لكل السوريين

انقلاب في النيجر.. وإدانات عالمية بالجملة هل خسرت فرنسا دولة إفريقية جديدة

على غرار الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، شهدت النيجر الإطاحة برئيسها المنتخب وتنصيب قائد الحرس الرئاسي رئيساً مؤقتاً للبلاد تحت مسميات مكافحة الفساد وسوء الإدارة وحماية أمن الوطن والمواطنين.

وعلّق قادة الانقلاب العمل بدستور 25 تشرين الثاني من العام 2010، وحلًوا كافة المؤسسات المنبثقة عنه، وأوقفوا أنشطة الأحزاب السياسية والمظاهرات، وأغلقوا الحدود البرية والجوية، وفرضوا حظر التجول حتى إشعار آخر، وطلبوا “من جميع الشركاء الخارجيين عدم التدخل في الشأن النيجري”.

وأعلن “المجلس الوطني لحماية الوطن” الذي شكّله الانقلابيون، أنه سيتولى المهام التشريعية والتنفيذية كاملة إلى حين العودة للنظام الدستوري المعلّق، وسيتولى رئيسه منصب رئيس الدولة ويمثل البلاد في العلاقات الدولية، حسب ما جاء في القرارات التي أصدرها القادة العسكريون.

وبرر الناطق باسم المجلس قيام الانقلاب بتدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصادية والاجتماعية، وأكد “تمسك المجلس باحترام كل الالتزامات الدولية التي تعهدت بها النيجر”.

ويرى مراقبون أن خلف ما جرى ويجري في نيامي، يقف صراع غير معلن بين روسيا التي يتصاعد حضورها في المنطقة، وبين فرنسا التي يتراجع نفوذها فيها.

إدانات بالجملة

أدان الأمين العام للأمم المتحدة انقلاب النيجر، وقال المتحدث باسمه إن الأمين العام يدين أي محاولة لتولي الحكم بالقوة والمساس بالديمقراطية والسلام والاستقرار بالنيجر، ويدعو جميع الأطراف إلى التزام ضبط النفس وضمان حماية النظام الدستوري.

كما أدان مجلس الأمن الدولي المساعي غير الدستورية لتغيير السلطة في النيجر، ودعا للإفراج الفوري وغير المشروط عن الرئيس بازوم وأسرته وأعضاء حكومته.

وبعد جلسة مشاورات مغلقة بشأن الأوضاع في النيجر، أعرب المجلس عن قلقه من الأثر السلبي للتغييرات غير الدستورية للحكومات في المنطقة، وأكد في بيانه دعم موقف المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) لمواجهة هذه التغييرات.

ومن جانبه، أدان الاتحاد الأوروبي الانقلاب وأعرب عن قلقه الكبير حيال الأحداث التي تجري في نيامي، وهدد بوقف المساعدات المخصصة للنيجر بسببها، وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل إن أي خرق للنظام الدستوري في النيجر قد يؤدي إلى وقف فوري لكافة أشكال الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي.

وفي إفريقيا قال غزالي عثماني رئيس جزر القمر، بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، إن الاتحاد يضم صوته إلى المجتمع الدولي ويدين الانقلاب في النيجر.

وفي واشنطن، أدان البيت الأبيض أي جهد للاستيلاء على السلطة بالقوة في النيجر، وحذّر من أن ذلك سيؤدي إلى توقف الشراكة مع هذا البلد.

وفي فرنسا ندد الرئيس إيمانويل ماكرون بالانقلاب العسكري في النيجر ووصفه بالتطور الخطير على أمن المنطقة، وقال إنه مستعد لدعم فرض عقوبات على منفذي الانقلاب،

وقالت الخارجية الفرنسية إن باريس لا تعترف بالسلطات المنبثقة عن الانقلاب العسكري في النيجر وتعتبر محمد بازوم المنتخب ديمقراطياً الرئيس الوحيد للنيجر، ودعت إلى استعادة النظام الدستوري دون إبطاء.

روسيا تنافس فرنسا

بدأت الأمور تميل لصالح روسيا في القارة الإفريقية، حيث رفع مؤيدون للانقلابات فيها الأعلام الروسية، بما يشير إلى تصاعد مزاج شعبي يميل لصالحها، ومع الوقت قد يشكل ضغطاً على الأنظمة الحاكمة فيها.

وقد يؤثر ذلك على القرار السيادي في النيجر التي تعيش الآن انقلاباً كان متوقعاً بعد تعرّض رئيسها للعديد من محاولات الانقلاب الفاشلة، قبل أن يعزله حرسه.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن الحضور الروسي بدأ ينمو في المنطقة على حساب النفوذ الفرنسي فيها.

ومع أنه من غير المؤكد بعد وجود دور روسي مباشر في انقلاب النيجر، من المرجح أن تكون التغيرات التي تجري فيها لصالح روسيا.

ويشير الخبراء إلى أن الحضور الروسي يتعاظم في النيجر وفي مناطق إفريقية أخرى، بينما ينحسر نفوذ باريس فيها، مع أن فرنسا كانت تستعمر العديد من البلدان الإفريقية وهي صاحبة نفوذ تقليدي فيها، ولكن علاقاتها ظلت مقتصرة على الطبقات الحاكمة، ولم تعمل على صياغة علاقات استراتيجية واسعة تجعل من وجودها خياراً يحظى بقبول شعبي.

ويعتقد المتابعون للشأن الإفريقي أن روسيا التي تسعى إلى تعزيز حضورها على حساب النفوذ الفرنسي، تتخذ من الانقلابات العسكرية مدخلاً رئيسياً لهذا الحضور، وتعتمد على المزاج الشعبي الذي بدأ يميل لصالحها لتحقيق ذلك.