرها يقع ضمن بناء أثري يحوي مقهى “الفرح” الذي ما زال قائماً لغاية أيامنا هذه، بالقرب من بناء “الساعة الجديدة” الحالي.

وبالقرب منه ظهرت سينما “الفاروق” التي ما زال بناؤها قائماً لغاية يومنا هذا، ومن أهم الدور نذكر سينما “الحمراء” و”أوغاريت” الواقعتين مقابل دار “سينما “الأوبرا”، كذلك نذكر سينما “الحرية” التي كانت تقع وسط شارع “الحميدية”.

وتعتبر سينما “حمص” التي أسسها المهندس “نادر الأتاسي” عام 1959 من أهم دور السينما وأكثرها شهرة، وقد استمر عملها لغاية اندلاع الأحداث المؤلمة التي شهدتها المدينة، تميَّزت تلك الدار بقسميها (البلكون – الصالة) وقد أقيمت مكان ما كان يعرف بمقهى “المنظر الجميل”.

لعلها السينما الوحيدة التي ترسخت ذكراها لدى الأجيال التي عاصرت نشاطها، من جانب شخصي لا زلت أذكر حفلات العروض التي كانت تجري في فترة المساء كلَّ 3 ساعات، إضافة للعرض الذي كان يجري أثناء فترة ما قبل الظهر والتي كان غالبية حضورها من الشبَّان المتسربين من المدرسة والقادمين من الأرياف لقضاء عملٍ ما، عدا عن ذكريات الذهاب إليها خلال أيام الأعياد كغالبية فتيان وشباب المدينة والريف حتى.

لكن تلك جميعها تعرضت للأذى والتخريب خلال فترة الأحداث، والمؤسف بالأمر هو عدم التحرك والمبادرة لترميم تلك الدور وإنعاش الحركة السينمائية في المدينة، التي تقتصر على العروض المقامة من قبل مديرية الثقافة فقط.

ورغم المطالبات بإحياء دور السينما لا زالت مديرية الثقافة تُهمل العمل فيها، ولدور السينما حيزاً واسعاً في ذواكر الحماصنة، حيث تعتبر مكاناً للتنفيس والترفيه، وبشكل عام لازالت آثار الحرب قائمة ولا تزال المؤسسات الثقافية تمعن في زيادة تلك الآثار، إذ أن للسينما دوراً في نهوض المجتمع ومعالجة قضايا اجتماعية.