لكل السوريين

في اليوم الدولي لمحو الأمية.. في سوريا لولا الحرب لتم إعلانها خالية من الأمية منذ عقد

حاوره/مجد محمد

يحتفل العالم بأجمعه في ٨ سبتمبر/أيلول من كل عام باليوم الدولي لمحو الأمية، وذلك بهدف إبراز التحسينات والتطورات التي طرأت على معدلات إجادة القراءة والكتابة بين السكان عام تلو الآخر، في الوقت الذي صرحت به اليونيسكو مؤخراً إنه لا يزال هناك ٧٥٠ مليون نسمة على الأقل حول العالم من الشباب والكبار يعجزون عن القراءة والكتابة, وما يقارب من ٢٥٠ مليون طفل حول العالم يفشلون في اكتساب مهارات القراءة والكتابة الأساسية.

وبمناسبة اليوم الدولي الذي صادف الأسبوع المنصرم، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ والموجه التربوي سابقاً خليل السكران، ودار الحوار التالي:

*أستاذ خليل مرحباً بك بداية، نظراً لأهمية التعليم ومحو الأمية في العالم أجمع، حددت اليونيسكو يوم الثامن من أيلول من كل عام يوماً دولياً لمحو الأمية، حدثنا عن تاريخ هذا اليوم؟

اهلاً بك، يحيي العالم أجمع اليوم الدولي لمحو الأمية بوتيرة سنوية منذ عام ١٩٦٧م، وقد أعلنت اليونيسكو في دورتها الرابعة عشر في أثناء مؤتمرها العام، الذي عقد في ٢٦ من تشرين الأول/أكتوبر عام ١٩٦٦م يوم ٨ أيلول/سبتمبر يوماً دولياً لمحو الأمية، بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية تعلم القراءة والكتابة للأفراد لما لها من أهمية للمجتمعات، بهدف التأكيد على الحاجة لتكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماماً بمهارتي القراءة والكتابة، وقد جاءت فكرة هذه المناسبة الدولية (اليوم الدولي لمحو الأمية) نتاج فعاليات المؤتمر العالمي لوزراء التربية الذي عقد في العاصمة الإيرانية طهران بشأن محو الأمية في يومي ١٨- ١٩ أيلول/سبتمبر من عام ١٩٦٥م، وقد خلص التقرير الختامي للمؤتمر إلى ضرورة تغيير السياسات الوطنية التعليمية، لتحقيق التنمية في العالم الحديث، واستقلال عدد كبير من البلدان، والحاجة إلى تحرر الشعوب تحرراً حقيقياً، ولضمان المشاركة الفاعلة والمنتجة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الإنساني خصوصاً في ظل وجود مئات الملايين من الأميين البالغين في العالم.

*لا يوجد تعريف شامل  لمصطلح الأمية، ويختلف تعريفها من مجتمع لآخر، ماذا بذلك؟

حسب ما هو متعارف عليه فأن تعريف مصطلح الأمية هو عدم قدرة الشخص على القراءة والكتابة في سن معينة، وبأي لغة كانت، ولكن مؤخراً أصبح لمفهوم عدم معرفة الكتابة والقراءة دلالات مختلفة من مجتمع إلى آخر، حيث أوجد التطور التكنولوجي والعلمي مفاهيم جديدة تتجاوز المصطلحات التقليدية للأمية، فتعرف بعض البلدان المتطورة الأمي بأنه الشخص الذي لا يجيد التعامل مع الحاسوب مثلاً، كما وهنالك أيضاً مصطلح الأمية الثقافية و الأمية التقنية، وهناك من يطلق مصطلح أمية المتعلمين على الأشخاص الحاصلين على شهادات تعليم جامعي، إلا أنهم رغم ذلك لا يجيدون قواعد الكتابة والقراءة بشكل صحيح، فمفهوم الأمية أيضاً هو في تطور مع عجلة المجتمعات وتطور التكنولوجيا ويتطور طرداً مع تقدم المجتمع أو تخلفه.

*المجتمع الذي تكثر فيه الأمية تكثر فيه المشاكل ويضعف فيه الاقتصاد، ما مدى صحة هذه المقولة؟

صحيح تماماً، لا ينعكس انتشار الأمية على الأفراد فحسب، بل يمتد إلى باقي المجتمع، وينعكس بشكل سلبي على طاقة العمل الإنتاجية ومستوى النمو الاقتصادي، لأن الأمية تؤدي إلى إضعاف الطاقات الفكرية للأفراد، وتحد من قدرتهم على الإبداع والإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار الكثير من الطاقات البشرية وعرقلة عملية التنمية في المجتمع، لذلك يمكننا ملاحظة أن الدول التي تسجل أعلى معدلات الأمية تتواجد فيها أعلى نسبة من الأشخاص غير النشطين اقتصادياً.

*إذاً لهذا الاهتمام العالمي بهذا الخصوص لابد إنه لمحو الأمية أهمية كبيرة، حدثني عنها؟

إن محو الأمية حق أساسي من حقوق الإنسان، وأداة لتعزيز القدرات الشخصية وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية، وتبرز أهميته من خلال عدة أمور ومنها، إنه يشكل نواة التعليم الأساسي للجميع، ويشكل عاملاً ضرورياً للقضاء على الفقر، وخفض معدل وفيات الأطفال، والحد من النمو السكاني، وكذلك يشكل ضماناً لتحقيق التنمية المستدامة والسلام والديمقراطية، ويرسخ المساواة بين الجنسين، مع التأكيد على أن الأشخاص الذين يمتلكون مهارات القراءة والكتابة قادرون على قراءة المجلات والصحف، وفهم علامات الطرق، وتسعيرة المنتجات في الأسواق، وفهم الجدول الزمني للحافلات والقطارات، وملء الاستمارات، واستخدام وسائل التكنولوجيا التي باتت جميع الأدوات في المنازل تعتمد عليها، وغيرها.

*ما الهدف الذي يسعى إليه العالم من محو الأمية؟

تهدف برامج محو الأمية بصفة عامة إلى أهداف كثيرة وأبرزها، تنمية قدرات الأفراد على اكتساب المعارف أو المهارات أو أشكال السلوك الجديدة القادرة على تحقيق النضج الكامل للشخصية، وإعداد الفرد إعداداً متكاملاً يؤهله من الناحية الدينية والأخلاقية والجسمية والفعلية والاجتماعية والوجدانية، ليأخذ دوره الفعال لخدمة دينه ودنياه في مجتمع ينعم بالرفاهية والتقدم، وتحقيق اندماج الأفراد في الحياة العامة، من خلال تزويدهم بنوع من التعليم التقني والمهني المتقدم، مع تنمية قدراتهم بما يضمن مشاركتهم الفعالة في التنمية الشاملة للمجتمع، وكذلك تحقيق الكفاءة الاقتصادية للفرد، وأيضاً مواكبة ظروف العصر، والأخذ بمفهوم التربية المستمرة، وتحقيق أهداف التنمية والتقدم على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة.

*وماذا عن محو الأمية في سوريا؟

في العام ١٩٧٢، أصدرت الحكومة السورية حينها قانون محو الأمية، الذي حقق خطوات ملموسة بهذا الصدد، ووفق الإحصاءات الرسمية السابقة عام ٢٠١٠، فإن الأمية انخفضت من ١٩٪ عام ٢٠٠٤ إلى ١٤.٢٪ عام ٢٠٠٧، وبحلول العام ٢٠٠٨ تم إعلان كل من القنيطرة والسويداء وطرطوس محافظات خالية من الأمية بشكل كامل، وتبعتها في العام ٢٠١٠ إعلان محافظات درعا واللاذقية وحماة خالية من الأمية كذلك، لكن ليس الواقع المعيشي الصعب والتدمير والمعارك والضحايا، الأمور الوحيدة التي فرضتها الحرب السورية المستمرة منذ عام ٢٠١١، فهناك عودة الأمية، خصوصاً لسكان مناطق المعارك والمخيمات، وبعد أن كانت سوريا تستعد لإعلانها خالية من الأمية بشكل كامل قبل الحرب، باتت اليوم تعاني من هذه المشكلة بشكل كبير رغم عدم وجود إحصاءات رسمية واضحة بأعداد الأميين في البلاد، فسوريا كانت سَتعلن خالية من الأمية بحلول ٢٠١٦، الحرب لم تكن بالحسبان.

*ختاماً، كلمات تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

أحب أن أذكر مقولة تستوقفني كثيراً ولا تبرح من عقلي وهي “من ذاق ظلمة الجهل أدرك أن العلم نور”، فأن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة والمجتمع يجب أن يبني المستقبل على أساس علمي، لأن التعليم هو ببساطة روح المجتمع التي تنتقل من جيل لآخر، والمجتمع لا يكتسب حريته إلا عن طريق التعليم، فالتعليم قضية محورية في سبيل الديمقراطية، فالديمقراطية في يد جهلاء، لن يحركها ألا العوز والفقر، وأتقدم بالشكر كذلك لجميع المنظمات والجمعيات الإنسانية وحركات المجتمع المدني التي وضعت ضمن اختصاصها دورات لمحو الأمية وتأهيل دورات لتثقيف الكبار.