لكل السوريين

الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا.. معارك شرسة وتوقعات ضبابية

بعد عقدين في الحكم، يسعى رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بكل السبل إلى الفوز بولاية جديدة، ولكن حصيلته السلبية لحكمه الطويل، يمكن أن تؤثر على إمكانية فوزه على منافسه الرئيسي، مرشح المعارضة الموحدة كمال كليتشدار أوغلو.

ورغم أن كرسي الرئاسة في تركيا، ومن سيحظى به بعد الانتخابات المقبلة، كانت أكثر القضايا التي شغلت الشارع التركي، إلا أن اهتمام الشارع العام توجّه على نحو ملحوظ إلى الانتخابات البرلمانية، وهي الثانية بعد الانتخابات الرئاسة من حيث الأهمية.

وتكمن أهميتها بأن فوز أي من التحالفين بالرئاسة دون البرلمان سيكون “فوزاً غير مكتمل”.

وسيجد رئيس النظام التركي في حال فوزه، صعوبة في ممارسة السلطة إذا لم يمتلك غالبية برلمانية تساعده على تمرير القوانين والتشريعات.

ولو تمكّن تحالف المعارضة من الفوز في الانتخابات الرئاسية، فإنه دون حصوله على أغلبية الثلثين من المقاعد البرلمانية، لن يتمكّن من إلغاء النظام الرئاسي والتحول إلى نظام برلماني من خلال تعديل الدستور أو طرح مشروع تعديله على الاستفتاء الشعبي، كما جاء في برنامجه الانتخابي.

معارك انتخابية شرسة

قبل أيام من موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يتوقع أن تشهد منافسة محتدمة، جمع رئيس النظام التركي حشوداً ضخمة من أنصار حزبه “العدالة والتنمية”، وطالبهم بتكثيف فعالياتهم الانتخابية، وحضّ المواطنين الذين لم يحسموا خيارهم، بعد على التصويت لصالحه.

واستعرض الخدمات التي قدمتها حكومته، وزعم أن أنقرة باتت عاصمة للصناعات الدفاعية بفضل الاستثمارات التي قامت بها حكوماته خلال السنوات الماضية.

وشدد على أن أنقرة ستتحوّل إلى مركز لخطوط القطارات السريعة بفعل الخطوط التي تملكها، وبعد استكمال مشاريعها الحالية.

وهاجم البلديات التابعة للمعارضة في أنقرة وإسطنبول وإزمير، كبرى المدن التركية، بسبب “تقصيرها عن تقديم الخدمات الأساسية لسكان تلك المدن، رغم إدارتها لها منذ أربعة أعوام”،

وتوعّد بإخراج الائتلاف المعارض من الحياة السياسية في تركيا.

ومن جهته، شدد منافسه الرئيسي كليجدار أوغلو في مهرجان أقامه في إزمير ثالث كبرى مدن البلاد والتي تعد معقلا للمعارضة، على أن “تركيا ستستعيد النور”.

وأضاف “هذه الانتخابات هي انتخابات لإعادة بناء ديمقراطيتنا.. سنعيد السلام إلى هذا البلد.. سأعيد الأخوّة إلى هذا البلد”.

حصيلة أردوغان السلبية

وصل أردوغان إلى السلطة في وقت كان النظام في تركيا ديمقراطياً إلى حد ما، لينتهي إلى نظام استبدادي متشدد وقمعي، بفعل رئيس النظام الذي أفرغ المجتمع المدني من محتواه، وكمم الإعلام، وهيمن على الاقتصاد والقضاء.

وصارت تركيا قوة إقليمية مصدرة للمشاكل وليس حلاً لها، مما أثار مخاوف دول الجوار.

وتسبب عدم احترامه لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتجميد ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي نهائياً.

وعلى الصعيد الاقتصادي أوقعت سياسة رئيس النظام التركي البلاد بأزمة اقتصادية كبيرة، واحتلت تركيا المرتبة الثانية عالميا على مستوى التضخم الذي تجاوزت نسبته الستين بالمئة.

وعلى الصعيد السياسي توضحت علاقاته مع “الإخوان المسلمين” خلال حركات الربيع العربي الذي اعتبره فرصة للظهور بمظهر الأخ الأكبر للإخوان للمسلمين في المنطقة، فدعم محمد مرسي في مصر، والإسلاميين المتشددين في سوريا، وحركة النهضة الإسلامية في تونس.

وفي عام 2015، فقد حزبه الأغلبية في البرلمان فأدرك أنه لم يعد بإمكانه الفوز في الانتخابات بمفرده، فتحالف مع الحزب القومي اليميني المتطرف “حزب الحركة القومية” الذي كان يهاجمه بشراسة، حيث جمعت مصالح الحزبين جهودهما للحصول على أغلبية رئاسية وبرلمانية عام 2018، مما وضعه ضمن إطار يمين قومي وديني متشدد.

لكل ذلك ولغيرة، من المتوقع أن تتحذ الانتخابات المقررة بعد أربعة أيام طابع الاستفتاء على حكم أردوغان الذي يواجه معارضة موحدة للمرة الأولى بعد عشرين عاما على توليه السلطة.

يذكر أن استطلاعات الرأي ترجح أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة الأكثر تقارباً من حيث النتائج منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم عام 2002.

وبينما يؤكد كل من الطرفين قدرته على الفوز من الجولة الأولى في هذه الانتخابات، يرجّح أن تحسم نتائجها في جولة ثانية ستقام في وقت لاحق من الشهر الحالي.