لكل السوريين

الحياة بطرطوس تحقق العدالة في الفقر بين المواطنين

طرطوس/ أ ـ ن

يعاني معظم المواطنين في طرطوس وقراها من مشكلة الفقر،  فحقيقة الأوضاع المعيشية على امتداد السنوات العشر الماضية وحتى اللحظة الراهنة, تميزت باتساع دائرة الفقر, وانخفاض مستوى المعيشة بدرجة غير مسبوقة, وذلك نتيجة لاحتكار معظم الثروة الوطنية في يد فئة قليلة متحكمة بمقدرات المحافظة وطاقاتها الاقتصادية والتجارية.

إضافة إلى انتشار الفساد والإفساد في معظم الأوساط والقطاعات الاقتصادية , مما أدى إلى تفاقم أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار بصورة غير مسيطر عليها, وأضحى لدى المحافظة جيش هائل من الفقراء والعاطلين عن العمل , علاوة على كل ذلك, ستظل جريمة العقوبات الامريكية والاوربية غير المشروعة والكارثية المفروضة على سورية, تزيد من حدة الازمات الاقتصادية وقساوة الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطنون السوريون.

فبحسب الكثير من التقارير، ان كل اسرة مؤلفة من خمسة اشخاص تحتاج الى ما يقارب ال 1,5 مليون ليرة سورية، وهو الحد الأدنى لمستوى المعيشة الذي لا يؤمن أكثر من مستوى الكفاف،  فالزيادات التي طالت الأسعار في أسواق طرطوس وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية أدت فعلياً إلى تآكل القيمة الحقيقية للرواتب والأجور، الأمر الذي يدل بوضوح تام على المعاناة غير المحدودة لذوي الدخل المحدود بصورة خاصة.

وإن 70% من العاملين في دوائر الدولة لا تغطي أجورهم وسطي تكاليف الإنفاق على المواد الغذائية فقط، علما أن وسطي رواتب العاملين في الدولة وبعد زيادات الرواتب الأخيرة يعادل 150 ألف ليرة شهريا، وأن نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر في طرطوس وريفها تقارب 95% وفقا للأسعار الأساسية وموارد الدخل، وأن نسبة العائلات الواقعة تحت حد الجوع تقارب 45%من إجمالي العائلات الواقعة تحت خط الفقر، وذلك لعدة اعتبارات أهمهاعدد أفراد العائلة العاملين وأسعار الصرف المتغيرة وعوامل أخرى.

وان الكلفة المعيشية لأسرة مكونة من خمسة افراد ضمن الحدود الدنيا وفق الآتي: مادة الخبز, تختلف من أسرة لأخرى, وانخفضت حصة الشخص الواحد من أربع ربطات إلى ثلاث في الأسبوع،  وانخفضت مخصصات الشخصين من ست ربطات في الأسبوع إلى خمس,  وان سعر ربطة الخبز المباعة في الأفران الحكومية عبر البطاقة الذكية بـ250 ليرة سورية،  كما يبلغ سعرها لدى معتمدي الخبز بين 350 و500 ليرة,  ويحتاج الفرد من الخبز الى 6000-7000ليرة سورية شهريا, وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أعلنت،  في 3 من تموز 2022، إيقاف السماح للمخابز العامة ببيع كمية 3% من الخبز خارج البطاقة الذكية,  وبقيت شكاوي المواطنين في طرطوس وقراها من استمرار مشكلة الازدحام على الأفران،  وعدم كفاية مخصصات الخبز، إضافة إلى سوء نوعية الخبز المباع عبر المعتمدين  بالرغم من طرح عشرات الآليات لبيع الخبز خلال العامين الأخيرين.

ما تزال الحكومة في طرطوس تفشل في إيجاد حل حقيقي لعلاج الأزمة، وسط تخبط في التصريحات الرسمية أمام مشهد الازدحام والطوابير وإغلاق أفران عديدة بسبب عدم توافر الطحين والمحروقات والكهرباء, إضافة إلى اشتراك الطاقة الكهربائية سواء توفرت ام تم تقنينها ومياه الشرب والاستخدام اليومي للمياه سواء كانت متوفرة عدة ساعات في اليوم ام قطعت لعدة أيام,  والاتصالات والإنترنت في حال توفيرهما مع مجيئ الكهرباء,  وتعبئة أسطوانة غاز مرة واحدة كل شهرين الى ثلاثة اشهر،  ويضاف الى ذلك المصاريف على الخضار والفواكه والمواد البقالية والحصول على الفروج واللحوم مرة كل شهر واحيانا كل ستة اشهر او كل سنة ، ومن ثم مصاريف العلاج والأدوية , التي تختلف حسب امراض الأشخاص  العابرة او الموسمية او الامراض الدائمة , ومصاريف الأطفال في المدارس , لتصل الكلفة الكلية لتأمين المعيشة ضمن الحدود الدنيا  للأسرة الواحدة خلال الشهر الواحد ما بين 800الف ليرة الى 1,5 مليون ليرة السورية, هذا مستثنى منه ايجار منزل للسكن .

مع عجز الحكومة السورية عن مواجهة آثار الارتفاع المتواصل لكلفة المعيشة نتيجة الزيادة المنهجية في أسعار المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لعامة الناس عموما وفي طرطوس خصوصا, مثل : الطحين، السكر، الحليب ومشتقاته، الخضر والفواكه، والأرز ,الشاي, المناديل الورقية ,الزيت النباتي ,السمن النباتي, النقل، ماء الشرب، الكهرباء، الأدوية ومصاريف الطبابة والدراسة، والاسمنت, إضافة للعديد من السلع الاستهلاكية والمواد الصحية, وتزايد فوضى السوق المترافقة بتلاعب التجار  بأسعار عدد كبير من السلع والخدمات ,الضرورية وغير الضرورية, إضافة إلى  التأثير المباشر علي مختلف الأنشطة الصناعية والإنتاجية التي ترتبط بشكل مباشر بقوت وكساء وعيش المواطن اليومي.

ونتيجة الاحداث المأساوية منذ عام 2011 وما تعرضت له سورية من تدمير وتخريب لمختلف البنى التحتية , يمكن القول أن اكثر من ثلثي سكان سورية تتعرض للانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي مقدمتها الحق في التنمية والحق في العمل والحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق والعيش الكريم والبيئة السليمة.

وتزداد هذه الانتهاكات حدة مع تفاقم مشكلة البطالة,  وتشير إحصاءات البطالة بين رسمية وغير رسمية إلى معدل بطالة يتراوح بين15-30% من مجموع السكان في كل المحافظات, ومع تزايد أرقام حجم البطالة المخيفة في طرطوس والتي دفعت بالعديد من الشباب وخاصة من حاملي الشهادات بالهجرة الى الخارج والبحث عن فرص للعيش الافضل, مما أوضح  أن السياسات الحكومية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي و القرارات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية بشكل عام, غير رشيدة ,حيث انها لم تعمل هذه السياسات الاقتصادية على أتباع الخطوات الإصلاحية والضرورية والرشيدة  في مكافحة الفساد وإهدار الموارد الاقتصادية والمال العام ومحاربة البطالة , إنما تسببت في جمود الاقتصاد وتزايد معاناته من إعاقاته الذاتية والموضوعية.

وبالتالي فشل مختلف سياسات الإصلاح الترقيعية وغير الممنهجة من قبل الحكومة السورية, الأمر الذي انعكس بشكل أساسي على تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن,  ودفع شرائح أوسع من المجتمع إلى مزيد من الفقر و التهميش, وكل ذلك كان يتم  تحت شعارات حماية المستهلك من غلاء الأسعار,  وتحسين الظرف المعيشي للمواطنين,  ومحاربة البطالة والفساد.

وترافقت هذه الشعارات مع مختلف الوعود والتصريحات الحكومية المتعلقة بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن وعلى حياته ودخله الذي اصابه التراجع النسبي رغم الزيادات التي طرأت على الرواتب في السنوات السابقة،  إن ما أقدمت عليه الحكومة السورية خطوة غير مبرمجة, وناتجة عن سوء التخطيط المستمر في مؤسسات الدولة, والذي أدى إلى قرارات مرتجلة غير مبررة ناجمة عن تركيب الأخطاء فوق بعضها, للتوهم بالوصول إلى حل غالبا ما يكون إسعافيا وليس علاجيا, و لا يتمتع بأي صفة استراتيجية ولا حتى تكتيكية معقولة, إلى جانب غياب  أية عدالة  في توزيع الثروات الوطنية , فعدالة الفقر ساوت بين المواطنين.