لكل السوريين

الطراز القوطي من أقدم الفنون المعمارية وأعرقها

ظهر فن معماري جديد في أوربا بين العامين 900-1150م وامتد حتى حوالي 1500م، عُرف هذا الطراز المعماري بالطراز القوطي، نشأ في مدينة إيل دو فرانس في فرنسا في كنيسة دير سانت دينيس التي شيدها الأباتِ سوجر، وانتشر هذا النمط بسرعة من الهندسة المعمارية إلى النحت ثم فن النسيج والرسم واتخذ اشكالاً متنوعة.

توسع انتشاره إلى باقي انحاء أوربا، ويعد المهندس الإيطالي جورجيو فازاري أول من أطلق على هذا الطراز من العمارة اسم العمارة القوطية، وينسب إلى قبائل القوط الجرمانية التي اجتاحت إيطاليا في القرن الخامس الميلادي.

لا يوجد فاصل زمني محدد بين الطرازين الرومانسك والقوطي، والطراز القوطي هو امتداد للطراز الرومانسك، رافقه ادخال تجديدات على بناء الأقبية المستخدمة في التسقيف، ويعتبر الطراز القوطي بمثابة نقطة البداية في ظهور نظريات العمارة في عصر النهضة.

مرّ الطراز القوطي بثلاثة مراحل رئيسية:

1- العصر القوطي المبكر من 1135م حتى نهاية القرن 12م.

2- العصر القوطي الكلاسيكي من 1194م حتى نهاية القرن 13م

3- العصر القوطي المتأخر استمر حتى نهاية القرن 16م.

وكما كان لكل طراز معماري خصائصه المميزة، كان للطراز القوطي خصائصه التي يتفرد بها أيضاً، فقد تميز باستخدام العقود المدببة بأشكالها المختلفة، والأقباء الحجرية المتصالبة ذات الاعصاب المتشابكة المتصلة بالأعمدة.

وفي المخطط العام للكنائس نلاحظ اندماج الأروقة الطولية والرواق العرضي ومكان الترتيل ضمن فراغ واحد، وبالتالي تكوين فراغ طولاني للكنائس القوطية، كما استخدمت العقود والأكتاف الطائرة في الهياكل الخارجية، وذلك ساعد بجعل الجدران أكثر شفافية من خلال وجود الفتحات الواسعة التي غطيت بمساحات كبيرة من الزجاج الملون، وغالباً ما تنتهي هذه الاكتاف بأبراج، واستخدمت النافذة الحجرية الدائرية الضخمة على شكل عجلة في واجهات الكنائس القوطية.

تعد التماثيل الضخمة الموجودة على جدران الكاتدرائيات والاديرة من أقدم أشكال الفن القوطي، فقد كان الفن القوطي يجسد غالباً خلال العصور الوسطى قصص من العهد القديم والجديد، وغالباً ما جُسدت حياة القديسين، وبدأت صورة السيدة العذراء تتغير من الأسلوب البيزنطي إلى هيئة أكثر إنسانية وعاطفية وهي تحتضن رضيعها.

وتأثرت العمارة القوطية بالعديد من العوامل التي كان لها تأثيراً مباشراً عليها، أهمها العوامل المناخية بما فيها الامطار والثلوج، والطقس البارد في الشمال، والمعتدل في الجنوب، وذلك ظهر تأثيره في شكل الأسقف ومساحات الفتحات، كما كان للعامل الديني دوراً كبيراً، حيث تم الاهتمام بالمباني الدينية على حساب المباني الخاصة، وعرفت بأبراجها المرتفعة وكأنها أذرع المصلين ترتفع إلى الأعلى مبتهلة إلى السماء معبرين بذلك عن فكرة الخشوع والتضرع إلى الرب.

من أهم النماذج التي تركها الطراز القوطي في العالم، كنيسة نوتردام في فرنسا، وكاتدرائية ميلانو في إيطاليا وكاتدرائية فلورنسا وقصر دودج في فينسيا وكاتدرائية كانتربرى في إنجلترا وكاتدرائية سان بول في لندن.

وفي سورية أهم الأمثلة على الفن القوطي قاعة الفرسان والرواق الذي يتقدمها، وبرج المدخل الحالي وبرج القائد في قلعة الحصن في ريف حمص.

وفي مدينة حلب تم بناء الكنسية الملحقة بمشفى القديس لويس عام 1925م والكنيسة مسقوفة وفق الطراز القوطي المعروف بعقوده المتصالبة النافرة، ويمكن اعتبارها إعادة لأحياء ذلك الفن الذي يعود تاريخ ظهوره أقدم من هذه الكنيسة بكثير.

يعد الطراز القوطي من الأطرزة التي تركت بصمة مختلفة ومميزة في تاريخ العمارة.