لكل السوريين

بأقل من التكلفة.. مزارعون القمح مستاؤون بسبب تسعير الحكومة

تقرير/ جمانة الخالد

صُدم مزارعو القمح في حماة وحمص من التسعيرة التي وضعتها الحكومة السورية الأسبوع الماضي، نتيجة قلتها وعدم تغطيتها لتكاليف الإنتاج، وتكبد المزارعون خسائر فادحة نتيجة ارتفاع تكاليف زراعة القمح لا سيما في ظل قلة الدعم الحكومي للمزارعين.

وحدد مجلس الوزراء تسعيرة القمح بـ 2300 للقمح و2000 ليرة للشعير، وهي مبلغاً متدن جداً، بينما سعرتها الحكومة العام الفائت بـ 1900 ليرة تضاف لها 200 ليرة مكافأة توريد، حينها كان سعر صرف الدولار 3900 ليرة بينما وصل هذا العام إلى 8000 ليرة، الأمر الذي سيسبب خسائر فادحة للمزارعين.

وكشف اتحاد الفلاحين عدم رضاه بالتسعيرة، وتوجه الاتحاد للمطالبة بتعديل سعر القمح لهذا الموسم من جديد ليتناسب مع تكاليف زراعته، ووفقاً لمصادر أن الاتحاد سيطالب برفع سعر كيلو القمح لهذا العام إلى 3 آلاف ليرة سورية، وستتم التوصية بهذا السعر بعد مؤتمر القمح القادم والذي سيعقد قبل بداية موسم الحصاد لهذا العام بتاريخ 6 أيار 2023.

وشهدت التسعيرة حالة رفض كبيرة وانتقادات واسعة، شهدها قرار الحكومة الأخير والذي تضمن تسعيرة كيلو القمح هذا العام بـ 2300 ليرة سورية، والشعير 2000 ليرة سورية، حيث اعتبره الأغلبية من المتابعين من نواب في مجلس الشعب وإعلاميين ومهندسين ومتخصصين في الشأن الزراعي وحتى المسؤولين لدى اتحاد الفلاحين، أنه قرار مجحف وغير مدروس ومخيب للآمال، ومن وضعه ليس قريب من الواقع ولا دراية عنده بأسعار التكلفة الحقيقة.

ويتوقع البعض أن سبب التسعيرة المتدن، أن هذا العام يتميز بموسم وفير من القمح والشعير والعدس، حيث أن الأمطار توزعت بنسب ممتازة خلال شهري آذار ونيسان وجميع الفلاحين آملين بإنتاج وفير من القمح يوفر على الحكومة الاستيراد الخارجي.

لكن بعد أن صدرت التسعيرة من قبل الحكومة لهذا الموسم بـ /2300/ ليرة سورية فقط للكيلو غرام من القمح و/2000/ ليرة سورية الشعير وبهذه التسعيرة تحطمت آمال الانتظار لسعر يلبي طموح الفلاحين ويراعي التكلفة الحقيقية والجهد المبذول من الفلاحين مما ينعكس سلباً على عمليات التسويق.

‏وسيؤدي ذلك لخلق سوق موازٍ بأسعار مرتفعة أكثر من السعر المحدد من قبل الحكومة مما قد يؤدي إلى عزوف الفلاحين بالموسم القادم عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي واستبداله بزراعات توفر دخل أفضل لهم.

واعتبر ناشطون أن المعنيين باتخاذ القرار، مفصولون عن الواقع،  يقول أحدهم “لو جبنا خبراء من سوق الجمعة (المستعمل) لدراسة التكاليف الحقيقية لمحصول الشعير والقمح ما كانوا بيحطو تسعيرة  2000- 2300 ليرة للكيلو لهذا الموسم”.

ويقول مهندسون زراعيون أن التسعيرة التي تم الإعلان عنها لا تتوافق والواقع الفعلي التكاليف التي يتحملها الفلاح في زراعة محصول القمح معتبراً ذلك إجحافاً بحق المزارعين، لأن التكلفة للدونم الواحد هذا العام بلغت 800 ألف ليرة سورية لمن يمتلك أرضاً، فيما وصلت إلى مليون ونصف ليرة للمستأجرين.

ووفقاً للسعر الحكومي يبلع مردودية الدونم الواحد 690 ألف وسطياً وهذا أقل من قيمة التكلفة وهذه مشكلة تحتاج برأيه إلى إعادة نظر من جديد بمسألة الأسعار قبل موسم الحصاد المقبل، ومن المفترض أن أقل سعر يكون بين 3500 – 4000 ليرة سورية للكيلو حتى يتسنى للفلاح تغطية مصاريفه وتأمين جزء بسيط مما يساعده على توفير مستلزمات حياته المعيشية.

ووضع الحكومة هذه التسعيرة وفق الأسعار المدعومة أمراً غير معقول لأن 90 بالمائة من الفلاحين يقوّمون زراعتهم بالاعتماد على أسعار السوق السوداء، ومن يقوم أرضه بالأسعار التشجيعية المدعومة من جهة المازوت والبذار والسماء هم قلة جداً ولا يصلون إلى 10 % من الفلاحين.

وبلغت تكلفة الدونم الواحد من القمح تصل إلى 700 ألف ليرة فما فوق منها، فلاحة 60 ألف، وتكاليف زراعة 20 ألف، وبذار مقدار 35 كيلو أقل تقدير تحتاج إلى 100 ألف، وسماد مركب مقدار 25 كيلو بقيمة 100 ألف، وسماد أزوت مقدار 25 كيلو بقيمة 150 ألف، وأدوية أعشاب أقل تقدير 35 ألف للدونم، ومازوت 12 ليتر للري لمرة واحدة بقيمة 90 ألف، ناهيك عن تكلفة الحصاد والتي بلغت العام الماضي ما يقارب 60 ألف للدونم، وهذا العام ربما تصل إلى 100 ألف ليرة سورية، وأيضاً أجور نقل المحصول الى مركز الحبوب.. وغيرها.

في حين متوسط إنتاج دونم القمح في منطقتنا يتراوح بين 350 إلى 450 كيلو غرام فقط ما يعني أن التكلفة تقارب الإنتاج وهذا برأيهم مجحف بحق الفلاح، والسؤال يطرح نفسه من أين سيحصل المزارعون على تكاليف حياتهم المعيشية إذا كانت التكاليف تساوي قيمة البيع خاصة في ظل الغلاء الفاحش حالياً؟