لكل السوريين

حقوقي سوري.. الإدارة الذاتية فعلت كل ما بوسعها، والمنطقة لم تعد تستطيع مجابهة خطر داعش مرة أخرى

حاوره/ مجد محمد

أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الأسبوع المنصرم عن البدء بمحاكمة إرهابيي تنظيم داعش المحتجزين لديها في المعتقلات، الاعلان الذي لاقى ترحيباً كبيراً ودعوات للمجتمع الدولي أن يوفر الدعم للمحاكمات التي سوف تجرى في شمال وشرق سوريا، بما في ذلك الموارد أو اجراء المحاكمات، فهل ستلقى هذه الدعوات آذان صاغية؟ وهل ستحل هذه المعضلة؟

المحاكمات التي ستجرى جاءت بعد تخاذل دولي في هذا الملف خصوصاً، وعدم استعادة الدول لرعاياها الذين كانوا منطوين تحت تنظيم داعش الارهابي، وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا لقاءاً مطولاً مع المحامي رفيق الجرير، ودار الحوار التالي:

*بداية مرحبا بك استاذ، بعد تخاذل كبير من المجتمع الدولي جاء إعلان الإدارة الذاتية عن محاكمة عناصر داعش، ما الاصداء الدولية لهذا؟

اهلا بك، الاعلان لاقى ترحيبا كبيرا من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، والصحف الاقليمية والعالمية، وعلى رأسها هيومن رايتس ووتش التي أكدت أنه يجب على المجتمع الدولي أن يوفر الدعم للمحاكمات التي ستجرى في شمال وشرق سوريا بما في ذلك الموارد أو اجراء المحاكمات أو في دولة ثالثة، وإن أي شيء غير ذلك يعتبر انتهاك لحقوق هؤلاء المعتقلين ولكنه سيمثل صفعة على وجه الضحايا الذي سقطوا في وجع تنظيم داعش الارهابي وأفراد أسرهم الذين يستحقون رؤية العدالة تتحقق في جرائم هذا التنظيم الارهابي، وكذلك صحيفة الشرق الأوسط أكدت أن الإدارة الذاتية ستحاكم الدواعش الاجانب امام محاكم شعبية لأن هذا الشعب هو من دفع ضريبة اجرام عناصر داعش الارهابي في مناطق شمال وشرق سوريا، وكذلك اقبالا كبيرا من قبل الاشخاص داخل وخارج المنطقة عن فرحتهم عن اجراء المحاكمات ومحاكمة الارهابيين.

*بعد ان يئست من اي تعاون دولي بخصوص معتقلي داعش الارهابي، قانونياً إلى اين ستقود هذه الخطوة المشهد في هذا الملف تحديداً؟

الادارة الذاتية تتحمل منذ ربيع ٢٠١٩ بمفردها اعباء ومسؤولية حماية الالاف من الارهابيين الأجانب وذويهم المحتجزين لديها في المخيمات في بعض المساعدات الخجولة من المنظمات وتخاذلها احياناً كثيرة، فالادارة الذاتية حذرت مراراً وتكراراً من خطورة بقاؤهم في تلك المحتجزات دون محاكمة لأنها ستشكل قنابل موقوتة، اليوم المشهد السياسي والدبلوماسي العربي خاصة انه هناك مساعي عربية ودولية وإقليمية حول الخروج من عنق الزجاجة بخصوص داعش، واليوم لابد من إقامة قانون عدلي يشمل الجرائم التي ارتكبتها داعش، بالتأكيد نحن مع إقامة محاكمة دولية عادلة بها قضاة دوليون وهذا هو الاصل القانوني وفق القانون الدولي، فالقانون الدولي هو القانون الفيصل الذي سيتم بموجبه تطبيق الاحكام على الدواعش الاجانب في سوريا، لكن لنكن واقعيين وفق القانون الدولي المعمول به فأن الادارة الذاتية ليست جهة حكومية معترف فيها عالميا لأقامة هكذا محكمة، فهذه المحاكمات يجب ان تتم من جهة حكومية معترف فيها عالمياً، لكن في ذات الوقت الإدارة الذاتية عملت فيما وسعها وناشدت منذ عام ٢٠١٩ دون وجود اذن صاغية، والآن مع اعلان أنها ستباشر المحاكمات كذلك ناشدت المجتمع الدولي، فهي بذلك فعلت ما عليها ولكن المجتمع الدولي هو من يتخاذل ولا يستجيب، فلا ضير من تطبيق القانون الدولي في المحاكمات، لعل في المستقبل تلقى المناشدات آذان صاغية.

*يقول المثل” قد أسمعت لو ناديت حياً، لكن لا حياة لمن تنادي” في أي السياقات تضعون هذه الخطوة، وكيف تقيمونها من ناحية التوقيت والمضمون ايضاً؟

خطوة جريئة وشجاعة من قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية وبعد تجاهل المجتمع الدولي لمناشدات عديدة، فهذه الخطوة تنم عن إدراك ووعي وشجاعة كبيرة جداً، بالبدء عن محاكمة ومحاسبة هؤلاء المجرمين الذين ارتكبوا العديد من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، وطبعا هذه المحاكمات سوف تكون أصولية ووفق القوانين المعدة في شمال وشرق سوريا والقانون الدولي، بالتأكيد الكل ينتظر محاكمة هؤلاء الارهابيين الذين يعلم الجميع أنهم قنابل موقوتة، وطبعا هذه المحاكمة تعتبر إيقاف لهذه القنابل التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة.

*اليوم نتحدث عن ٢٠٠٠ عنصر ارهابي ينحدرون من ٦٣ جنسية عربية وأجنبية رفضت بلدانهم استعادتهم، عند محاكمة هؤلاء واتخاذ الخطوات القانونية بحقهم، ما الموقف الذي ممكن ان تتخذه دولهم التي ينتمون اليها؟

بعد عدة دعوات من قبل الإدارة الذاتية، ورفض دولهم تسلمهم، فطبعاً إذا تمت محاكمة هؤلاء الإرهابيين من قبل الإدارة الذاتية، فلا يحق للدول التي ينتمون إليها بجنسياتهم أن يعترضون على تلك المحاكمة لأنها ستكون وفق الأصول ووفق القوانين الدولية خارج المحكمة الدولية، لكن إذا اتخذت دولهم اي خطوة، فلا ضير من تسليمهم إلى دولهم التي ينحدرون منها لإكمال مدة عقوبتهم في دولهم او اعادة محاكمتهم بنفسها، وهذا ما كانت تطالب الادارة الذاتية به سابقا وهم كانوا يرفضون تسلم رعاياهم.

*في سجن الصناعة حدث قبل أكثر من سنة تقريباً، كان قنبلة موقوتة وانفجرت، فلولا الاستجابة السريعة وتدارك الموقف لكان عاد داعش من جديد، اليوم المنطقة لم تعد تحتمل سيناريو اخر شبيه بسجن الصناعة، فهل دولهم تخاف من هذا الشيء أن يحصل بها؟

بالطبع عزيزي، ما حصل في سجن الصناعة خطيراً جداً، وكاد أن يودي بالمنطقة إلى الهلاك مجدداً، فعندما تأتي الإدارة الذاتية بهذه الخطوة الشجاعة للبدء بمحاكمة عناصر تنظيم داعش فهي تريد من تقليل حجم الخطر في المنطقة وكذلك ورقة ضغط للمجتمع الدولي ودول رعايا داعش، لكي تتخلص من الارهابيين الموجودين في المنطقة كالقنابل الموقوتة والذين ممكن أن تنفجر في أي لحظة ليعودوا بالمنطقة إلى عصر الظلام، فدولهم تخشى من عودة هذه القنابل إلى جغرافيتها، فعلى دولهم قبول استعادتهم لأن المنطقة وإمكانياتها لم تعد تحتمل بقاؤهم هكذا، فأما محاكمتهم أو استعادتهم، فالخطر كبير جداً ولا يزال محدقاً من كل صوب.

*نتحدث عن ١٠ الآف إرهابي من تنظيم داعش، ٢٠٠٠ منهم من ٦٣ جنسية عربية واجنبية، و٢٠٠٠ من الجنسية العراقية، والباقين من الجنسية السورية، محاكمة كل هؤلاء تحتاج دعم وتكاتف دولي، التحالف الدولي أنهى مهمته عسكرياً، لكن اليوم توجد مهمات أمنية وحقوقية وقانونية وأخلاقية، فكيف بهذا الشأن؟

اليوم المجتمع الدولي إذا ما أراد فعلا اتمام الانتصار وانهاء وجود داعش في المنطقة، فيجب أن يدعم مبادرة الإدارة الذاتية دعماً كبيراً بمحاكمة هؤلاء الارهابيين، ولكن إذا تمهل أو تناسى المجتمع الدولي دعوات الإدارة الذاتية ولم يدعم الإدارة الذاتية فبالتأكيد الإدارة الذاتية لن تستطيع أن تصنع شيئا كبيراً، لذلك يجب على المجتمع الدولي ومحكمة العدل الدولية  أن توفر الوسائل والدعم اللوجستي والمادي لمحاكمة هؤلاء المجرمين لإنهاء خطرهم ليس فقط في المنطقة وإنما في العالم بأسره، لذلك يجب توفير المستلزمات اللازمة والعوامل المناسبة لإنجاح هذه المحاكمة الذي أصبح واجبا على المجتمع الدولي.

*ختاماً، في هذا الصدد كلمة أخيرة تريد أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

أحب أن أطرح موضوع الدعم التركي للإرهاب، فتركيا دعمت تنظيم داعش، وقدمت له يد العون والتسهيلات لمرور عناصره إلى المنطقة عبر أراضيها، وذلك بناء على كل الوثائق والتقارير التي تنشرها المنظمات الحقوقية العالمية، فقرار المحاكمة في هذا الوقت ايجابي جداً، لأنه هناك مخاوف من ازدياد التدخلات التركية في المنطقة، فمخابراتها تحاول التغلغل في المخيمات والمعتقلات التي تأوي معتقلي داعش، فعلى سبيل المثال قبل شهرين تقريباً ضربت الطيارات التركية المسيرة الحراس الأمنيين الذين يحرسون مخيم الهول وقتلت اكثر من ٨ منهم الأمر الذي أدى إلى هرب عدد من عناصر داعش إلى تركيا، وختاماً أتمنى لهذه المحاكمات النجاح ودعم المجتمع الدولي لها، فالمنطقة لم تعد تستطيع مجابهة خطر داعش مرة أخرى.