لكل السوريين

ممنوعة لكنها تدخل إلى الأسواق.. “البالة” ملجأ الفقراء والأغنياء بحمص

حمص/ بسام الحمد

تنهمك فاطمة في البحث بين أكوام الملابس على إحدى بسطات البالة في سوق الدبلان بحمص معبرةً عن رغبتها وشغفها بألبسة البالة مبررة ذلك بجودتها وأسعارها المنخفضة مقارنة مع أسعار البضائع المحلية الجديدة، وأضافت أنّها لا تشعر بالخجل أو الإحراج من شراء كل حاجياتها من أسواقها بل على العكس تماماً فهي تنفرد بين زميلاتها في العمل بألبسة ذات ألوان وأقمشة مميزة حسب قولها إضافة إلى سعرها المقبول مضيفةً أنّ أسعار الملابس والأحذية في البالة ارتفعت بشكل كبير.

سوق البالة في حمص بات يشغل عموم الأسواق بمحال متفرقة ومتلاصقة حيث تنتشر البسطات والمحلات كما توجد محلات لبيع الألبسة المستعملة في أسواق عديدة، لكونها تجذب المستهلكين بجودة بضاعتها ورخص الثمن نوعاً ما.

يقول أبو أحمد صاحب محل لبيع الألبسة المستعملة في أسواق حمص أنّ روّاد البالة لا يقتصرون على الطبقة ذات الدخل المحدود بل تشمل كافة شرائح المجتمع من مثقفين ومتعلمين وميسوري الحال ومحدودي الدخل، وقال هناك زبائن أقوم بعرض البضاعة أمامهم لاختيار ما يعجبهم قبل عرضها في المحل أو على البسطات مبيناً أنهم زبائن منذ سنوات طويلة فهو يعمل في هذه المهنة منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً أما الإقبال على الشراء فهو متوسط وخاصة أننا في نهاية الموسم الشتوي وهناك تخفيضات، ولكن انخفاض القدرة الشرائية أثرت سلبياً على كلّ نواحي الحياة ومن ضمنها ألبسة البالة، وأشار أن سعر القطعة الواحدة تتراوح في محله بين 15 -20 ألف ليرة، وأنّه يوجد قطع ملابس يصل سعرها إلى مئة وخمسين ألف ليرة.

ويشيد صاحب البسطة بنوع الأقمشة ونظافة القطعة وغير ذلك، وأكد أنّه لولا وجود ألبسة البالة لاشتكى الناس أكثر من حاجتهم للملابس فالملابس الجديدة باهظة الثمن ولا يمكن لأي شخص الشراء منها وإنما هي لأشخاص محددين على عكس البالة التي يرتادها جميع الناس من كل الطبقات، كما أن أسعار ملابس البالة ارتفعت لصعوبة الاستيراد وخطورته، مؤكداً أنّه بعد (فرد الألبسة والأحذية) بإخراجها من الأكياس الخاصة بها تنتهي مخاوفهم بمصادرتها من قبل الجمارك فهذا ليس من اختصاص أحد إلا في حال تمّت المصادرة والبضاعة معبأة في أكياس ومختومة.

ولوسائل التواصل دور لا يمكن اخفاؤه في تسويق الألبسة والأحذية حسب ما قاله أيوب صاحب أحد المحلات فهو يسّوق لبضاعته عبر الإنترنت ويعرض بضاعته لجذب الزبائن وقد بات البيع عبر الإنترنت أكثر رواجاً وأرخص ثمناً من التوجه إلى السوق، وأضاف أنّ الشراء لم يعد مقتصراً على سوق محدد أو مدينة معينة بل يشمل كل المحافظات وذلك عبر الشحن بشركات النقل مضيفاً أجرة الشحن على حساب الزبون وهذا ما أكدته ريم التي تشتري كل لوازمها عن طريق الإنترنت فهي تتابع صفحات لبيع الألبسة والأحذية المستعملة في جميع المحافظات وتختار ما يعجبها وتريح نفسها عناء الذهاب للسوق لذلك ترى في الإنترنت وسيلة مريحة وعصرية.

وفيما يخص استيراد ألبسة البالة والصعوبات التي تتعرض لها أوضح طبيب في أحد مشاف حمص أنه يشترط في ثياب البالة أن تكون خالية من الحشرات والمواد الكيميائية الضارة بالصحة وخاصة التي تسبب إصابات جلدية والتهابية وتحسسية كما ويشترط فيها أن تحمل شهادة تفيد بتطهيرها أو يتم تطهيرها من خلال الحجر الصحي في الموانئ ومن شروط الاستيراد أيضاً تقديم تعهد بتعقيم الشحنات محلياً وأمّا الجهة المسؤولة عن الرقابة على الشحنات المستوردة من الثياب من حيث مطابقتها للشروط الصحية واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال وجود أي مخالفة فهي مديرية الجمارك.

بيد أن الجمارك تقول إن استيراد الألبسة المستعملة (البالة) ممنوع ولم يتم منح إجازات استيراد لهذه المادة في أي فترة سابقة كونها ممنوعة بموجب أحكام التجارة الخارجية، وهي ممنوعة نظراً لتوفر ألبسة محلية الصنع بكميات فائضة عن حاجة السوق ومتنوعة من حيث الأنواع والأسعار

لكن الموجود منها في الأسواق من الممكن أن تكون مهربة كما أنها من الممكن أيضا أن تكون ألبسة مستعملة يقوم أصحابها ببيعها على أنها بالة محلية، كما يمكن أن تكون ألبسة جديدة مصنعة محلياً ويوجد بها عيب معين أدى إلى بيعها في سوق البالة.

حيث تقوم مديرية الجمارك ومن خلال الضابطات الجمركية التابعة لها، بعملها بملاحقة مهربي البضائع التي يتم إدخالها بشكل غير نظامي وتقوم بتحقيق المخالفات الجمركية وملاحقة فاعليها، حيث تم منذ بداية عام 2023 وحتى تاريخه تحقيق مخالفات متعددة لألبسة بالة مهربة وتم استيفاء الغرامات عنها والتي تقدر بمئات الملايين من الليرات.

ثم أن قضايا تهريب البالة من بين أكثر قضايا التهريب التي تحققها الجمارك، كما نوهت في هذا الصدد للمواطنين عدم شراء أو تداول هذه الألبسة لما لها من آثار صحية واقتصادية على المجتمع.